إسطنبول - تتجه الحكومة التركية لإلقاء اللوم والمسؤولية على المقاولين في انهيار آلاف المباني السكنية في الزلزال الأخير والتي يعتقد أنها كانت مخالفة لمعايير وضوابط البناء استنادا إلى قانون الاعفاءات الذي تفاخر به الرئيس التركي في حملة انتخابية سابقة كحل لمشاكل الإسكان، بينما كان حزبه العدالة والتنمية هو من دفع بهذا التشريع لحسابات سياسية وانتخابية في العام 2018. وفي كل كارثة، تبحث الحكومة التركية عن كباش فداء لمداراة إما إخفاقها في التعاطي مع الأزمة أو للتملص من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية والإنسانية كما حدث أثناء الفيضانات السابقة أو حرائق الغابات. ومع كل كارثة طبيعية تجد حكومة أردوغان نفسها في ورطة وفي مواجهة انتقادات عنيفة بسبب فشلها في إدارة الأزمة من جهة ولمسؤوليتها عن ثغرات كثيرة منها مثلا ما يتعلق بالاستعدادات والأمور اللوجستية في التعامل مع الحرائق والفيضانات السابقة وحاليا مع كارثة الزلزال. وفي مواجهة موجة غضب شعبي خاصة في المناطق المنكوبة من الزلزال، تعتزم الحكومة التوسع في التحقيقات مع مقاولي البناء المشتبه في انتهاكهم معايير السلامة، بينما تسعى جاهدة لاحتواء غضب شعبي في المناطق المنكوبة والتغطية على الإخفاق في التعامل مع الكارثة بعد بطء في التدخل وفوضى عارمة أربكت الأجهزة المختصة وتأخر نشر الجيش وكذلك حصر التدخل على إدارة الكوارث واستبعاد الهلال الأحمر التركي في الأيام الأولى للكارثة مع أن له خبرة طويلة خاصة في مجال التدخل الإنساني. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن بلاده ستوسع تحقيقا بشأن مقاولي البناء المشتبه في انتهاكهم معايير السلامة، مع تكثيف البلاد خطط بناء مساكن لضحايا زلزالها المدمر. وذكر صويلو أنهم حددوا هوية 564 مشتبها به حتى الآن واعتقلوا 160 شخصا رسميا فيما تتواصل التحقيقات مع عدد أكبر بكثير، مضيفا لقناة تي.آر.تي خبر الرسمية "ستُبنى مدننا في الأماكن الصحيحة. وسيعيش أطفالنا في مدن أقوى. ندرك الاختبار الذي نواجهه. وسنخرج من هذا الوضع أقوى". وتعهد الرئيس التركي الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عشرين عاما، بإعادة بناء المساكن في غضون عام واحد، بينما يخوض انتخابات في غضون أربعة أشهر. وأظهرت استطلاعات الرأي أنه يتعرض لضغوط حتى قبل الزلزال، بسبب أزمة غلاء المعيشة التي قد تتفاقم بعد أن قوضت الكارثة الإنتاج الزراعي. وذكر صويلو أنه تم نصب حوالي 313 ألف خيمة وسيتم إقامة 100 ألف حاوية كبيرة معدة للسكن في منطقة الزلزال، مضيفا أن عدد ضحايا الزلازل المدمرة التي شهدتها تركيا هذا الشهر ارتفع إلى 43556 قتيلا. وتابع أن 7930 هزة ارتدادية أعقبت الزلزال الأول الذي وقع في السادس من فبراير وأن أكثر من 600 ألف شقة و150 ألف مبنى تجاري تعرضت لأضرار متوسطة على الأقل. وأوضح وزير التطوير العمراني مراد قوروم أن الزلزال تسبب في تدمير أو إلحاق أضرار بالغة بنحو 164 ألف مبنى بها أكثر من 530 ألف شقة، مضيفا أن الحكومة بدأت بالفعل إجراءات التعاقد لبناء شقق جديدة في المنطقة المتضررة. وأطلقت تركيا خطة مؤقتة لدعم الأجور أمس الأربعاء ومنعت التسريح في عشر مدن لحماية العاملين والشركات من التبعات المالية للزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد. وألحق زلزال السادس من فبراير الذي بلغت قوته 7.8 درجة، أضرارا بمئات الآلاف من المباني أو دمرها كما شرد الملايين. وقال أردوغان يوم الثلاثاء إن نحو 865 ألف شخص يعيشون في خيام و23500 يعيشون في حاويات كبيرة معدة للسكن المؤقت بينما يعيش 376 ألفا في نُزُل للطلاب ودور ضيافة عامة خارج منطقة الزلزال. وتسود مخاوف من أن تنتج خطة بناء واعمار عاجلة وغير واقعية ، إلى كوارث جديدة فقط بسبب تقديم الرئيس أردوغان وحزبه الحسابات الانتخابية على المصلحة العليا للأتراك. وفي الفترة الأخيرة حذّر خبراء وسياسيون من تلك الخطة التي تتضمن بناء عشرات آلاف المساكن لإيواء ملايين المشردين، مشيرين إلى أن ذلك قد يتسبب في كوارث جديدة.
مشاركة :