الناصرية (العراق) - تعيش المحافظات الجنوبية في العراق حالة من الغليان بسبب تراجع حصتها المائية مع تسجيل تراجع في منسوب نهري دجلة والفرات، في انعكاس للنقص الشديد في المياه وسياسات التقنين من السلطات التي تعهدت الأحد باتخاذ إجراءات من أجل معالجة الأزمة. وفي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار في جنوب العراق، يمكن رؤية قاع نهر الفرات ظاهرا عند الضفاف ودعامات الجسور العابرة للنهر. ويعدّ ملف المياه ملفا أساسيا وشائكا بالنسبة للعراق البلد شبه الصحراوي الذي يقطنه نحو 42 مليون نسمة. وتتهم بغداد مرارا جارتيها تركيا وإيران بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها، لا سيما بسبب بنائهما لسدود على النهرين. وأوضحت وزارة الموارد المائية العراقية في بيان الأحد أن "الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية" عائد إلى "قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا". وقالت إن ذلك أدى إلى "انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد". وأدّت كذلك أساليب الري الخاطئة، وفق الوزارة، إلى زيادة حدة هذا النقص، مشيرة إلى "عدم التزام المزارعين المساحات الزراعية المقررة" وفق الخطة الموضوعة من السلطات. وذكر عبدالرضا مصطاح سنيد مدير الموارد المائية في ذي قار أن الفلاحين "بدؤوا بالتجاوز وزراعة مساحات شاسعة قد تصل إلى أضعاف ما هو مخطط له للخطة الزراعية". وأدى ذلك وفق المسؤول إلى "زيادة الاستهلاك المائي من حوض نهر الغراف ونهر الفرات وألقى بظلاله على قلة المياه الواردة". وغالبا ما يواجه العراق مشكلة نقص في المياه ولذلك تقوم السلطات بتقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة واستهلاك مياه الشرب وتغذية أهوار جنوب العراق. ويتم ذلك عبر حفظ المياه في السدود في شمال البلاد ما يثير غضب المحافظات الجنوبية. وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال إن "هذه الحالة مؤقتة" في إشارة إلى انخفاض مناسيب النهرين في الجنوب، مضيفا أن وزارته ستطلق المزيد من المياه من السدود العراقية في الموصل ودوكان ودربنديخان، متعهدا بنتائج إيجابية "خلال اليومين المقبلين". ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة. وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، دعا البنك الدولي العراق إلى اعتماد نموذج تنمية "أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة" لمواجهة التحدي المناخي. ودعته المنظمة الدولية أيضا إلى "تحديث نظام الري وإعادة تأهيل السدود". وشدّدت كذلك على ضرورة "تحسين توزيع المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي" وكذلك "زيادة الاعتماد على الزراعة الذكية" بمواجهة التغير المناخي.
مشاركة :