«رحلة عمر» لمحمد الشريف.. حياة حافلة بالتجارب

  • 2/26/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

باستهلال أدبي أنيق يصدّر الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف، كتابه «رحلة عمر»، باعتبارها سفراً ورحلة في مشوار العمر وسلسلة طويلة من التجارب. هذه المدونة، كما يقول كاتبها، تعد بمثابة سفر يحكي تفاصيل محطات رحلة عمره، ويروي مسيرته عبر مسالك الزمان ضيّقها ومتسعها، مرتفعها ومنخفضها، سهلها ووعرها، واجه خلالها صاحبها مختلف صنوف العيش، من فقر وفاقة وعلل وأمراض، انتهت به بحمد الله إلى اليسر وراحة البال، وهي أيضاً رواية لمجريات حياة، كان لصاحبها دور في تحديد مساراتها وتكييف تفرعاتها، وهي بمعنى آخر مزيج تشكل بعون الخالق وتفرع بتوفيقه ثم برغبة مخلوقه، فكانت هذه المحصلة التي تعد ثمرة من ثمار الصبر والكفاح ومكابدة الصعاب، أفضت بصاحبها إلى تحقيق مراده، وهو بدوره يقدمها مثالاً أمام من يتسمون بالطموح وينشدون النجاح من شباب الوطن. وقد بدأ الكتاب بإهداء جميل كشف فيه عن حيرته لمن يهدي هذا الكتاب؟ وفيمن يهدي له رحلة عمره هذه؟ فيقول: هل أهديها لوالدي اللذين أنجباني؟ هل أهديها الوطني الذي طوقني بأفضاله؟ هل أهديها لزوجتي التي أركن إليها كلما تشتتت أفكاري؟ هل أهديتها لأبنائي الذين هم امتداد عمري؟ هل أهديها لكل من تعلمت منه حرفاً في رحلتي التعليمية؟ ليستقر أخيراً ويبدد حيرته بقوله: أهديها لهؤلاء جميعاً فهم يستحقونها. وقد شمل الكتاب سيرة ولمحات من التاريخ الاجتماعي وميلاده والنسب والسكن ثم عرّج على مرحلة الطفولة المبكرة وكذلك الرحيل عن قريته وأهله حتى دخوله معترك الحياة في سن مبكرة. كما استعرض مسيرته العملية وخدمته في ديوان المراقبة العامة ثم ينتقل بعدها إلى مرحلة الدراسة العليا؛ وذكريات خدمته في وزارة المالية وكذلك تجربته في مجلس الشورى وصولاً إلى إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتجربته فيها هذه، كما شملت المذكرات الكشف عن حبه وعلاقته بالأدب والشعر والكتابة فضلاً عن الإسارة لخلاصة تجاربه. كما تضمن الكتاب ملحقاً خاصاً بصوره النادرة وبعض ما يحكي سيرته العملية ودراساته. يقول في بداية الكتاب: "بسم الله الرحمن الرحيم عندما أريد أن أقدم لمدونتي هذه، فإن أول ما يخطر ببالي هو أنها عبارة عن مجريات أحداث حياة، وعصارة جهود وتفاعلات وخلاصة تجارب وإرهاصات، خاضها صاحبها من كان طفلاً صغيراً سناً، ضئيلاً جسماً، غير أنه كان مدركاً لكنه وجوده، وبدايات حياته التي عانى فيها شتى صنوف الفقر والفاقة ومرارة الحرمان، وقاسى فيها آلام مختلف الأمراض والعلل، وصار خلالها أشبه بشبح يدرج على الأرض حافيا، بيد أنه كان (حي قلب) وفق ما كان يسمعهم يقولون عنه، ويعني ذلك في تعريف أوضح أنه فطن، يستشعر ما هو فيه وما يدور حوله وكان أول من أدرك ذلك فيه والده، رحمه الله، الذي بادر إلى اصطحابه معه إلى حلقة الدرس الوحيدة في جامع القرية الذي كان هو إمامه ومعلم الصبيان فيه، وعمر ذلك الطفل لم يبلغ الخامسة، ومن تلك الحلقة التي دارت فعالياتها في ركن من أركان المسجد لا يغطيه إلا التراب، كما هو حال المساجد هناك آنذاك، بدأ في تعلم قراءة القرآن وتعلم الحروف وكتابتها على لوح خشبي، حيث لا أوراق ولا أقلام عدا تلك التي كانت تُعمل من قصب نبات الذرة أو ما يشبهه، وتلك كانت البداية، وذلك كان الوضع في قريته الذي لا يختلف عما في القرى الأخرى في ذلك الجزء من نجد. ولم ينسَ في مذكراته أن يؤكد أنه أراد بهذه المذكرات أن تكون مفيدة لغيره ومن يأتي بعدهم، بالاطلاع على ما كان عليه وضع الحياة وأنماط العيش وأحوال الناس ومعاملاتهم وأوضاعهم، وعلاقاتهم الاجتماعية وغيرها ويستفيدون في حياتهم مما مر به أصحاب السير من تجارب وخبرات ونجاحات، أو عثرات وبذلك يستمر التواصل معرفيا بين الأجيال، ويطلع كل جيل على تجارب الأجيال التي سبقته، ويستفيد منها. ويضيف: "يهمني أن أبين أنني لم أعتد في حياتي تسجيل مذكرات يومية، أدوّن فيها كل ما يمر بي من أحداث وفعاليات كما يفعل الآخرون، وبالتالي فإن ما حواه هذا الكتاب كان اعتماداً على ما تختزنه الذاكرة، أو ما أحتفظ به في مكتبتي من أوراق خاصة، أو مقالات كتبتها في مختلف الشؤون، أو كتب ألفتها في مجالات عملي وغيرها". محمد الشريف خلال أحد الاجتماعات

مشاركة :