"الدرعية" مهد الدولة السعودية وانطلاقة أمجادها

  • 2/21/2023
  • 13:42
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

سادت حالة من الاستقرار في منطقة وسط الجزيرة العربية حينما قدمت قبيلة بني حنيفة من الحجاز وحلت في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة حيث اختار حجر اليمامة مستقرا له وعشيرته عام 430، ثم ازدهرت "حجر" لتكون أعظم مدن اليمامة ويتزعمها ملك اليمامة في عصره: ثمامة بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع النبي محمد "صلى الله عليه وسلم". وتعاقبت الأحداث على وسط الجزيرة العربية وعاشت أزمانا من الإهمال والفرقة والانقسام حتى تأسست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850 الموافق 1446، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن "رحمه الله" والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والجد الرابع عشر للأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وكان تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة التي تفردت بها الدرعية دون غيرها من المدن والبلدات، في حين قد كان لدولة المدينة تاريخ عريق في منطقة شبه الجزيرة حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إليها مثالاواضحا لدولة المدينة. وفي عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1139الموافق 1727وعاصمتها الدرعية واستمرت حتى 1233الموافق 1818، وامتدادا للدولة السعودية الأولى وبعد انتهائها تأسست الدولة السعودية الثانية على يدي الإمام تركي بن عبدالله 1240 - 1309الموافق 1824 - 1891، وصولا إلى تأسيس السعودية على يد الملك عبدالعزيز الفيصل "رحمهم الله جميعا" عام 1319الموافق 1902، التي تشهد اليوم تطورات واسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمساندة عضده الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وهذا التاريخ العميق استحق أن يستذكر تفاصيله أبناء السعودية إذ يعبر عن تاريخ دولتنا العريق والممتد من 3 قرون، لذلك صدر الأمر الملكي الكريم بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1443الموافق 27 يناير 2022 بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوما لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم "يوم التأسيس". وشكلت المملكة على مدار تاريخها ثقلا سياسيا في المنطقة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز وحكمة قادتها حتى جعلت منها نقطة توازن إقليميا وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما أكدت المنعطفات التاريخية التي مرت بها الدولة السعودية مدى ما يربط أبناء المملكة وأشقاؤهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من علاقات عميقة امتدت لقرون عديدة وتجذرت على مدار الأعوام، وما نراه اليوم هو نتاج لما أصله الآباء والأجداد. وفيما يتعلق بتحديد تاريخ يوم التأسيس، فقد استنتج المؤرخون هذا التاريخ بناءعلى عدد من الأحداث التاريخية التي حدثت خلال تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139الموافق 22 فبراير 1727، كما شهدت الدولة منذ بداية عهده العديد من الأعمال والإنجازات من أبرزها: تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتوحيد شطري الدرعية وتقويتها لتكون عاصمة للدولة، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده. كما شهدت الدولة السعودية الأولى تنظيم الموارد الاقتصادية، والتفكير في المستقبل، كما تم في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة. ويمثل يوم التأسيس مناسبة وطنية عزيزة توضح مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة السعودية لـ 3 قرون، فمنذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود وهي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيحة، والحكم الرشيد، والتنمية المستمرة للبلاد، وتعزيز مكانتها محليا وإقليميا وعالميا، وكانت خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن أولوية قصوى لأئمة الدولة السعودية وتوارثها ملوك المملكة وصولا إلى الملك سلمان بن عبد العزيز. وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها: نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت استقرارا كبيراوازدهارا في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ومساندة البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار. وعودة إلى مرآة تاريخ الدولة السعودية "الدرعية" فقد حكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية التي أصبحت مركزا حضاريا، تميزت بموقعها الجغرافي في كونها مركز طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، ما أسهمت في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة. وخلال عهد الإمام محمد بن سعود ومن بعده من الأئمة أصبحت الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، وتحتضن على ترابها معالم أثرية عريقة مثل حي غصيبة التاريخي، وسمحان، والطريف الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو، ومنطقة البجيري ووادي حنيفة في الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة وصف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات. ولقد هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائدا في وقتها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ، وبعد انتهاء الدولة السعودية الأولى استطاع الإمام تركي بن عبد الله تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض عام 1240الموافق 1824بعد سبعةأعوام من العمل والكفاح، والتفت الناس حوله والأسرة المالكة من جديد. وتمكن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في مدة قصيرة مستمرا على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلت الدولة تحكم المنطقة حتى 1309الموافق 1891. وبعد فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشرةأعوام تمكن الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن "رحمه الله" في 5 شوال 1319 الموافق 15 يناير 1902 من إعادة تأسيس الدولة السعودية بعد أن استرد الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله). وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351 الموافق 23 سبتمبر 1932 أعلن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن "رحمه الله" توحيد المملكة العربية السعودية بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عاما. واستمر أبناؤه الملوك "رحمهم الله" من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، حيث تشهد المملكة في هذا العهد الميمون المزيد من التطور والنهضة في ظل الرؤية الطموحة رؤية السعودية 2030.

مشاركة :