تونس - تشهد العلاقة بين قطر وتونس نوعا من الدفء ومحاولات للتقارب بعد فترة من البرود اثر اتخاذ الرئيس قيس سعيد للإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 والإطاحة بحكم حركة النهضة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع السلطات في الدوحة. ويظهر ان الأزمة المالية التي تعاني منها تونس باتت بابا يمكن للدبلوماسية القطرية المرور من خلاله لتوطيد العلاقات مع الحكام الجدد في تونس وربما للعب دور وساطة بين السلطات التونسية والرئيس سعيد فيما يرى مراقبون ان الموقف القطري يعتبر طوق نجاة للحكومة التونسية التي تبحث عن موارد ودعم مالي خارجي في ظل أزمتها الخانقة وفشلها إلى حد الان في الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار. واستقبل الرئيس التونسي الاثنين بقصر قرطاج محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، مساعد وزير الخارجية القطري للشؤون الإقليمية، مبعوثا خاصا محملا برسالة شفوية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وذلك وفق بيان نشر في الصفحة الرسمية لمؤسسة رئاسة الجمهورية على الفايسبوك. وجدد سعيد وفق البيان "الإعراب عن حرص بلادنا على إعطاء دفع جديد لعلاقات التبادل والاستثمار والشراكة مع قطر لا سيّما عبر تنفيذ الاتفاقات الثنائية، وكذلك إنجاز مشاريع استثمارية وتنموية في تونس في القطاعات ذات الاهتمام المشترك لما فيه خير ومنفعة الشعبين الشقيقين". ونقل مساعد وزير الخارجية القطري خلال هذا اللقاء "رسالة احترام وتقدير من أمير دولة قطر إلى رئيس الجمهورية وتمنياته لتونس ولشعبها بالازدهار والنماء قائلا " بأن قطر ستظل دوما سندا لتونس وهي حريصة على توثيق العلاقات الثنائية وتعزيزها ومواصلة ترسيخ قيم الأخوة والتآزر". وتشير هذه الزيارة والرسالة الشفوية من قبل امير قطر رغبة الدوحة لإنهاء جمود العلاقات بين البلدين منذ صيف 2021 حيث اعتبرت قطر داعما رئيسيا للحركة الإسلامية وذلك وفق معارضيها. وشنت الأذرع الإعلامية لقطر خاصة قناة الجزيرة حملة إعلامية واسعة ضد الرئيس التونسي وضد مساره السياسي منذ اتخاذه الإجراءات الاستثنائية. ولا يتوقع ان ترفع قطر في ظل جهودها للتقارب مع سعيد غطاء دعمها عن حركة النهضة او القوى السياسية المتحالفة معها حيث يرى مراقبون ان تلك القوى ستظل ورقة بيد الدوحة لكن قطر يمكن في المقابل ان تلعب في مرحلة مقبلة دور الوساطة بين الحركة والسلطات التونسية رغم اصرار الرئيس قيس سعيد على محاسبة من تورطوا في العشرية الماضية. ويعتقد ان توجه الوفد القطري الى الجزئر للقاء الرئيس عبدالمجيد تبون بعد زيارة تونس تاتي لبحث عن تفاهمات ووساطة بين النهضة وسعيد خاصة وان الجزائر ترتبط بعلاقات طيبة مع الطرفين. وترتبط تونس بعلاقات اقتصادية هامة مع قطر منذ ثورة 2011 حيث دعمت الدوحة ماليا واقتصاديا وإعلاميا عشرية الحكم الماضية لكن مراقبين يرون ان السلطات القطرية تفاجأت بإقدام الرئيس التونسي على اتخاذ الإجراءات الاستثنائية والإطاحة بمنظومة حكم تقودها أطراف سياسية قريبة منها. وقد اختار رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي الإقامة في قطر بعد إنهاء سلطاته حيث ظهر في عدد من الاجتماعات لأمير قطر وهو ما ثل حينها رسالة قوية وسلبية للسلطات التونسية وللرئيس سعيد. وقد تفاعل الرئيس التونسي بايجابية كبيرة مع محاولات الدوحة الأخيرة للتقارب حيث أجرى مكالمة هاتفية مع أمير قطر "لشكره على إيفاد سعادة الدكتور محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية، وعلى استعداد دولة قطر للوقوف إلى جانب الشعب التونسي في مواجهة كل المصاعب المالية التي تعيشها تونس". ويرى مراقبون ان الازمة المالية الخانقة التي تمر بها تونس فرضت على الرئيس سعيد التعاطي بشكل ايجابي مع المواقف القطرية وذلك بحثا عن دعم مالي. بدورها تاتي الجهود القطرية في ظل سعي الدوحة لتصفير مشاكلها مع عدد من الدول العربية مثل مصر حيث تجاوز البلدان مرحلة الخلافات وقررا المضي قدما في تعزيز التعاون الاقتصادي فيما فتحت القاهرة أبوابها امام الاستثمارات القطرية.
مشاركة :