يُطلق عليه لقب "طباخ بوتين" والآن أصبح أحد الشخصيات البارزة في حرب روسيا ضد أوكرانيا نظرا لأنه على رأس مجموعة "فاغنر" للمرتزقة. لكن هل يستطيع يفغيني بريغوزين تحدي الرئيس الروسي؟ أم أنه لا يستطيع شق عصا الطاعة؟ أصبح بريغوزين أو "طباخ بوتين"، أحد الشخصيات البارزة في الحرب الروسية في أوكرانيا أصبح يفغيني بريغوزين أو "طباخ بوتين" أحد الشخصيات البارزة في حرب روسيا ضد أوكرانيا نظرا لأنه على رأس مجموعة "فاغنر" العسكرية، فيما أثار انتقاده الصريح وغير المسبوق للقادة العسكريين الروس التكهنات باعتباره يمثل تهديدا محتملا للرئيس فلاديمير بوتين ، فما صحة الأمر؟ ويُعرف عن " مجموعة فاغنر " قسوتها وتكتيكاتها الوحشية في ساحات القتال كما ظهر في مقاطع مصورة لارتكاب عناصرها عمليات إعدام مفترضة لمقاتليها الذين انشقوا وهربوا من القتال في أوكرانيا. ونُشر قبل أسبوع مقطع فيديو على قناة "غراي زون" التابعة لفاغنر على تطبيق تلغرام يظهر أحد عناصرها ممن انشقوا عن صفوفها وفروا إلى الجانب الأوكراني. وفي المقطع، عرّف العنصر نفسه باسم دميتري ياكوشنكو قبل أن يضربه رجل بمطرقة ثقيلة، لكن بريغوزين ظهر الأربعاء أمام المدونين العسكريين ووسائل الإعلام الحكومية برفقة "العنصر الذي جرى إعدامه!"، حيث أشار إليه بكونه "رفيقا جيدا جلب معلومات هامة وكبيرة خلال أسره من قبل القوات الأوكرانية". يشار إلى أنه قبل ثلاثة شهور، نشرت فاغنر مقطعا مصورا مشابها لعملية "إعدام" بمطرقة ثقيلة لأحد عناصر ممن انشقوا عن صفوفها. ففي سبتمبر / أيلول الماضي، استسلم يفغيني نوزين، وهو قاتل سابق مُدان يعمل في صفوف مرتزقة فاغنر، إلى القوات الأوكرانية. وعقب استسلامه، أجرى نوزين سلسلة من المقابلات انتقد فيها القيادة الروسية وقال إن الظروف القاسية على الجبهات دفعته للانشقاق عن المجموعة الروسية. لكن لاحقا جرى تسليمه إلى روسيا في صفقة تبادل أسرى لينتشر لاحقا مقطع مصور مرعب على تطبيق تلغرام يُظهر إعدامه عن طريق ضرب رأسه بمطرقة ثقيلة. وعن ذلك، قال أندريه كوليسنيكوف، الزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن "التباهي بالقسوة هو جزء مما يقدمه بريغوزين"، مضيفا في مقال نشره موقع "نوفايا غازيتا" الإخباري المستقل "أيا كان الأمر، سواء كان عرضا مسرحيا أو محاولة تصيد، فإن الأمر يعد جزءا من حملة إعلانية تروج لتمجيد العنف". ينخرط عناصر فاغنر في ساحات القتال بسوريا وأفريقيا وأوكرانيا من السجن إلى الطهي ووصولا لـ "طباخ بوتين" وُلد بريغوزين عام 1961 في مدينة "لينينغراد" التي تُعرف حاليا باسم سانت بطرسبرغ، فيما يُقال إنه قضى فترة العشرينات من عمره في السجن، حيث مكث في السجن تسع سنوات لاتهامه بالسرقة والاحتيال. وما كاد أن يُطْلَق سراحُه من السجن حتى انهار الاتحاد السوفيتي ليشرع بريغوزين في فتح مشروع تجاري لبيع النقانق على عربة صغيرة في مسقط رأسه. لكنه لاحقا، افتتح العديد من المشاريع الكبيرة بما ذلك مطعم فاخر في سانت بطرسبرغ والذي أصبح بمرور الوقت مقصدا للنخبة السياسية في روسيا، ومن بينهم نائب رئيس بلدية المدينة آنذاك فلاديمير بوتين. وبفضل علاقاته الوثيقة بالطبقة الحاكمة في روسيا، توسعت أعمال بريغوزين خاصة عقب تولي بوتين زمام الأمور في الكرملين، حيث حصلت شركة "كونكورد" الغذائية التي أسسها بريغوزين في تسعينيات القرن الماضي على عقود حصرية ومربحة من الحكومة لتقديم الأطعمة خلال المراسم الرسمية، بما في ذلك حفل تنصيب بوتين وزيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش إلى سان بطرسبرغ. وعلى وقع ذلك، اُطلق على بريغوزين لقب "طباخ بوتين". ورغم نجاحه، إلا أن طموحه لم يتوقف على الطهي حتى لو كان لرئيس البلاد. كاريكاتير يظهر يفغيني بريغوزين، الملقب بـ "طباخ بوتين"، يرتدي مئزرًا ويحمل مغرفة في يده ويقول: "نعم ، أنا أحب فاغنر". تدخل في الانتخابات ومهام عسكرية "خفية" وأقر بريغوزين الثلاثاء الماضي بقيادة وكالة أبحاث الإنترنت التي تُعرف باسم "مزرعة التصيد الإلكتروني" الروسية، التي أطلقت حملة تضليل واسعة النطاق للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وكان بريغوزين قد نفى مزاعم التدخل في الانتخابات الأمريكية، حيث اتخذ محاموه إجراءات قانونية ضد الصحافيين الذين ينشرون تقارير عن ارتباطه بالوكالة. وفي عام 2014، أنشأ بريغوزين شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، لكنه نفي على مدار السنوات أي ارتباط بالمجموعة، بيد أنه في سبتمبر / أيلول الماضي، أقر بتشكيلها. وفي مقابلة مع DW، قالت ألكسندرا بروكوبينكو، الخبيرة في الشأن الروسي، إن فاغتر تُقدم "خدمات رمادية" للكرملين. وأضافت "كان بريغوزين يجعل تواجد رئيسه ودائرته الداخلية بالأمر السهل في المناطق التي لا يريدون الانخراط فيها علنا وبشكل رسمي، على سبيل المثال في دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا وفي أفريقيا وسوريا، حيث لم يشارك مرتزقة فاغنر في الأعمال القتالية فحسب بل قاموا أيضا بحراسة بعض المنشآت النفطية". وتعرف الأنشطة "الرمادية" بأنها الأنشطة التي تقوم بها دولة ما وتضر بدولة أخرى وتعتبر ظاهريا أعمال حرب، لكنها من الناحية القانونية ليست أعمالا حربية. الجيش الروسي ضد مرتزقة فاغنر يعود بدء انخراط مرتزقة فاغنر في الصراع الأوكراني إلى عام 2014 حيث قدموا الدعم للجماعات الانفصالية المدعومة من روسيا لضم شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني. وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير / شباط قبل عام، أضحى مرتزقة فاغنر ركيزة محورية للقوات الروسية خاصة في معارك شرق أوكرانيا. وزعمت المجموعة الشهر الماضي أنها سيطرت على مدينة سوليدار الأوكرانية في أحد الانتصارات النادرة التي تحققها روسيا منذ بدء الحرب. بفضل فاغنر وما حققته في ساحات المعارك، تمكن بريغوزين من شن حملة محرجة ضد كبار المسؤولين العسكريين الروس. وعلى وقع الغضب الشعبي داخل روسيا ضد نقص الإمدادات العسكرية والذخيرة عند الجنود الروس، اتهم بريغوزين كبار قادة الجيش بعدم الكفاءة حتى وزير الدفاع سيرغي شويغو والجنرال الروسي الكبير فاليري غيراسيموف، الذي كان مسؤولاً عن تحديث الجيش، لم يسلما من انتقاداته اللاذعة. وفي انتقاده، قال رئيس مجموعة فاغنر إن ما سماه "البيروقراطية العسكرية الروسية" وراء الفشل في الاستيلاء على مدينة باخموت التي ظلت لعدة أشهر محور الصراع مع تكبد الجانبين الروسي والأوكراني خسائر فادحة. ومتحدثا للإعلام الروسي الرسمي، قال بريغوزين "كان سيتم السيطرة على باخموت قبل حلول العام الجديد لولا بيروقراطيتنا العسكرية القبيحة ...هي تعرقل تقدمنا بشكل يومي". ويرى كوليسنيكوف أن بوتين هو الشخصية الروسية المنوط بها انتقاد القادة العسكريين في منظومة الحكم في البلاد، مضيفا "بوتين يحتاج إلى بريغوزين ليقوم بعمل يتمثل في إبقاء الجنرالات العسكريين في حالة تأهب. هذه هي الطريقة التي يوازن بها بوتين بين نفوذ الشخصيات الروسية لتحقيق التوازن حتى لا يزداد ثقل شخصية بشكل مفرط". ورغم انتقادات بريغوزين للمسؤولين العسكريين، إلا أن بوتين قام بترقية رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف ليصبح قائدا للمجموعة المشتركة للقوات الروسية في أوكرانيا. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تظهر حدود انتقادات بريغوزين ونفوذه في عملية صنع القرار داخل الكرملين. اتهم بريغوزين كبار قادة الجيش بعدم الكفاءة وحتى وزير الدفاع شويغو وكذلك الجنرال غيراسيموف، لم يسلما من انتقاداته اللاذعة. صُداع في رأس كافة مسؤولي الكرملين يقول المراقبون إن بريغوزين، الذي كان نادرا ما يتحدث إلى الإعلام في السابق، أصبح وجه حرب روسيا ضد أوكرانيا وهو الأمر الذي أدى إلى تزايد التكهنات حيال طموحه السياسي. وذكر موقع "ميدوزا" الإخباري المستقل الناطق بالروسية أن بريغوزين يخطط لإطلاق حركة وطنية محافظة من شأنها أن تصبح في نهاية المطاف حزبا سياسيا. وقد نفى بريغوزين هذا الأمر بشدة فيما ذهبت تاتيانا ستانوفايا، الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إلى القول بأن طموحات بريغوزين السياسية قد تضر بعلاقاته مع مسؤولي الكرملين. وقالت في مقال نشر على موقع المؤسسة إن "مراقبي السياسة الداخلية لا يحبون غوغائيته السياسية أو هجومه على المؤسسات الرسمية أو محاولات تطويق فريق بوتين عبر تهديده بتشكيل حزب سياسي وهو الأمر الذي سيصبح صُداعا في رأس الجميع داخل الكرملين". وقد ظهر مؤخرا مؤشر على رغبة مسؤولي الكرملين في الحد من نفوذ بريغوزين حيث رفضت الحكومة منحه الحق في تجنيد المدانين الذين يشكلون 80٪ من قوات فاغنر بحسب تقديرات مجلس الأمن القومي الأمريكي. وفي مقابلة مع المدونين العسكريين الروس ووسائل الإعلام الحكومية هذا الأسبوع، أقر بريغوزين بأنه عقب تقليص حجم عناصر فاغنر فإن دورها سيكون محدودا في الحرب. وعن ذلك، قال أندريه كوليسنيكوف، الزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ، إن الطريق الوحيد أمام بريغوزين يتمثل في طرق أبواب السياسة في ضوء المسؤوليات على عاتقه، مضيفا أن "بوتين لا يريد إدخاله في المجال القانوني ما يعني تعزيز نفوذه كسياسي". وأشار "مادام بوتين قادرا على السيطرة بمهارة على كافة الشخصيات السياسية، فإنه يمكنه سحب بريغوزين من رقعة الشطرنج في الوقت المناسب ليعود إلى دوره المعتاد في تنفيذ مهام سياسية لكن من وراء الكواليس وعلى نحو سري". ماريا كاتمزا / م. ع
مشاركة :