من جبال كردستان وطبيعتها الساحرة إلى ضباب لندن وصخب حياتها عكست ألوان صورهم الفوتوغرافية روح الحياة وتنوعها. تناقض وانسجام وهدوء وغضب ومشاعر مختلفة استطاعت عدسات صغيرة أن تترجمها في معرض للصور أقامه أربعة فنانين شباب في غرب العاصمة البريطانية لندن. غربتهم عن أرضهم كانت الوطن الذي جمعهم لكن اتصالهم مع بعضهم بدأ من خلال صورهم التي تشاركوا فيها حبهم للألوان وإحساسهم بروح الأشخاص والأشياء والأماكن. عندما تنظر إلى صورهم تبحر في عوالم مختلفة. كل صورة هي قصة بحد ذاتها وكل قصة تحكي عن رواية مختلفة. صور تعبر عن الإنسان وما يجمعه مع أخيه الإنسان لكنها أيضاً تعبر عن الاتصال مع المكان. أفكار جديدة وخلاقة يمكن لأي من زائري المعرض تلقيها بسرعة ولكن الأهم أنها عالم من الإبداع. تتحدث صور درون قرداغي عن الجمال وعن اللحظات التي استطاع بموهبته التقاطها لتبقى مخلدة لكل المشاعر التي حدثت حينها. الفن في صوره حدد بعداً آخر للجمال. أن تعيش اللحظة بكل ما فيها بل وأن تنقل مشاعرها في صور فنية رائعة هو مقدرة كبيرة وإعجاز حقيقي استطاع دارون أن يجسده في أعماله. أما سامان مامخلاني فقد حول شغفه في تصوير حياة الشوارع إلى ذاكرة من المشاعر المختلفة. بل أنه استطاع من خلال خبرته الطويلة في هذا المجال أن يعكس مشاعره في الصور وأن يتصل بروحه مع ما يلتقطه من لحظات عكسها ونقلها لكل من يراها. عشق للحياة وترجمة صادقة لكل ما يجري من حولنا. ربطه للروح مع مكان الحدث كان واضحاً وهو عنصر جذب آخر يضاف لما أبدعه. لكن روند جواد فضل أن يدخلنا من خلال عدسة كاميرته إلى العوالم الخفية لصوره. يكشف من خلالها أسراراً تحكي لنا عن مزيج من الأحاسيس. هو أقرب ما يكون إلى حكواتي يروي بصوره قصص أولائك المارين في الحياة من دون أن يلاحظهم أحد أو أن يتعمق بالتوغل إلى أعماق أنفسهم. لكل طريقته في الإبداع ولكنها تخلق نوعاً من التحدي. هذا التحدي يعشقه ريبوار فتاحفي صوره التي تريد المزاوجة بين التكنولوجيا وما خلقته من تطور وصخب في حياتنا وبين ما يمكن أن نستمده منها من صفاء روحي نعيشه من خلالها. صوره شفاء روحي من كل الحواجز التي تمنعنا عن التعبير عما يدور بداخلنا. هي تعبير صادق عن قدرة الفن على تجاوز كل الحدود ونقل الأحاسيس إلى كل من ينظر إليها ويفهم معانيها. هذا الأمر تراه أيضاً في صور سرهنكحارس، الصحفي ومصور الأفلام الوثائقية، الذي يقدم لك مادة دسمة وما عليك إلا أن تطرح الأسئلة. صوره لغز ما تلبث أن تكتشف شيفرته السرية لكنك أيضاً تعيش معه في رحلة حول المكان والزمان. يكلمك من دون كلمات ويرسم من دون ريشة. فقط من خلال الألوان والمشاعر تعرف أنك قد فاتك الكثير من المشاهدات من حولك. يلتقط الإحساس قبل الحركة وهذا ما يجعله مبدعاً. التواصل من خلال الألوان كان عنواناً رائعاً لمعرض أضاء الأمل وعكس التفاؤل بوجود شباب مبدع من كردستان يريد أن يقول للعالم أننا نقرأك ونسمعك ونراك ولكن الأهم أننا نستطيع أن نترجم كل ما فيك من صعوبات وغموض وحزن وفرح وغضب ونحولها إلى صور نتواصل من خلالها. إنهم شباب غرباء عنك لكنك تشعر بأنهم أكثر من أصدقاء وأخوة لأنهم يفهمون ما يجري ويلتقطون ما تريد أن تقول. هم سفراء حقيقيون لمشاعر الإنسانية.
مشاركة :