يعيش ملايين في أوكرانيا في ظل أهوال الحرب منذ بدأت روسيا توغلها العسكري في أراضي جارتها قبل عام. وعلى وقع ذلك، يتعين على الصحافيين إبلاغ الجميع عن واقع الدمار والموت والأمل الباقي في أوكرانيا، حسب رأي رئيسة التحرير بـDW. الخراب الكبير الذي لحق بمدينة باخموت أصبحت الثلوج في محيط مدينة باخموت ملطخة بالدماء إذ إنه منذ أشهر، تحاول القوات الروسية الاستيلاء على المدينة الصغيرة الواقعة في شرق أوكرانيا عبر شن هجمات من جهات متعددة. وبدعم من مرتزقة "فاغنر" المعروفين بتكتيكاتهم القاسية والوحشية، جرى قصف المنازل والشوارع بلا رحمة دون اعتبار لسقوط ضحايا في صفوف المدنيين. وقبل الحرب الروسية على أوكرانيا ، كان يعيش في باخموت قرابة 70 ألف شخص، لكن لا أحد الآن يعرف كم السكان الذي بقوا داخلها. بيد أنه من المؤكد أن من بقى في المدينة يرفض الاستسلام، فيما تمضي القوات الأوكرانية قدما في القتال من أجل حريتهم، إنهم لا يريدون رؤية مدينتهم تسقط في أيدي العدو. وعلى وقع ذلك، باتت المدينة الصغيرة رمزا للمقاومة الأوكرانية والشجاعة التي ولدت من رحم اليأس. واقع العيش في المدن الأوكرانية ما يحدث في باخموت يشكل هاجسا لنا جميعا إذ لا يمكننا أن نغمض أعيننا حيال ما يحدث على الأراضي الأوروبية، فهناك يجرى ارتكاب جرائم قتل وتعذيب واغتصاب فهذه الحرب ليست مسألة نظرية ففي الحرب هناك موت وسكان مدنيون يصبحون ضحايا في مدن أوكرانية عديدة مثل باخموت وبوتشا وإيربين وماريوبول. وكصحافيين وصحافيات، علينا واجب حيال هذا الصراع يتمثل في توثيق الفظائع، لكن يتعين علينا اختيار ما نعرضه بعناية كبيرة، إذ يجب علينا أن نُري الجمهور الواقع الوحشي لهذه الحرب لكن مع احترام كرامة الضحايا. وكصحافيين وصحافيات، يمكننا القيام بعملنا في نقل كيفية استمرار المدنيين، الذين يعيشون في منطقة الحرب، في العيش وسط إطلاق مستمر للنار. كيف يتعامل السكان مع أزمة نقص كل شيء وحقيقة مفادها أن الحياة لم تعد كسابق عهدها ورغم ذلك مازال السكان متمسكون بروح القوة المفعمة بأجواء المرح. مواجهة آلة الدعاية الروسية وخلال التغطية الصحافية للصراع، ليس من السهل الوقوف على ما هو حقيقي وما وهو زائف. ويؤدي صحفيونا في أوكرانيا واحدة من أصعب المهام؛ إذ يتعين عليهم التحقق من الصور ومقاطع الفيديو مع زملائهم الآخرين بل والتحدث مع شهود العيان والتحقق من الوقائع والإعلام بسياقها وفضح المعلومات الخاطئة. ويتعين عليهم القيام بهذا في ظل الخطر المستمر على حياتهم. ومن الصعب تقدير عملهم وما يقومون به من عمل صحافي هام بشكل كاف، فيما يخشى الديكتاتوريون من الصحافة المستقلة. ولهذا السبب تحاول آلة الدعاية الخاصة ببوتين استخدام كل أدوات التضليل المعلوماتي من أجل منع نشر الحقيقة حول الحرب العدوانية الروسية بهدف منع الروس والعالم من معرفة حقيقة ما يحدث بالفعل في أوكرانيا. وتنطوي الدعاية الروسية على التكتم على عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وأيضا التكتم على الخسائر العسكرية الكبيرة التي تكبدها الجيش الروسي. يتعين الكذب والتستر على كل شيء لا يتناسب مع الصورة الدعائية التي تخدم بوتين وحربه في أوكرانيا. مانويلا كاسبر-كلاريدج، رئيسة تحرير مؤسسة DW: خلال التغطية الصحافية للصراع، ليس من السهل الوقوف على ما هو حقيقي وما وهو زائف. الحرب.. معركة من أجل الحقيقة تعد الحرب معركة من أجل الكشف عن الحقيقة والوقوف على حقيقة الأمور، لكن الأمر شاق؛ إذ يتعين علينا التغلب على شبكات التصيد الروسية وجذب انتباه الناس صوب ما يحدث بالفعل على الأراضي الأوكرانية. لكن الأمر يستحق العناء إذ يجب أن تظهر الحقيقة. يخاطر صحافيو DW وزملاؤنا من المؤسسات الإعلامية الأخرى بحياتهم في سبيل الحقيقة. وأثناء قيامهم بعملهم الصحافي، يحصل الكثير منهم على دعم من الشعب الأوكراني، الذي يرغب في أن يعرف العالم تضحياته وأيضا مدى قوة دفاعه عن بلده، وأن يعرف العالم أيضا أن هناك مقاومة نشطة ضد القوات الروسية في المناطق الأوكرانية الخاضعة للاحتلال الروسي وأن يعرف العالم أيضا أن هناك جرائم حرب مروعة يرتكبها المعتدون. ولا تجد مثل هذه التقارير طريقها إلى وسائل الإعلام الروسية الخاضعة لسيطرة الحكومة، لذا يمكن القول بأن هذه الحرب تعد معركة من أجل الحقيقة والسيطرة على السرد. وبالنسبة للكثيرين، فإن مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا يعني صراعا دراماتيكيا من أجل الدفاع عن بلادهم وحريتها فيما يتعين على كل أوروبي دعم هذا النضال. من جانبنا، يتعين علينا كصحافيين أن نقدم معلومات نزيهة وغير متحيزة. هذه وظيفتنا حيث يتعين علينا أن نسلط الضوء على ما يحدث على أرض الواقع وأن نقدم السياق المهم ونتحلى بالشفافية في كيفية حصولنا على معلوماتنا حتى يتمكن جمهورنا من تكوين آرائهم الخاصة حيال الوضع في باخموت وباقي المدن الأوكرانية من أجل تمكين جمهورنا من معرفة ما هو حقيقي وما هو دعائي؟ مانويلا كاسبر-كلاريدج
مشاركة :