سامح شكري في دمشق وأنقرة نحو انعطافة محتملة لتطبيع العلاقات

  • 2/27/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – تشكل زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى سوريا وتركيا لأول مرة منذ أكثر من عقد بعد فتور ساد علاقة القاهرة مع كل من البلدين، تحرك دبلوماسي لافت من شأنه يعبّد الطريق إلى استئناف العلاقات وتطبيعها بشكل كامل. وعقد شكري فور وصوله إلى دمشق اجتماعا مع نظيره السوري فيصل المقداد، قبل أن يلتقي بالرئيس بشار الأسد في قصر الشعب بعد أكثر من عقد. وعبر الأسد عن شكره لمصر على ما قدمته من مساعدات لبلاده جراء الزلزال، مشددا على حرص سوريا على علاقاتها مع مصرلدى استقباله وزير الخارجية المصري الذي نقل له رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا، واستعدادها لمواصلة دعم السوريين في مواجهة آثار الزلزال، كما نقل شكري تحيات الرئيس السيسي واعتزازه بالعلاقات التاريخية بين سوريا ومصر، وحرص القاهرة على تعزيز العلاقات وتطوير التعاون المشترك بين البلدين. وذكر بيان رئاسي سوري أن الأسد "شكر الرئيس السيسي لما قدمته جمهورية مصر العربية من مساعدات لدعم جهود الحكومة السورية في إغاثة المتضررين من الزلزال، وأكّد أنّ سوريا حريصة أيضاً على العلاقات التي تربطها مع مصر، مشيراً إلى أنّه يجب النظر دائماً إلى العلاقات السورية المصرية من منظور عام وفي إطار السياق الطبيعي والتاريخي لهذه العلاقات. واعتبر الأسد أنّ العمل لتحسين العلاقات بين الدول العربية بشكل ثنائي هو الأساس لتحسين الوضع العربي بشكل عام. ونوّه إلى أنّ مصر لم تعامل السوريين الذين استقروا فيها "خلال مرحلة الحرب على سوريا" كلاجئين، بل احتضنهم الشعب المصري في جميع المناطق ما يؤكد على الروابط التي تجمع بين الشعبين، والأصالة التي يمتلكها الشعب المصري. واعتبر الوزير المصري أنّ العلاقات السورية المصرية هي ركن أساسي في حماية الأقطار العربية، مؤكداً أن مصر ستكون دائماً مع كلّ ما يمكن أن يساعد سوريا، وأنها ستسير قُدماً في كلّ ما من شأنه خدمة مصالح الشعب السوري الشقيق. ولفت شكري إلى الروابط التي تجمع بين الشعبين السوري والمصري، وأشار إلى أنّ السوريين المقيمين في مصر أظهروا قدرة كبيرة على التأقلم مع المجتمع المصري، وحققوا نجاحاً كبيراً في أعمالهم في مختلف المجالات. وفي مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيره السوري فيصل المقداد، أكد شكري دعم بلاده لسوريا لمواجهة آثار الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من شباط/ فبراير الجاري، في زيارة هي الاولى من نوعها منذ عام .2011 ومنذ الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا في 6 فبراير، شهدت العلاقات المصرية السورية إنعطافة إيجابية، حيث أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالا هاتفيا بنظيره السوري بشار الأسد، هو الأول من نوعه منذ تولي السيسي الرئاسة في 2014. وأكد السيسي للأسد تضامن القاهرة مع دمشق بعد الزلزال، كما أصدر توجيهاته بتقديم كل أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة لسوريا. كذلك سجّل تواصل هاتفي بين وزيري خارجية سوريا ومصر. وشكلت ظروف الزلزال، الذي أصاب مناطق شمال غرب سوريا وتركيا، دافعا إنسانيا أعاد إلى الأذهان الظروف الاقتصادية العسيرة التي تعانيها سوريا. وهي ظروف حدّت من قدرة دمشق على مواكبة متطلبات الإغاثة، الأمر الذي دفع الإمارات والسعودية والأردن ومصر والكويت والمغرب والجزائر ودول عربية أخرى إلى تسيير رحلات جوية لنقل المساعدات، التي ما تزال تتواصل حتى الآن. ويقول المراقبون إن الظروف الإنسانية العصيبة، حتى وإن وفرت الحافز لإنهاء المقاطعة، إلا أن الحاجة إلى إيجاد مقاربة أخرى للأزمة في سوريا كانت هي الدافع الرئيسي وراء إنهاء عزلة دمشق عن العالم العربي، لاسيما وأن إيران استغلت الفراغ لتفرض المزيد من النفوذ في البلاد. وتعد زيارة شكري تطورا نوعيا، حيث تعتبر الثانية من نوعها في غضون يومين لسوريا من الجانب المصري بعد زيارة رئيس مجلس النواب المصري حنفي الجبالي الذي وصفه الإعلام المصري الرسمي بأنه "أرفع مسؤول مصري" يزور دمشق منذ أكثر من عقد. وكان الجبالي ضمن وفد برلماني عربي قاده رئيس مجلس النواب العراقي ورئيس الاتحاد العربي محمد الحلبوسي في زيارة الأحد إلى دمشق حيث التقوا بعدد من المسؤولين السوريين واستقبلهم الرئيس بشار الأسد في قصر الشعب. وأيّد رؤساء البرلمانات العربية استعادة سوريا عضويتها في المنظمة التي تشهد انقساما حادا وتراجعا لدورها. والعلاقات بين البلدين لم تنقطع يوما بشكل كامل، وكان مدير إدارة المخابرات العامة اللواء علي المملوك قد توجّه إلى القاهرة في العام 2016 في أول زيارة معلن عنها أجراها إلى الخارج منذ اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011. وعقب لقائه الرئيس السوري، توجه شكري إلى تركيا وهي المحطة الثانية في جولته، حيث عقد اجتماعا مغلقا مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو بمدينة أضنة المتضررة من زلزال في 6 فبراير. وتشكل زيارة شكري إلى تركيا منعطفا جديدا في العلاقات مع أنقرة، بعد أن أجرى السيسي اتّصالا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، خصمه السابق، علما بأن الرجلين كانا قد تصافحا في نوفمبر خلال فاعليات كأس العالم بكرة القدم التي استضافتها قطر. ولم تتحسن العلاقات بين مصر وتركيا إلا مؤخرا، علما بأنها توتّرت بعد وصول السيسي إلى الرئاسة في العام 2013 إثر الإطاحة بالرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي الذي كانت أنقرة من أبرز داعميه، إثر ثورة شعبية في 30 يوليو من نفس العام. وكان أردوغان، حليف مرسي المنتمي لجماعة "الإخوان المسلمين" قد أعلن حينها مرارا أنه لن يتواصل "أبدا" مع شخص مثل السيسي. لكن الرئيس التركي أعرب في نوفمبر لدى مغادرته قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، عن استعداده لإعادة بناء العلاقات مع القاهرة "من الصفر". بعيد ذلك تصافح الرجلان في قطر وسارعت أنقرة إلى نشر صورة المصافحة. وأكدت القاهرة حينها أن الرجلين جددا التأكيد على "عمق الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين"، وتوافقا على "أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين". لكن أنقرة الداعم الكبير لجماعة "الإخوان المسلمين"، والقاهرة التي تعتبر هذا الفصيل "إرهابيا"، تدعمان معسكرين متواجهين في ليبيا. فقد أوفدت تركيا مستشارين عسكريين وأرسلت مسيّرات لمواجهة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في الشرق الليبي والمدعوم خصوصا من مصر. وتجاريا، عزّز البلدان تبادلاتهما التي ارتفعت قيمتها من 4.4 مليارات دولار في العام 2007 إلى 11.1 مليار دولار في العام 2020، وفق مركز كارنيغي للأبحاث.

مشاركة :