القدس - وافق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) اليوم الثلاثاء في قراءة أولى على مشروعَي قانونَين يتعلّقان بالإصلاح القضائي رغم احتجاجات شعبية مستمرة منذ أسابيع ضد التعديل الذي يهدف إلى تعزيز سيطرة أعضاء البرلمان على المحكمة العليا، ما يثير مخاوف معارضيه من انجراف البلاد إلى مسار مناهض للديمقراطية. وقال الرئيس إسحاق هرتسوغ الذي حاول عبثا التوسط في الحوار حول هذه القضية الخلافية والتي من شأنها تعزيز سلطات السياسيين على المحاكم إن ثمة "خوفًا واسعًا على وحدة الأمة". وفي تصويت ليلي وافق النواب بتأييد 63 نائبا ومعارضة 47 على هذين النصّين اللذين يتعلّقان بتغيير آلية اختيار القضاة في إسرائيل ويجعلان المحكمة العليا غير مؤهّلة لإلغاء أي تعديل للقوانين الأساسية التي تعتبر بمثابة دستور في إسرائيل. وهناك بند آخر متنازع عليه في إطار الإصلاح القضائي يتمثّل في إدخال بند "الاستثناء" الذي يسمح للبرلمان بإلغاء بعض قرارات المحكمة العليا بغالبية بسيطة تبلغ 61 صوتًا من أصل 120 عضوا في البرلمان، يُتوقع إقراره في وقت لاحق. ويعتبر الإصلاح القضائي برنامجا أساسيا في تحالف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكومي الذي يضم أحزابا يهودية متشددة ويمينية متطرفة وتولى السلطة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022. وقال الرئيس إسحق هرتسوغ الذي يتمتع بسلطات بروتوكولية إلى حد كبير "هذا صباح صعب"، موضحا في مؤتمر نظمه موقع "واينت" الإخباري أن "الكثير من الناس يخشون على وحدة الأمة"، مؤكدا الحاجة "إلى بذل كل جهد ممكن لاستمرار الحوار بعد التصويت والتوصل إلى تفاهمات لإخراجنا من هذه الفترة الصعبة"، مشددا على أن "الخلاف يمكن حله". وتحرك جزء كبير من الرأي العام ضدّ هذا التعديل ومنذ حوالى الشهرين أصبح مساء السبت موعدا لتظاهرة أسبوعية ضد مشروع القانون المقترح. وتتظاهر عشرات الآلاف الاثنين في القدس في محيط الكنيست ضدّ التصويت الذي تعطّلت قبله المناقشات وسط مقاطعة عدد من نواب المعارضة الذين لفّوا أنفسهم بالعلم الإسرائيلي، هاتفين "عار" واستُبعدوا مؤقتاً من الجلسة. وانتقد زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق الوسطي يائير لبيد نواب الحكومة بعد التصويت. وكتب في تغريدة "التاريخ سيحكم عليكم على هذه الليلة..للهجوم على الديمقراطية وللضرر الذي يلحق بالاقتصاد وللضرر الذي يلحق بالأمن ولتمزيق وحدة الشعب إلى أشلاء". وبعد التصويت ليلاً، دعا مهندس مشروع القانون وزير العدل ياريف ليفين أعضاء المعارضة إلى "الحضور لمناقشة" المسألة وقال "يمكننا التوصّل إلى تفاهم"، لكن يجب إعادة مشروعي القانون إلى اللجنة القانونية في مجلس النواب من أجل إجراء المزيد من النقاشات قبل عمليّتي تصويت في قراءتين ثانية وثالثة خلال الجلسة العامة ليصبحا قانونَين. ويرى نتنياهو وليفين أن الإصلاح القضائي أساسي لإعادة التوازن إلى فروع السلطة إذ يعتبران أن القضاة يتمتعون بسلطة كبيرة أعلى من النواب المنتخبين. غير أنّ لبيد اتهم الائتلاف الحاكم بأنه يدفع إسرائيل إلى حرب أهلية، قائلا "إذا كنتم تهتمّون بإسرائيل وشعبها... توقّفوا اليوم عن تشريع هذا الإصلاح". ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر توركا اليوم الثلاثاء إسرائيل إلى تعليق مشروعَي القانونَين للإصلاح القضائي خشية تأثيرهما على حقوق الإنسان واستقلالية القضاء، قائلا في بيان "تستحق هذه المسائل الواقعة في صميم سيادة القانون أقصى درجات الاهتمام من أجل ضمان أن أي تغيير يعزّز ولا يقلل من قدرة السلطة القضائية والفروع الأخرى للحكومة على حماية حقوق جميع سكان إسرائيل". واعتبر أن الإصلاح القضائي "سيقوض إلى حد كبير قدرة القضاء على حماية الحقوق الفردية ودعم سيادة القانون باعتباره وسيلة رقابة مؤسسية فعالة على السلطتين التنفيذية والتشريعية". وانتقد نتنياهو الدعوة الأممية التي وصفها بأنها "منافية للمنطق" واعتبر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هيئة "غير مجدية" وأنه من الأجدى بتورك أن "يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وفي سوريا أو لدى السلطة الفلسطينية" وقال في بيان صادر عن مكتبه أن التغييرات ستزيد من النفوذ السياسي فيما يتعلق بنظام اختيار القضاة. ورفضت بعثة إسرائيل في جنيف التعليق على هذه التصريحات وكان المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة ميراف إيلون شاهار قد قال إن بيانا أصدره ترك في وقت سابق يظهر تحيزا. وشارك عشرات آلاف الإسرائيليين في الاحتجاجات الأسبوعية المستمرة منذ حوالي الشهرين ضد القانون الذي كانت رئيسة المحكمة العليا إستر غايوت من بين الرافضين له، فيما وصف المنتقدون مشروع القانون بأنه "اعتداء على استقلال القضاء الإسرائيلي". وربط بعض منتقدي المقترح بينه وبين محاكمة رئيس الوزراء الجارية بتهم تتعلق بالفساد وقالوا إنه يسعى إلى تقويض النظام القضائي الذي وجه له تهما ينفيها ويعتبرها غير عادلة ومسيسة، بينما يرفض نتنياهو هذه الانتقادات نافيا أن يكون مشروع القانون المقترح على صلة بمحاكمته. ويتخوف خبراء إسرائيليون من أن تسعى الأغلبية اليمينية في الكنيست للسيطرة والتحكم في قطاعات هامة من المؤسسات الإسرائيلية كالسلطة القضائية خاصة بعد تحذيرات من توجه قيادات من اليمين الديني لاختراق مؤسسة الجيش بعد دعوات وزير الأمن إيتمار بن غفير لتشكيل جهاز الحرس الوطني. القدس - تعهدت المعارضة في إسرائيل "بالقتال من أجل روح الأمة" باحتجاجات جديدة مع استعداد البرلمان لإجراء قراءة أولى اليوم الاثنين على التعديل المثير للجدل للنظام القضائي الذي تدعمه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية القومية المتطرفة ويرفضه الآلاف، ما يضع المجتمع الإسرائيلي أمام اختبار مصيري في ظل تعمق الخلافات بشأن هذه الخطوة التي يرى معارضوها أنها تضع الدولة في خطر. ومع حصول حزبه على 64 من إجمالي 120 مقعدا في الكنيست، يبدو من المرجح أن يفوز نتنياهو في نهاية المطاف بالتصديق على مشروعي قانون أحدهما لتعديل "قانون أساسي" شبه دستوري بشأن النظام القضائي والآخر لإصلاح نظام اختيار القضاة. وبحلول الظهيرة، تدفق آلاف من المواطنين يحملون أعلام إسرائيل ولافتات "توقفوا" على البرلمان للاحتجاج على التصويت المتوقع إجراؤه في وقت لاحق من اليوم الاثنين، فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يريدون إبطاء الإصلاحات للسماح بالحوار مع منتقديها أو تأجيلها تماما. وتراجع الشيقل 0.6 في المئة أمام الدولار في تعاملات منتصف اليوم وبالنظر إلى عدم الاستقرار الذي عم البلاد بسبب الخلاف على تلك التغييرات حذر الكثير من الخبراء الاقتصاديين وشخصيات بارزة من شركات تكنولوجية ومن القطاع المصرفي من عزوف المستثمرين وهروب رؤوس الأموال من إسرائيل، لكن شخصيات بارزة في الائتلاف الحاكم قللت من أهمية ذلك. وقال موشيه جافني رئيس لجنة المالية في الكنيست وزعيم حزب "يهودت هتوراة" المتطرف "لا صلة بين إصلاحات النظام القضائي وأي مشكلة تطرأ على الاقتصاد الإسرائيلي... أي محاولة للربط بين الأمرين مسيسة"، بينما احتج نواب من المعارضة على تصريحات جافني ووصفوا اللجنة بأنها "سيرك". وقبل القراءة المقررة خلال جلسة بعد ظهر اليوم الاثنين نشر محتجون مقاطع مصورة على الإنترنت أثناء محاولتهم منع نواب من ائتلاف نتنياهو من التوجه إلى الكنيست، بينما أعلنت الشرطة أنها ألقت القبض على ثمانية أفراد بسبب سلوكهم غير المنضبط وأنها غيرت مسار حركة المرور بعد أن قطع المتظاهرون بعض الطرق. وقال نتنياهو في بيان "المتظاهرون الذين يتكلمون عن الديمقراطية هم أنفسهم من يقضون عليها عندما يمنعون نوابا منتخبين من ممارسة حق أساسي في الديمقراطية ألا وهو التصويت"، معربا عن استعداده للحديث مع المعارضة لكن ذلك لن يؤثر على التشريع إذ تعهد بأنه سيمضي قدما في تنفيذه من دون تأخير. ولئن تقول الحكومة إن الإصلاحات مصممة لوضع حد لتدخل المحكمة العليا في السياسة، يؤكد منتقدون أن نتنياهو الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها يسعى للتغييرات القضائية التي ستضر بموازين القوى الديمقراطية في إسرائيل وتعزز الفساد وستتسبب في عزلة دبلوماسية. وكتب زعيم المعارضة يائير لابيد على تويتر إن المظاهرات ستتصاعد "في الكفاح من أجل الحفاظ على روح الأمة". بدوره حث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الحكومة والمعارضة مرارا على إجراء محادثات للتسوية. وعبر الجانبان عن استعدادهما لذلك لكنهما لم يتفقا حول شروطه. ويعتبر الإصلاح القضائي برنامجا أساسيا في تحالف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكومي والذي يضم أحزابا يهودية متشددة ويمينية متطرفة وتولى السلطة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022. ويرى نتنياهو أن الإصلاح القضائي أساسي لإعادة التوازن إلى فروع السلطة إذ يعتبر أن القضاة يتمتعون بسلطة كبيرة أعلى من النواب المنتخبين، لكن معارضي التعديل والذين باشروا تنظيم الاحتجاجات الأسبوعية قبل حوالى الشهرين يرون أن هدف الحكومة هو الاستيلاء على السلطة. ويتم تعيين قضاة المحكمة العليا حاليا من قبل لجنة تضم قضاة ونوابا ومحامين من نقابة المحامين، تحت إشراف وزير العدل ويقترح التعديل إخراج المحامين من هذه اللجنة ليحل محلهم مواطنان يعينهما مكتب وزير العدل ياريف ليفين ويحتفظ القضاة بعضويتهم في اللجنة إلى جانب وزير إسرائيلي آخر. وقال هرتسوغ إنه "قلق حيال الأحداث" التي وصفها بأنها تمثل "أزمة وجودية"، مشيرا إلى أنه "قلق بشأن ما يحدث في المجتمع الإسرائيلي"، مضيفا "نواجه اختبارا مصيريا، أرى أن الخلافات والانقسامات بيننا قد أصبحت أكثر عمقا وأكثر إيلاما".
مشاركة :