تقرير إخباري : "ليلة مرعبة" في قرى جنوب نابلس جراء هجمات غير مسبوقة لمستوطنين إسرائيليين

  • 2/27/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عاش سكان قرى وبلدات جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية "ليلة قاسية ومرعبة" جراء هجمات غير مسبوقة نفذها مستوطنون إسرائيليون على منازلهم وممتلكاتهم، حسب ما روى سكان فلسطينيون. وما أن انقشع ظلام الليل وبزغت شمس الصباح، توجه سكان القرى والبلدات الجنوبية لنابلس لتفقد آثار هجمات المستوطنين، التي استمرت عدة ساعات وسط حزن وصدمة من هول ما جرى. وأظهرت مقاطع مصورة بثت على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) صباح اليوم حرق عدد كبير من المنازل، التي غادرها أصحابها خشية على حياتهم، بالإضافة إلى حرق محال تجارية وعشرات المركبات وتحطيم نوافذ منازل أخرى. وبدت الصدمة على وجه الفلسطينية مرفت ضميدي، وانهمرت الدموع من عينيها وهي تتفقد حجم الدمار، الذي حل بمنزلها في بلدة حوارة التي كان لها النصيب الأكبر من هجمات المستوطنين. وقالت ضميدي، وهي موظفة حكومية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الليلة الماضية كانت "قاسية وأشبه بفيلم رعب عاشته العائلة، ولم نكن نتوقع أن ننجو بحياتنا بفعل كثافة الاعتداء الذي تعرضنا له داخل المنزل". وأضافت وهي تقف بجوار مركبة محروقة بالكامل "شعرنا للحظة أن المنزل سوف ينهار علينا من كل الاتجاهات بسبب هجمات المستوطنين عليه بالحجارة والقضبان الحديدية، ونحن بداخله لا نقوى على فعل شيء لهم خوفا على حياتنا". وروت السيدة الحادثة والخوف يتملكها، قائلة إن عشرات المستوطنين "حاصروا المنزل من كافة الاتجاهات بحماية قوات الجيش الإسرائيلي، وبدأوا بتكسير نوافذه وحرق المركبة، ونحن نتنقل من غرفة إلى أخرى خشية على حياتنا في مشهد لا يوصف". وبثت هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية وفضائيات أخرى مشاهد مباشرة الليلة الماضية أظهرت اندلاع النيران بالمنازل والمركبات، فيما صدحت المساجد عبر مكبرات الصوت بالتكبير وإطلاق نداءات استغاثة. وقالت مصادر فلسطينية لـ((شينخوا)) أمس إن بلدات وقرى جنوب نابلس تعرضت لهجمات من قبل المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي. وأوضحت المصادر أن المستوطنين أطلقوا الرصاص الحي والمعدني، وألقوا زجاجات حارقة على منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ومركباتهم، ما أدى الى حرق عدد منها. في المقابل، قالت الإذاعة العبرية العامة إن 400 مستوطن تظاهروا قرب نابلس وقاموا بإحراق منازل ومركبات فلسطينية، مشيرة إلى أن الجيش يعزز قواته حول المناطق الفلسطينية. ونقلت الإذاعة عن مصدر أمني كبير في إسرائيل قوله إن قوات الأمن أخفقت في استعداداتها لمنع دخول المستوطنين للقرى، مشيرا إلى خروج الأمور عن السيطرة الليلة الماضية. وأوضح المصدر أن الدعوة إلى اقتحام القرى والبلدات جنوب نابلس انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سلفا، مضيفا أنه لم تكن هناك حاجة إلى استخبارات لمعرفة تطور الأحداث. وقال الفلسطيني عمار ضميدي الذي احترق منزله بشكل كامل جراء هجمات المستوطنين إن الليلة الماضية كانت "صعبة وعصبية ومتوترة جراء الهجوم الشرس من قبل المستوطنين، وهو الأول من نوعه وغير مسبوق". وتابع ضميدي، الذي غطى السواد جدران منزله بسبب شدة اشتعال النيران فيه، أن المنزل "لم يبق بداخله سوى أثاث محروق". وأضاف لـ((شينخوا)) إن عشرات المستوطنين "هاجموا بطريقة وحشية المنزل وأضرموا النار فيه وبمركبتين تصطف على الباب وسط حماية من قبل قوات الجيش الإسرائيلي". وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وجمعية الهلال الأحمر الليلة الماضية مقتل الفلسطيني سامح الأقطش، وإصابة أكثر من 300 آخرين باختناق جراء الغاز المسيل للدموع وبجروح بفعل "اعتداء قوات الجيش والمستوطنين" على قرى جنوب نابلس. ولم يمض على عودة الأقطش البالغ من العمر (37 عاما) من تركيا إلى مسقط رأسه في قرية زعترة جنوب نابلس خمسة أيام بعد تطوعه لمساعدة المنكوبين من الزلزال المدمر الذي ضربها في بداية فبراير الجاري. وجاءت هجمات المستوطنين أمس بعد ساعات من مقتل إسرائيليين اثنين متأثرين بجروحهما في عملية إطلاق نار في بلدة حوارة جنوب نابلس، بحسب ما أعلنت خدمة الإسعاف نجمة داود الحمراء الإسرائيلية. وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس، لـ((شينخوا)) إن سكان قرى وبلدات حوارة وبورين وعصيرة القبلية جنوب نابلس "لم يناموا الليلة الماضية بسبب كثافة اعتداءات وهجمات المستوطنين". وأضاف دغلس أن المستوطنين نفذوا نحو 300 هجوم على مدار 8 ساعات تمثلت في حرق منازل ومركبات وتحطيم نوافذ، مشيرا إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي شددت حصارها لمحيط نابلس منذ ساعات الصباح. وقوبلت الأحداث في قرى وبلدات جنوب نابلس بتنديد ورفض فلسطيني وإسرائيلي. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في مستهل اجتماع حكومته الأسبوعي في مدينة رام الله اليوم (الاثنين) "عشنا أمس ليلة مروعة مارس فيها المستوطنون أبشع أنواع الإجرام من قتل وحرق وترويع للأطفال والنساء، سيضاف هذا الإجرام إلى ملف محاكمة إسرائيل في المحاكم الدولية". وتابع اشتية أن حكومته ستشكل لجنة وزارية من وزارتي الحكم المحلي والمالية ومحافظة نابلس للوقوف على الأضرار التي لحقت "بأهلنا هناك بغرض المساهمة في تعويضهم". ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني إلى تفعيل عمل لجان الحماية الشعبية في كل مكان على ضوء "الجرائم البشعة التي ارتكبها المستعمرون الفاشيون بتوجيه من وزراء في الحكومة الإسرائيلية التي حملها كل المسؤولية عما جرى". بدوره، أفاد مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، بأنه سيسلم مذكرة تفصيلية حول "عدوان المستوطنين" على جنوب نابلس إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي ورئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة. وقال منصور في تصريحات لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية إن "الدبلوماسية الفلسطينية تستنفر جهودها في المحافل الدولية كافة للجم عدوان الاحتلال ومستوطنيه" ضد الشعب الفلسطيني. وأضاف منصور أن اتصالات تجرى لعقد جلسة لمجلس الأمن "لإدانة العدوان وتوفير الحماية الدولية" للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى احتمال عقد جلسة مغلقة للمجلس خلال اليومين المقبلين لكي يتحمل مسؤولياته في توفير الحماية. وأدان الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية العامة، أحداث الشغب، قائلا "إن أعمال استيفاء الحق بالذات والعربدة وممارسة العنف بحق الأبرياء ليست طريقنا". ويعيش في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي إلى جانب 3.2 مليون فلسطيني. وتشهد مدن الضفة الغربية توترا مستمرا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكثيرا ما تحولت الاحتكاكات بينهما إلى مواجهات وأعمال عنف.

مشاركة :