في روايته الكلاسيكية "رحلة إلى مركز الأرض" الصادرة عام 1864، يحكي جولي فيرن قصة مغامرين دخلوا إلى باطن الأرض عبر بركان في أيسلندا، ليكتشفوا عالمًا شاسعًا تسكنه مخلوقات من قبل التاريخ، ويستكشفوا البنية الداخلية للكوكب. لكن مركز الأرض الحقيقي لا يمت بصلة إلى هذا التصور الخيالي، بل إنه أكثر إثارة نوعًا ما. وقال علماء يوم الثلاثاء إن دراسة مكثفة عن أعماق كوكب الأرض، استنادًا إلى حركة الموجات الزلزالية الناشئة عن الزلازل الضخمة، أكدت وجود بنية مميزة واضحة المعالم داخل اللب الداخلي لكوكب الأرض، وهذه البنية المكتشفة عبارة عن كرة صلبة مستعرة من الحديد والنيكل قطرها 1350 كيلومترًا. باحثون يكشفون تأثيرات انعكاس دوران نواة #الأرضhttps://t.co/9yWaA4MxkU #اليوم pic.twitter.com/kLetPXQxTm— صحيفة اليوم (@alyaum) February 10, 2023 يبلغ قطر الأرض نحو 12750 كيلومترًا، وتتألف البنية الداخلية من 4 طبقات عبارة عن قشرة صخرية من الخارج، ثم غطاء صخري "وشاح"، بعده لب خارجي من الحمم، ثم اللب الداخلي الصلب. واكتُشف هذا اللب الداخلي المعدني البالغ قطره 2440 كيلومترًا تقريبا في ثلاثينيات القرن الماضي، بالاستناد أيضًا إلى الموجات الزلزالية التي تنتقل خلال الأرض. وافترض علماء في 2002 أن قسمًا عميقًا منفصلًا عن البقية مختبئ داخل هذا اللب الداخلي، وهو ما يشبه دمية ماتريوشكا الروسية، وتسنى بعد تقدم وسائل مراقبة الزلازل تأكيد هذا الافتراض. تطلق الزلازل موجات تنتقل عبر الكوكب ويمكنها كشف ملامح بنيته الداخلية استنادا إلى الشكل المتغير لهذه الموجات، وحتى الآن، استطاع علماء تحديد أن هذه الموجات يمكنها أن ترتد إلى ما يصل إلى مرتين، بدءًا من أحد أطراف الأرض إلى الطرف الآخر ثم العودة. وركزت الدراسة الجديدة على موجات 200 زلزال تزيد قوتها على 6 درجات وهي ترتد مثل كرات البينج بونج لما يصل إلى 5 مرات عبر الكوكب. وقال تان-سون فام من الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، وهو رئيس فريق الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز العلمية: "ربما نعرف المزيد عن سطح الأجرام السماوية البعيدة الأخرى أكثر مما نعرف عن البنية الداخلية العميقة لكوكبنا". وأضاف: "حللنا سجلات رقمية للحركات الأرضية المعروفة باسم مخططات الزلازل، بعد زلازل ضخمة في العقد الأخير، وأمكن إجراء دراستنا بفضل التوسع غير المسبوق لشبكات رصد الزلازل في العالم، وتحديدًا الشبكات الكثيفة في الولايات المتحدة وشبه جزيرة ألاسكا وفي جبال الألب الأوروبية". والقشرة الخارجية والجسم الكروي المكتشف حديثًا الموجودان في اللب الداخلي ساخنان بما يكفي لينصهرا معًا، لكنهما عبارة عن خليط من الحديد والنيكل، وسبب ذلك أن الضغط الهائل الواقع على مركز الأرض يجعل اللب في حالة صلبة. “In a new study, we've observed clues that distinguish the very deepest part of Earth's core” via @ConversationEDU https://t.co/7zGZ1AI2Vk #earthscience #geophysics #planetaryscience #seismic @EducatingSpace @scienceANU— James OConnor (@jameshoconnor) February 22, 2023 قال هرفويه تكالتشيتش، عالم الجيوفيزياء بالجامعة الوطنية الأسترالية والمشارك في الدراسة: "أود التفكير في اللب الداخلي على أنه كوكب داخل الكوكب، بالطبع، إنه كرة صلبة، في حجم كوكب بلوتو تقريبًا وأصغر بقليل من القمر". وأضاف: "إن تمكنا بطريقة ما من تفكيك الأرض من خلال نزع وشاحها واللب الخارجي السائل، فسيبدو اللب الداخلي لامعًا مثل النجم، وتقدر حرارته بنحو 5500 إلى 6 آلاف درجة مئوية، وهي حرارة مماثلة لدرجة حرارة سطح الشمس". وقال فام إن الانتقال من الجزء الخارجي للب باطن الأرض إلى الجسم الكروي الأعمق، سيبدو أنه انتقال تدريجي وليس انتقال بين حدود فاصلة وواضحة. واستطاع الباحثون التفريق بين المنطقتين نظرًا إلى اختلاف سلوك الموجات الزلزالية بينهما.
مشاركة :