د. ياسر الشرعبي الأشقاء في المملكة العربية السعودية اتسعت أرضهم وملأت أمنًا واستقرارًا، وسادت الدولة بهيبتها وهباتها وهبٌّات رجالها، ودمجت تركيباتها الاجتماعية بتقنية الإرادة وحنكة القادة، فكان المجتمع السعودي بنسيجه الواحد المنتمي إلى الدولة، العامل لأجلها، المنحاز إلى قيادتها، عوامل مهدت الطريق للدولة ليقف الشعب اليوم في ناصية الحاضر وبيده المجد، وفي أرضه الرخاء والنماء والقرار والاستقرار، امتزج في أرواحهم الاعتزاز والوفاء فتدفقا انتماء وحبًا ملأ أرضهم، وفاض ليصل إلى العالم. حملوا بلدهم فحملهم، وحققوا فيه أحلامهم، ولا تجد قادتهم ومن ورائهم الشعب إلا مرددين اعتزازًا بمملكتهم “وإني لها فوقَ السِّماكَيْنِ جاعلُ”. قادة وشعب حين يحتفون بيوم تأسيسهم تدرك أنهم يتنفسون وطنًا، ويسترخصون نفوسهم من أجله، امتزج بأرواحهم فكان الموت من أجله حياة، وسقطت على أسواره المؤامرات وانتصر الوطن برجاله لكونه في رأس هرم أولوياتهم، وطن به يتنفسون، وينافسون من أجله العالم، وهبوه حبًا وتضحية وعملًا ولعلمًا، ووهبهم رفعة ورخاء وأمن واستقرارًا. يمضون نحو مستقبلهم متصلين بماضيهم من غير جحود ولا جمود، يتقدمون بخطى متسارعة مرددين (سارعي للمجد والعليا)، ويجددون الولاء لوطنهم مرددين (موطني موطني عشت فخر المسلمين) بل وفخر للعالم. تراهم يقفون اليوم على مسافة تزيد عن ثلاثة قرون من نقطة الضوء الأولى ووطنهم يكبر ويتسع بخلاف كثير من البلدان التي تتآكل يومًا بعد آخر وتعيد إلى الشتات، ثلاثة قرون وما زالوا يحتفظون في أرواحهم بصور أجدادهم، بكلماتهم يصورونهم ليمثلوا بين يديك بملامحهم الأولى، بنقائهم، وبساطتهم، وتفاصيلهم المحفورة في قلوبهم، بل تصاب بالدهشة حين يحدثونك عن بطولات أجدادهم، ويصفون لك المعارك التي خاضوها بعبارات تجعلك تراهم هناك وهم يذودون عن وطنهم، وتدنو منك مشاهد التحام القادة والشعب، والقائد يشير أمامهم بإرادته إلى المستقبل من وسط المعركة، ويحدد برؤية الواثق وبكل وضوح المكانة الرفيعة التي تليق بهم كأرض وقادة وشعب، فكان لهم ما أرادوا وتحقق ما حددوا، وأُنجز ما عدوا. يحكون -وهم يحتفلون بيوم تأسيس دولتهم- بطولات أجدادهم وكأنهم يعزفون ألحانًا، ينسجون من تاريخهم وحضارتهم حلَّة من البهاء والضوء، يذكرون أمجادهم ولا يتنكرون لتاريخهم؛ وهو ما مكنهم من الوصول إلى ناصية العالم مع اتصال بعمق الحضارة الأصيلة.
مشاركة :