وصل غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسية إلى العاصمة السويسرية جنيف يوم أمس (الاثنين)، حيث من المفترض أن يجري لقاءات يبحث خلالها مسار المشاورات غير المباشرة التي تجري حاليا بين وفدي المعارضة والنظام، بوساطة المبعوث الدولي إلى الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا. ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن غاتيلوف قوله إنه سيشارك في مشاورات ثلاثية، روسية - أميركية - أممية حول عملية التفاوض في جنيف، كما سيلتقي كلا من بشار الجعفري رئيس وفد دمشق، وزعيم «حزب الأكراد السوريين»، دون أن يوضح من التنظيمات الكردية تماما يقصد بعبارته هذه. وحتى اللحظة لم يتضح ما إذا كانت روسيا، كونها واحدا من الرعاة الدوليين الرئيسين للعملية السياسية السورية، شاركت مع الرعاة الآخرين بتقديم الضمانات للمعارضة السورية أم لا، بخصوص تنفيذ ما نص عليه القرار 2254، لا سيما أنها طرف في القضية الخلافية بهذا الصدد التي هددت مؤتمر جنيف - 3 بالفشل قبل بدايته، حين طالبت المعارضة بتنفيذ بنود القرار الدولي المتعلقة بوقف القصف وفك الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية، باعتبار أن القرار نفسه ينص على «التنفيذ الفوري» لهذه القضايا، بينما رأت روسيا ومعها دمشق وطهران أن هذه المطالب شروط مسبقة ومرفوضة. ويشوب الموقف الروسي بعض الغموض حتى اللحظة بشأن الهدف النهائي الذي تم عقد المؤتمر لتحقيقه. وبينما تؤكد جميع الأطراف الدولية والإقليمية المرافقة لتطورات الأزمة السورية، أن الهدف النهائي تشكيل هيئة حكم انتقالي بالتوافق بين الأطراف السورية، ما زالت روسيا تدفع بموضوع محاربة الإرهاب أولاً، فضلا عن تأكيدها مرة تلو الأخرى على لسان كبار مسؤوليها، أن النتيجة النهائية للمفاوضات يجب أن تكون التوافق على إصلاحات سياسية، وفق ما قال لافروف مؤخرًا. وأمس، قال نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي إن روسيا «ستحرص على أن تجري العملية السياسية في سوريا خلال الإطار الزمني الذي حددته لها مجموعة فيينا ومجلس الأمن الدولي، أي خلال عام ونصف العام». أما الخطوة الهامة التالية بعد العملية السياسية حسب ما يرى باتروشيف، فهي «تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتبني دستور جديد، وعلى أساسه البدء بالتحولات الضرورية، وإجراء انتخابات». وإذ لا يمكن اعتبار كلام سكرتير مؤسسة بحجم وأهمية مجلس الأمن القومي الروسي، على أنه سوء معرفة بالوضع أو زلة لسان، فإن حديثه عن «حكومة وحدة وطنية تلي العملية السياسية»، أي بعد مؤتمر جنيف، يعني خروجًا عن الثوابت التي اتفق عليها الجميع كأسس للحل، وتتمسك بها المعارضة السورية، أي بيان جنيف - 1 الذي أشار بوضوح إلى «الانتقال السياسي» وكذلك عن نص القرار 2254 الذي يؤكد على مرجعية جنيف - 1 ويشير أيضًا في فقراته إلى «الانتقال السياسي» في سوريا. وعليه يبدو أن المفاوضات الحالية حاليا في جنيف مقبلة على تحديات جدية تحمل معها التهديد باحتمال فشل المؤتمر في مرحلة لاحقة، إن فشلت القوى الدولية في إعادة الأمور إلى المسار المتفق عليه للمفاوضات، كما شرحته الوثائق الدولية ذات الصلة. كما تناول نيكولاي باتروشيف في تصريحاته موضوع مكافحة الإرهاب، وأشار إلى ضرورة «تحديد مواقع المجموعات غير المتطرفة والمستعدة للتصدي للإرهاب، بغية استثنائهم من قائمة الضربات الجوية» الروسية. ويُذكر سكرتير مجلس الأمن القومي بـ«الواجب المنزلي» حول «قائمة المنظمات الإرهابية» وضرورة تشكيل وفد موسع للمعارضة. وهذه أيضًا «ألغام» لم تتفجر بعد بوجه مفاوضات جنيف، بانتظار أن يتفق أعضاء مجلس الأمن، وكذلك المجموعة الدولية لدعم سوريا (مجموعة فيينا) على قائمة المجموعات المسلحة في سوريا التي يجب اعتبارها إرهابية. ويتوقع المراقبون أن يتم إيجاد مخرج من معضلة «قائمة المجموعات الإرهابية» على ضوء تصريحات نُسبت لجينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، قال فيها إنه «يمكن لممثلي (جيش الإسلام) و(أحرار الشام) المشاركة في مفاوضات جنيف»، لكن قد تطفو على السطح عقدة مشاركة «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» الذي تعارض تركيا مشاركته وتعتبره إرهابيًا. وما قد يعقد إيجاد مخرج من هذا الموضوع، تصاعد حدة التوتر مجددًا بين موسكو وأنقرة على خلفية الاتهامات التركية لمقاتلة روسية بانتهاء الأجواء التركية، ونفي روسيا للواقعة.
مشاركة :