كشفت مباريات الدور الرابع لكأس إنجلترا الكثير من الأمور التي تستحق التأمل والدراسة سواء من أرض الملعب أو من التصريحات التي أعقبت المباريات. ربما لا تكون المعلومات الخطيرة التي كشفها جون تيري عن الفترة التي قضاها في صفوف تشيلسي الكلمة الأخيرة في الأمر.. أما مدرب أستون فيلا ريمي غارد، فربما كان على صواب في تركيزه على الدوري، في الوقت الذي لا يزال واين روني نجم مانشستر يونايتد يستقي إلهامه من بوبي تشارلتون. 1- الكشف الدراماتيكي لتيري ربما لا يكون كلمة النهاية لم يخل تصريح جون تيري بعد الفوز على ميلتون كينز بالدور الرابع لكأس إنجلترا بأن نادي تشيلسي قرر ألا يعرض عليه عقدًا جديدًا للاستمرار لموسم آخر، من مناورة سياسية. كانت تلك وسيلة كي يعبر قائد تشيلسي عن وجهة نظره، مع الإيعاز في الوقت ذاته بأن مسؤولي النادي: «قالوا إنه عندما يأتي مدرب جديد، فإن الأمور قد تتغير، لكن الإجابة هي (لا) في الوقت الحالي». وهنا بالتأكيد تأتي الجملة التي تمثل سبيل النجاة من أي مأزق محتمل بالنسبة له إذا ما تبدلت الأمور. في الوقت الحاضر، تبدو كل الأمور ممكنة بالفعل. وقد يكون هناك عرض مطروح بالفعل أمام تيري، والاحتمال الأكبر أن يكون من نادٍ في الدوري الصيني الذي يبدو عازمًا على اقتناص بعض لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الشتاء. ويأمل تيري في داخله أن يطرح تشيلسي عليه عرضًا مكافئًا لذلك العرض. الآن، ومع دخول تيري في الشهور الستة الأخيرة من عقده مع ستامفورد بريدج، أصبح بإمكانه التفاوض مع أي ناد آخر للانتقال في الصيف. لذا، فإن تصريحاته الأخيرة ربما لا تعدو محاولة لإغراء تشيلسي لتقديم عرض جيد له يبقيه في صفوفه، وهو النادي الذي قضى به الأعوام الـ18 الأخيرة كلاعب محترف. بالتأكيد، جاء توقيت تصريحات تيري غريبًا، لدرجة أن مسؤولي تشيلسي اضطروا لإصدار بيان، ألمحوا خلاله إلى أنهم فوجئوا بتصريحات اللاعب، وأنه جاري اتخاذ إجراءات لاحتواء الأمر، خاصة في ضوء اللقاء المرتقب للفريق مع واتفورد غدا بالدوري. وحتى غياب شمس الأحد، لم تبد بعد بوضوح تداعيات تصريحات تيري، مع كل ما حملته من ندم غاضب وإصرار على أن نهايته مع النادي اقتربت. ولا تزال الشكوك مسيطرة على الموقف، مع صدور تلميحات إلى أن أي مدرب جديد قد يرغب في أن تكون له كلمة في تحديد مصير لاعب شارك في 700 مباراة مع ناديه، وما إذا كان ينبغي التخلي عنه أم لا، يكمن العامل المحوري الآن في السرعة التي سيتخذ بها أي من الطرفين خطوته المقبلة: فهل سيوقع تيري لنادٍ آخر، أم سيتمسك تشيلسي به؟ 2- آرسنال أمام هال سيتي مجددًا لا بد وأن المدرب آرسين فينغر ابتهل لله في أعقاب فوزه بهدفين مقابل هدف على بيرنلي وأيضًا قرعة دور الستة عشر. لقد كان المدرب مدركًا تمامًا أنه بعد لقاءات الدور المقبل للكأس، سيواجه فريقه برشلونة يوم 23 فبراير (شباط)، في بطولة دوري أبطال أوروبا. وبدا أن السماء استجابت دعاءه بعدما وضعته القرعة أمام هال سيتي، متصدر دوري الدرجة الثانية. ويعد هذا الموسم الثالث على التوالي الذي يلتقي خلاله آرسنال مع هال سيتي، الذي سبق وأن فاز عليه آرسنال خلال المواجهتين الأخيرتين - كان أشهرها مباراة نهائي الكأس عام 2014، التي شهدت احتساب وقت إضافي وحملت قدرًا بالغًا من الإثارة. ومع ذلك، فقد أثارت القرعة تساؤلات حول قدرة آرسنال على القتال على ثلاثة جبهات. كالعادة، جاءت إجابة فينغر، الذي يغيب عن فريقه حاليًا ثلاثة لاعبين: داني ويلبيك وجاك ويلشير وسانتي كازورلا، متفائلة، وقال: «إذا نجحنا في الحفاظ على اللياقة البدنية للجميع، سنتمكن من القيام بذلك. أمام بيرنلي، قررت منح راحة لمونريال وبيليرين ورامزي ووالكوت وأوزيل وبالطبع ميرتيساكر (الذي تعرض للإيقاف). 3- ربما كان غارد محقًا في تركيزه على الدوري قد يرى البعض أن هبوط أستون فيلا أصبح في حكم المؤكد، وقد يتفق مع هذا الرأي الكثيرون ممن تابعوا مباراته مع مانشستر سيتي. ومع ذلك، اعترف المدرب ريمي غارد لاحقًا أنه أدخل بعض التعديلات على الفريق، واضعًا نصب عينيه المباراتين القادمتين بالدوري الممتاز لتحديد مسار الفريق. وبالنظر إلى جدول المباريات، يتضح أن مصير أستون فيلا قد يحسم هذا الأسبوع. سيخوض الفريق لقاءً على أرضه أمام وستهام (اليوم)، ثم يزور نوريتش في عطلة نهاية الأسبوع. ويتعين على أستون فيلا الفوز بالمباراتين وفي حال حقق ذلك سيبقى على بعض الأمل. أما إذا لم يفز، فإن هذا يعني استمرار أزمة الثقة التي تعصف بالفريق في وقت من المقرر أن يخوض مجموعة من المواجهات الصعبة أمام أندية مثل ليفربول وإيفرتون وستوك سيتي ومانشستر سيتي وتوتنهام. وعليه، فإن أستون فيلا ليس أمامه سوى الانطلاق بداية من هذا الأسبوع، لأن أية نقاط يكسبها من لقاءات أخرى قد تأتيه بعد فوات الأوان. 4- فرصة كلوب لإبداء ثقته ربما كان أهم ما ميز مباراة ليفربول ووستهام التي انتهت بالتعادل من دون أهداف، هي تفوق اللاعبين الناشئين على أقرانهم الأكثر خبرة، وأداء دارين راندولف الرائع، وشكاوى يورغن كلوب المتكررة من جدول المباريات. ومع ذلك، يتمثل عنصر آخر مهم تجلى خلال المباراة في تقديمها مثالاً آخر على إيمان مدرب ليفربول بضرورة تقبل المسؤولية من مختلف عناصر الفريق، وذلك بعدما أصبح جو ألن اللاعب السابع الذي يرتدي شارة القائد في المباراة رقم 26 تحت ولاية كلوب. يذكر أن بريندان رودجرز مدرب ليفربول السابق كثيرا ما اشتكى من غياب عنصر القيادة داخل فريقه، وهي شكوى أحيانا ما تكون مبررة. لكن من خلال ثقته في لاعبيه أصحاب السن الصغيرة في إطار بطولة الكأس، فقد عمل كلوب على منح لاعبيه فرصة تحمل المسؤولية والتعامل مع هذه المشكلة. بالنسبة لجو ألن، الذي ينتهي تعاقده نهاية الموسم القادم، فإن شارة القائد تأتي تعبيرًا عن ثقة مدربه به في اللحظة المناسبة. يذكر أن اللاعبين الآخرين الذين اختارهم كلوب لارتداء شارة القائد هم جوردون هندرسون وجيمس ميلنر ولوكاس ليفا وكولو توريه وكريستيان بينتيكي وخوزيه إنريكه وآندي هنتر. 5- درس تاريخي لأيتوربي جاء انتقال خوان أيتوربي من روما إلى بورنموث في إطار اتفاق إعارة كواحد من الصفقات المهمة التي شهدها موسم الانتقالات. يذكر أنه بعد ضمه من فيرونا مقابل 16 مليون جنيه إسترليني في يونيو (حزيران) 2014، قدم اللاعب البالغ 22 عامًا، والذي خاض مباراة ودية واحدة مع منتخب الباراغواي ثم أعلن منذ ذلك الحين ولاءه لوطنه الأرجنتين، بداية واعدة داخل العاصمة الإيطالية، لكن سرعان ما تراجع أداؤه. وقد تمكن أيتوربي من إظهار لمحات من حقيقة قدراته ومهاراته خلال الفوز أمام بورتسموث، لكن مدربه، إيدي هوي، يعي جيدًا أنه لا تزال لديه كثير من الإمكانات. وعن هذا، قال: «ربما لم يكن معتادًا لما شهده النصف الأول من المباراة من أحداث، لكن تبقى موهبة خوان أمرًا لا شك فيه، فهو لاعب متميز. ولا أزال أشعر أن هناك حاجة لتعديل رؤيتنا في التعامل معه كي نتمكن من استثارة أفضل ما لديه». من جانبه، كشف قائد الفريق، تومي إلفيك، أن اللاعبين المنضمين حديثًا إلى النادي يجري إعطاؤهم دروسًا في تاريخ النادي من جانب المدرب لدى انضمامهم. ونظرًا للسنوات الطويلة التي قضاها هوي في صفوف النادي، فإن أيتوربي قد يستفيد كثيرًا من وراء الإنصات إليه. 6- تساؤلات حول منظومة الناشئين لدى كولشستر إذا ما أصبح كولشستر يونايتد بالفعل، مثلما يبدو محتملاً على نحو متزايد، واحدًا من أندية دوري الدرجة الثانية الموسم القادم، فإنه بذلك سيصبح النادي الوحيد في هذا الدوري الذي يملك أكاديمية مصنفة ضمن الفئة الثانية. الملاحظ أن النادي استثمر مبالغ ضخمة في إعداد ناشئيه، معظمها على حساب ميزانية الفريق الأول. وتتضح نتيجة هذا الأمر لدى زيارة ملعب التدريب الخاص بالنادي والنظر إلى الفريق الذي واجه به توتنهام هوتسبر. خلال اللقاء، نجح أليكس غيلبي، لاعب خط الوسط المتمكن الذي يبدو أنه سينتقل حتمًا يومًا ما إلى الدوري الممتاز، في خطف الأنظار إليه. ولا شك أن المرء يشعر بالسعادة لدى رؤيته لنادٍ ينتمي للقسم الأدنى من كرة القدم الإنجليزية يتبع النموذج التنموي الذي لا يزال نادٍ مثل كرو ألكسندرا مستمرًا في تطبيقه بكل حماس. ومع ذلك، فإن الأمور تزداد صعوبة، نظرًا لارتفاع التكاليف السنوية على نحو يفوق قدرة غالبية الأندية المشتركة في دوري الدرجة الثانية، بل وبعض أندية دوري الدرجة الأولى. وعليه، فإنه من السهل تفهم المخاوف التي تشعر بها كثير من الأندية، فرغم كل الحديث المنمق حول خدمة الكرة الإنجليزية، يبدو أن «خطة تعزيز أداء صفوة اللاعبين» مصممة لخدمة مجموعة منتقاة محدودة العدد. من جانبه، يعد كولشستر يونايتد فريدًا من نوعه فيما يقوم به، والأمل أن ينجح بالفعل في جني ثمار ما يزرعه خلال الفترة القادمة. ويبدو هذا النادي نقطة بداية منطقية وواعدة للاعبين الصغار على نحو يفوق الكثير من الأندية الأخرى الأبرز. ومن المخزي أن تتسبب المنظومة الرياضية القائمة في خلق صعوبات أمام أندية أخرى بذات مستوى كولشستر في مجال تنمية المواهب الناشئة. 7- تحطيم الرقم التهديفي قد يساعد روني ويونايتد أصبحت لدى مانشستر يونايتد عادة في الفوز بمباراة أو اثنتين كلما بدا أنه على وشك السقوط في أزمة مطبقة، وبالتأكيد كان هذا التفكير السائد بعد الفوز المريح على ديربي كاونتي في الكأس. نجح يونايتد في تحقيق الفوز بسهولة ولا يمكن إغفال أن واين روني، الذي أحرز هدفه الأول الرائع في الشوط الأول، وهو السادس له في آخر ست مباريات خاضها، يكتسب ثقة متزايدة. أحرز روني 13 هدفا في مسيرة صعبة، ويفصله الآن 6 أهداف عن الرقم القياسي المسجل باسم بوبي تشارلتون. وأظهر يونايتد، خارج أرضه على الأقل، عددا من المؤشرات على أنه يكتسب مزيدا من القوة هذا الشهر، وروني المنتعش يمكنه استنهاض أفضل ما لدى زملائه مثل أنطوني مارسيال وخوان ماتا، وكلاهما قدم عروضا مشجعة على ملعب ديربي. وما زالت هنالك اختبارات أصعب بانتظار الفريق، لكن اقتراب روني من تحطيم رقم تشارلتون سوف يعطيه - أدرك هذا أم لا - حافزا إضافيا لدفع يونايتد. 8- هل يرقى سواريز إلى ما يحمله هذا الاسم من دلالة؟ إتمام صفقة ماريو سواريز، في أعقاب التعاقد مع نور الدين أمرابط، وكوستيل بانتيليمون، يعني أن مشجعي واتفورد يمكن أن يكونوا في غاية السعادة بسبب التعاقدات التي تمت خلال انتقالات يناير (كانون الثاني). وإذا كان يمكن تصديق الشائعات بأن واتفورد أضاع فرصة التعاقد مع أندروس تاونسند، فإن الـ12 مليون جنيه إسترليني التي دفعها نيوكاسل للتعاقد مع جناح توتنهام السابق تمثل قيمة مثيرة للتساؤلات، وهذا دون شك مقارنة بالـ10 ملايين إسترليني التي تم دفعها مقابل أمرابط وسواريز معا. وفقا لمدرب واتفورد، سانشيز فلوريس، رفض سواريز عرضا من فالنسيا من أجل التوقيع على عقد مدته 4 سنوات ونصف مع واتفورد. ويبدو من الواضح أن علاقتهما التي توطدت على مدى عام في أتليتكو مدريد كانت لعبت الدور الأساسي في هذا القرار. وصف فلوريس لاعبه سواريز بأنه «محوري»، وإذا تمكن من استعادة مستواه، فإن لاعب الوسط المدافع، فسيلمع اسمه شأن لويس سواريز (نجم ليفربول السابق وبرشلونة الحالي)، باعتباره من صفقات يناير التي تثبت أنه من الممكن إتمام تعاقدات ممتازة في وسط الموسم. 9- أرضيات الملاعب لم تعد تساوي بين الجميع لدى غراهام ريستلي نظرية مشوقة عن السبب في قلة الانتصارات التي تحققها الفرق الصغيرة مقارنة بنتائجها في الفترات السابقة: وهو نقص الملاعب الرديئة. قال بعد مباراة بيتربره ووست بروميتش التي انتهت بالتعادل 2 - 2، «من الأشياء التي تغيرت عن السنوات الماضية، أن أرضيات الملاعب لم تعد العامل الذي يساوي بين الجميع». وأوضحت: «أرضيات الملاعب على كل المستويات صارت أفضل، ومن ثم يصبح هناك وقت أطول لتألق اللاعبين الجيدين. انظر على سبيل المثال إلى أرضية الملعب عندما هزم ريكسهام فريق آرسنال (في 1992)، وستجد أن أرض الملعب جعلت مهمة اللاعبين أصحاب الفنيات العالية صعبة. إن اللاعبين أصحاب المهارات الفنية الرفيعة تكون لديهم الفرصة للتألق متى كانت هناك ملاعب جيدة وقد يكون هذا من العوامل. هناك سبب لوجود لاعبين من أصحاب المستوى الرفيع ولاعبين متواضعي المستوى». لكن ريستلي كان حريصا على أن يؤكد أن فريقه ليس مجرد مجموعة عادية من اللاعبين متواضعي المستوى. وأوضح: «الفارق الوحيد بالنسبة لنا أن لدينا لاعبين صغار السن تم استقدامهم لأنهم أفضل ناشئين في الدرجات الأدنى، ومستوياتهم تتطور. لا يمكن التقليل من شأن لاعبينا». 10- أكسفورد يستحق كل نجاح وبدء صفحة جديدة هناك شيء غريب نوعا ما بشأن ملعب «كاسام» معقل نادي أكسفورد يونايتد منذ انتقاله من ملعب «مانور غراوند» في 2001. يحمل الملعب اسم رئيس النادي السابق، فيروز كاسام، والذي ما زال يملكه. والغريب في الأمر أنه يضم أروع تمثال قد تراه لثور برونزي قوي العضلات، لكن يبدو أن أحدا لم ينتبه إلى أن الملعب ينقصه جانب مدرج رابع. وبعيدا جدا عن حقيقة أن هذا يجعل زجاج السيارات المصطفة قريبا جدا، معرضا للدمار من التسديدات القوية، فإن غياب هذا «الجدار الرابع» المهم، وإن كان محبذا في الدوائر المسرحية، فإنه سيجعل الملعب الرائع يبدو غير مكتملا وغريبا بعض الشيء. في مباراة أثارت بعض النقاط الجديرة بالدراسة، دعونا لا نفترض بأن هذا من الأمور الملحة، لكن أكسفورد بقيادة مايكل أبلتون يبدو من الفرق التي ينتظرها النجاح في المستقبل. وفي حال صعودهم إلى دوري الدرجة الأولى خلال المواسم القليلة القادمة، يصبح هناك أمل بأن يشتروا الملعب من مالكه الحالي، ويتغلبوا على أية صعوبات قانونية مع المجلس المحلي لاستكماله.
مشاركة :