لندن- تواجه الحكومة البريطانية معضلة تآكل فوائض الميزانية العامة بشكل متسارع بفعل تكاليف خدمة الديون والدعم المقدم للناس لدرء قسوة ارتفاع تكاليف المعيشة. ويسجل شهر يناير في العادة فائضا كبيرا في الميزانية مع استحقاق دفع ضرائب الدخل، لكن هذا العام ارتفع الإنفاق بسبب العواقب المالية الناجمة عن أسرع تضخم تشهده البلاد منذ عقود. وذكر مكتب الإحصاء أن وزارة الخزانة تلقت 5.4 مليار جنيه إسترليني من الإيرادات الضريبية أكثر مما أنفقته في الشهر الماضي، مقارنة بفائض قدره 12.5 مليار إسترليني قبل عام. وهذه البيانات هي آخر نبذة عن المالية العامة قبل إعلان وزير الخزانة جيرمي هانت الميزانية في منتصف مارس المقبل. 37 في المئة من الناس ينهون الشهر وقد نفدت أموالهم بالكامل ومن المرجح أن تثير تلك البيانات توترات بين هانت ونواب حزب المحافظين الحاكم، الذين يريدون منه خفض الضرائب لمساعدة العائلات المتعثرة وإنعاش الاقتصاد وتعزيز حظوظهم الانتخابية. وبلغت فوائد الديون 6.7 مليار إسترليني في يناير، وهو أعلى رقم في هذا الشهر منذ بدء تسجيل البيانات الشهرية في أبريل 1997. وفي دليل آخر على صعوبة المعيشة في البلاد، قالت مجموعة من المنظمات والجمعيات الخيرية إن نحو ربع الأسر تستنفد أموالها بشكل منتظم في شراء حاجاتها الضرورية، وأن الناس لا يعتقدون أن الحكومة تفعل ما يكفي للمساعدة. وأظهرت نتائج مسح أجرته مؤسسة سيرفيشن لأبحاث الرأي لصالح مبادرة “معا خلال هذه الأزمة” التي أنشأتها منظمة أنقذوا الأطفال وجمعيات إغاثية وخيرية أخرى الثلاثاء أن 37 في المئة من الناس ينهون الشهر وقد نفدت أموالهم بالكامل. وأشارت الإحصائيات التي نشرتها وكالة الأنباء البريطانية إلى أن نحو الربع وتحديدا 24 في المئة من الأسر تنفد أموالها على شراء الضروريات، إما في معظم الأشهر أو معظم أيام الشهر. وبشكل عام، ذكر ستة في المئة ممن شملهم المسح أنهم لا يستطيعون دفع ثمن الضروريات في معظم الأيام، وارتفعت النسبة إلى 11 في المئة بالمناطق الأكثر حرمانا. ووصف نحو 67 في المئة الحكومة البريطانية بأنها “لا تفعل ما يكفي” لمعالجة أزمة تكاليف المعيشة. 5.4 مليار إسترليني فائض الميزانية مع مطلع 2023 قياسا بنحو 12.5 مليار إسترليني قبل عام وفي وقت سابق هذا الشهر حذر جوناثان هاسكل عضو لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا المركزي من انخفاض الاستثمارات الخارجية بشكل كبير الذي سيكلف كل أسرة بريطانية ما يعادل ألفا إسترلينيا. ونقلت رويترز عن هاسكل قوله “وفقا للحسابات التي أجراها المركزي فإن الضربة التي لحقت بالاستثمارات جراء بريكست أدت إلى انخفاض في مستوى الإنتاجية بنحو 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي 29 مليارا إسترلينيا”. واعتبر أن المستويات المرتفعة من الركود في سوق العمل هي مشكلة بريطانية واضحة وسط التوقعات الاقتصادية القاتمة، مشيرا إلى وجود انخفاض كبير في عدد الأشخاص المنتجين. وأوضح هاسكل أن هذا الانخفاض هو أمر تتفرد به بريطانيا، وأن الركود في الأخيرة يبدو مختلفا تماما عن البلدان الأخرى. ووفقا لتقديرات المركزي فإن تجارة السلع انخفضت ما بين 10 و15 في المئة، وهو ما يتوافق مع نحو 3.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أشار البنك إلى أن أحجام التجارة كانت أضعف مما تشير إليه البيانات الرسمية منذ شهر يناير 2021، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانقطاعات المنهجية التي أدت إلى تأخير الإقرارات الجمركية في ذلك العام.
مشاركة :