) في صباح يوم 13 فبراير 2022، عُثر على جثة كريستينا يونا لي البالغة من العمر 35 عاما في حمامها، مطعونة 40 مرة، بعد أن تتبعها رجل يدعى أسمد ناش بصمت صاعدا 6 درجات من السلالم ليصل إلي شقتها في مانهاتن، فقط بسبب أصلها الآسيوي. وبعد القتل العشوائي والعنيف، وضع المشيعون الزهور والشموع والصور، وكذلك لافتات كرتونية تدين الكراهية ضد الآسيويين خارج المبنى السكني. وعلى الرغم من ذلك، تم تخريب النصب التذكاري المؤقت للضحية الكورية الأمريكية مرارًا وتكرارًا. وفي ضوء ذلك، قال بريان تشين، الذي جاء مع عائلته إلى الولايات المتحدة من الصين قبل ستة عقود، إن كل هجوم على النصب التذكاري يكون إلى حد كبير هجوما معاديا للآسيويين، و"أصبح أمرا مخيفا للغاية الآن،" مضيفا "إنهم يفعلون ذلك بدافع الكراهية". إن مأساة لي والحوادث العنصرية المماثلة ليست سوى غيض من فيض يتعلق بالعنصرية ضد الآسيويين في البلاد. ومنذ تفشي كوفيد-19، اختلق بعض الساسة الأمريكيين نظريات المؤامرة، ونشروها بشكل صارخ، لإلقاء لوم استجابتهم الفاشلة على عدوى الأمريكيين من أصل آسيوي، ما تسبب في زيادة جرائم الكراهية ضد الآسيويين. وبعد مرور 3 سنوات على انتشار الوباء، غضت الحكومة الأمريكية مؤخرا البصر عن العلم والحقائق الأساسية، من خلال فرض قيود تمييزية تستهدف السياح القادمين من الصين، ما يُثير مخاوف تتعلق بتفاقم الوضع. -- "إنهم لا يجرؤون على الخروج" في السنوات القليلة الماضية، تكررت الهجمات العنصرية المروعة ضد الأمريكيين من أصل آسيوي في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، في 14 يوليو 2020، في مدينة نيويورك، صفع رجلان غريبان امرأة أمريكية صينية تبلغ من العمر 89 عاما في الشارع، وعندما حاولت الهرب، أشعل الرجلان النيران في ملابسها من الخلف. وفي 30 أغسطس 2021، تم دفع سيدة فلبينية مسنة إلى أسفل الدرج من قبل رجل أبيض في محطة مترو ريغو بارك في كوينز، نيويورك، ما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة في وجهها وجسمها. جيني اتش، في الستينيات من عمرها، تعيش في سان فرانسيسكو منذ أكثر من 30 عاما. ولم تكشف عن اسمها الكامل لوكالة أنباء ((شينخوا)) خوفا من أن تصبح مرة أخرى هدفا لاعتداءات عنصرية بعد المقابلة. أشارت إلى أنه كانت تُحب الخروج، والانضمام إلى الأعمال التطوعية، والتحدث إلى الغرباء في الحافلات، ولكن هذه الحياة الآن ليست سوى ذكرى بعيدة بالنسبة لها. وفي عام 2020، أصيبت بكسر في عظامها في محطة المترو بعد أن دفعها شخص بعنف على الأرض. وعلاوة على ذلك، ضُربت على وجهها من قبل أحد الركاب في الحافلة، ما تسبب في إصابتها بإعاقة دائمة في عينها. وفي الوقت الحاضر، يجب أن تذهب إلى المستشفى كل ثلاثة أشهر لإجراء فحص طبي، ولكن بخلاف ذلك، لا تجرؤ على الخروج وسط الزيادة الحادة للخوف من الآسيويين. ويتحمل بعض الساسة الأمريكيين قدرا كبيرا من المسؤولية عن هذا الموقف، حيث يتخذون المجتمع الآسيوي ككبش فداء، ويتعمدون تأجيج الكراهية ضد الأجانب، وكذلك العنصرية لإخفاء عدم كفاءتهم في حل المشكلات السياسية المحلية. وقال هاي بي شو، رئيس منظمة "أميركيون صينيون متحدون"، وهي مجموعة مناصرة للأمريكيين من أصل آسيوي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الولايات المتحدة تتراجع عن حربها ضد التمييز العنصري بمعدل مُثير للقلق. في 2021، ارتفعت جرائم الكراهية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي بشكل حاد لتمثل 339 بالمائة، وذلك مقارنة بعام 2020، وفقا لبيانات صادرة عن مركز دراسة الكراهية والتطرف، وهو مركز أبحاث وسياسات أمريكي غير حزبي. وفي الفترة ما بين مارس 2020 وديسمبر 2021، تم الإبلاغ عن ما يقرب من 11 ألف حادثة كراهية ضد الأمريكيين الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ للتحالف الوطني لوقف كراهية الأمريكيين الآسيويين وجزر المحيط الهادئ. وترجع واحدة من كل 5 حوادث إلى تأثير كوفيد-19 وتقلب الدخل ومشاكل أخرى إلى الآسيويين والأمريكيين الآسيويين. وفي مارس 2021، أطلق روبرت آرون لونج، رجل أبيض بالغ من العمر 21 عاما، النار على 3 متاجر ومنتجعات صحية آسيوية للتدليك في أتلانتا، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص، من بينهم 6 آسيويات. وفي هذا السياق، قالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، في كلمة ألقتها في جامعة إيموري، "إن العنصرية حقيقة في الولايات المتحدة، وكانت موجودة دائما. فإن كراهية الأجانب حقيقة في أمريكا، ودائما ما كانت موجودة." وأضافت "إن الأمريكيين الآسيويين تعرضوا للهجوم وكانوا كبش فداء،" قائلة "إن الأشخاص ذوي المنابر الكبيرة ينشرون هذا النوع من الكراهية". وفي مايو 2021، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن على قانون جرائم الكراهية المتعلقة بكوفيد-19. ومع ذلك، أظهرت دراسة نشرها مركز بيو للأبحاث في مايو 2022، أن 6 من بين كل 10 بالغين آسيويين يشهدون زيادة العنف ضد الأمريكيين الآسيويين في الولايات المتحدة، بينما يقول 19 بالمائة إنهم لم يشهدوا تغييرا كبيرا. -- "العنصرية ضد الأمريكيين من أصل أسيوي في تاريخ الولايات المتحدة" في يونيو 2005، اكتشفت عاملو البناء عظام وتحف خلال توسيع الطريق لتمديد خطوط السكك الحديدية الذهبية إلى شرق لوس أنجليس. وقد عثر علماء الآثار في وقت لاحق على 174 مقبرة، يعود تاريخ بعض منها إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر. ونحت على قليل منها نقوش بالصينية، وبعضها يحتوي على قطع أثرية مثل أباريق الشاي ومجوهرات اليشم. ويعتقد المؤرخون أن الموقع كان ذات يوم حقل خزاف، مقبرة للفقراء، وضاع بسبب التطورات في عشرينيات القرن الماضي. وقد تم دفن العديد من الصينيين هناك، لأنه لم يُسمح بدفنهم بين ذوي البشرة البيضاء في مقبرة "دائمة الخضرة" القريبة. وفي عام 1863، شرعت الولايات المتحدة في مشروع سكة حديد المحيط الهادئ، وهو أول خط سكة حديدية عابر للقارات في أمريكا الشمالية، حيث جندت حوالي 12 ألف عامل صيني لبناء المشروع في ظل ظروف صعبة وبالغة الخطورة. وعلى مدى خمسة أشهر متتالية في الفترة ما بين أواخر 1865 وأوائل 1866، لقى أكثر من 3 آلاف عامل سكك حديد صيني مصرعهم في الانهيارات الجليدية الناجمة عن العواصف الثلجية المتكررة. ولم يتم اكتشاف الضحايا، الذين كانوا يرتدون ملابس ممزقة وحافين القدمين، إلا بعد ذوبان الجليد بعد أشهر. وعلى الرغم من مساهماتهم التاريخية في التنمية الأمريكية، إلا أن الأمريكيين الصينيين أصبحوا ضحايا النفور الاجتماعي والعنف العنصري. وفي 1854، قضت المحكمة العليا الأمريكية بأن الأمريكيين الآسيويين لم يكونوا ولا يمكن أن يكونوا مواطنين، ولم يتم إلغاء مثل هذه القيود المفروضة على حصول الأمريكيين الآسيويين على الجنسية حتى الأربعينيات في القرن الماضي تقريبًا. وكان أول سجل للعنف المنظم ضد الأمريكيين الآسيويين في 1871، عندما هرعت مجموعة من ذوي البشرة البيضاء إلى مجتمع آسيوي بالقرب من الحي الصيني في لوس أنجليس، وأطلقوا النار وشنقوا 21 أمريكيا صينيا، وحرقوا المجتمع، وطردوا السكان من المدينة. كما أدى التحيز العنصري ضد الأمريكيين الآسيويين في نهاية المطاف إلى حظر المهاجرين الصينيين إلى الولايات المتحدة، من خلال سن قانون الاستبعاد الصيني عام 1882، والذي ظل قيد التنفيذ حتى 1943. وفي الوقت نفسه، قال شو، رئيس منظمة الدفاع عن الأمريكيين الصينيين المذكورة أعلاه، إن خطيئة التمييز العنصري متجذرة بعمق في تاريخ الولايات المتحدة، متخذا قانون الاستبعاد الصيني مثال على ذلك، وأشار إلى أن القانون الذي استهدف وقمع مجموعة عرقية معينة، أسفر عن ضرر لا يمكن إصلاحه للأمريكيين الصينيين. وفي ليلة 19 يونيو 1982، تعرض الأمريكي الصيني فينسنت تشين البالغ من العمر 27 عاما للضرب حتى الموت، على يد 2 من العاملين في مصانع السيارات ذوي البشرة البيضاء في مدينة ديترويت الأمريكية، وذلك في الوقت الذي ألقى فيه السياسيون المحليون وزعماء الاتحاد والمديرين التنفيذيين لشركات السيارات اللوم على اليابان في تراجع صناعة السيارات الأمريكية، وقُتل تشين خطئا باعتباره يابانيًا. وفي نهاية المطاف، حُكم على المجرمين بدفع غرامة تُقدر بـ3 آلاف دولار أمريكي ووضعهم تحت المراقبة. وفي ضوء ذلك، قال تشارلز كوفمان، القاضي الأمريكي السابق الذي حكم في هذه القضية "هؤلاء ليسوا من النوع الذي يتم إرساله إلى السجون. لا يمكنك جعل العقوبة مناسبة للجريمة؛ بل تكون مناسبة للمجرم". وفي السياق ذاته، كتب ديفيد شيه، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة ويسكونسن، في مقال رأي نُشر في صحيفة ((نيويورك تايمز)) العام الماضي "في 1982، أصبح السيد تشين كبش فداء، ليس للعاملين اليابانيين في شركة السيارات والمديرين التنفيذيين اليابانيين فحسب، بل أيضا لأسلوب الحياة المتدهور لأولئك الذين كانوا في الماضي بقوة في الطبقة الوسطى ولكنهم سرعان ما خرجوا منها". اليوم، يكون الأمريكيون الآسيويون أيضا "كبش فداء لإحساس متلاشي بالرفاهية في مجتمع يحركه السوق ويتسم بالتنافسية المفرطة،" بحسب شيه. -- "إنها مشكلة متجذرة بعمق" في وقت سابق من هذا العام، وضعت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها قيود دخول تمييزية على الصين، تُطالب المسافرين من الصين إلى الولايات المتحدة تقديم نتائج اختبار سلبية لكوفيد-19 صادرة في غضون يومين من مغادرة البلاد أو إثبات الشفاء من المرض في غضون 90 يوما. وفي ضوء ذلك، قال جوناثان راينر، أستاذ الطب والجراحة في كلية جامعة جورج واشنطن، في تغريدة على ((تويتر)) "إن خطة الولايات المتحدة التي تُطالب بفحص المسافرين من الصين قبل مغادرتهم في الغالب خطة أدائية،" مضيفًا "أن الاختبار الصيني ليس سوى بادرة". ومن جانبه، قال جون سي يانغ، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة العدالة للأمريكيين الآسيويين، إن السياسة في حد ذاتها ليست مصدر رئيسي للقلق، بل البيئة الأكبر المعادية للصينيين التي فُرضت من خلالها هذه القاعدة، لافتا إلى أنها قضية تتجاوز حقبة الوباء. وأضاف "نشعر بالقلق من أن تكون تلك ذريعة لسحق الصين، من خلال إثارة رد فعل عنيف ضد الأمريكيين الصينيين والجالية الأمريكية الآسيوية بأجمعها". وبعد حوالي أسبوع من دخول قيود الدخول حيز التنفيذ، تعرضت امرأة آسيوية بالغة من العمر 18 عاما في جامعة إنديانا بلومنجتون لهجوم، وطُعن عدة مرات في رأسها بسكين في حافلة من قبل امرأة بيضاء بالغة من العمر 56 عامًا. وقالت المشتبه بها للشرطة إن هدفها كان امرأة "صينية" وهكذا "قل عدد أولئك الذين يريدون تفجير بلادنا بشخص واحد". وفي الوقت نفسه، قالت هو بينغ لينغ، مؤرخة أمريكية شهيرة تركز على الدراسات الأمريكية الآسيوية، إن العنف القائم على كره الأجانب ضد الأمريكيين الآسيويين له جذور تاريخية عميقة في الولايات المتحدة. وأشارت في كتابها "التاريخ والثقافة الآسيوية الأمريكية: موسوعة" إلى أن العنف القائم على كره الأجانب الذي تحركه قوانين وسياسات متحيزة عنصريًا وتمييزيًا، بدأ مع الموجة الأولى من المهاجرين الصينيين للولايات المتحدة وتكرر منذ ذلك الحين. وقال لي مين جين، كاتب أمريكي من أصل آسيوي نشأ في كوينز بنيويورك، في مقابلة مع وسيلة إعلام أمريكية، إنه بغض النظر عن مدى تعليم الأمريكيين الآسيويين أو مدى أمان مجتمعاتهم، فمن المحتمل أن يتعرضوا إلى الإهانات والهجمات، وربما حتى تقتل. وهذه النتيجة التاريخية لاضطهاد المجتمع الآسيوي على المدى الطويل. ومن جهة أخرى، يجادل بعض العلماء بأنه على عكس التمييز العنصري ضد الأمريكيين من أصل أفريقي، فإن التمييز العنصري ضد الأمريكيين الآسيويين في المجتمع الأمريكي كان كرهًا للأجانب على المستوى التاريخي. وفي جوهرها، تكون، من جذورها النفسية، وجهة نظر "لتنفير الآسيويين بشكل دائم". وفي الوقت نفسه، كتبت المؤرخة الصينية الأمريكية إيريكا لي في كتاب "صنع أمريكا الآسيوية: تاريخ" أنه على الرغم من إلغاء القوانين التمييزية التي فُرضت في الماضي، إلا أنه لم تتحقق المساواة الكاملة للأمريكيين الآسيويين في المجتمع الأمريكي. استقر العديد من الآسيويين في الولايات المتحدة منذ أجيال، ولكنه ما زال يتم معاملتهم كدخلاء، ما سمح بالتمييز العنصري، حيث أصبحوا أهدافا للعنف والقتل وجرائم الكراهية. ومن جهتها، اعترفت الكاتبة والصحفية الأمريكية من أصل صيني كاثرين تشين في مقالة دورية بأنها شعرت لسنوات عديدة بأنها دخيلة في الولايات المتحدة، ليس لديها خيار سوى التفريط في تقاليدها العرقية وثقافتها. وأضافت أنه على الرغم من أن المجتمعات الأمريكية الآسيوية تعرضت للضرب أو الطعن أو الدفع في مسارات المترو، إلا أن "ما حدث لنا لم يُلاحظ بين أقراننا ولم يُسجل في كتب التاريخ المدرسية ولم يُذكر في خطابات الحقوق المدنية". وبمعنى أوسع، تعتبر العنصرية ضد الآسيويين أحد مظاهر التمييز العنصري الممنهج في الولايات المتحدة. فقد تعرض الآسيويون، مثل الأمريكيين من أصل أفريقي واللاتينيين والأمريكيين الأصليين والأقليات العرقية الأخرى، للتمييز والقمع من قبل "المتعصبين ذوي البشرة البيضاء" في الولايات المتحدة لفترة طويلة، فضلا عن أنهم ضحايا الكراهية العنصرية والعداء الذي يحرض عليه الساسة الأمريكيون الذين يتصرفون من أجل مصالحهم الخاصة. وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة المائة هوانغ تشينغ يو "نحن أمة من المهاجرين مع تاريخ من التمييز واستغلال الأقليات. وما زلنا نتعلم من أخطاء الماضي. لقد ساهم الأمريكيون الآسيويون بقوة في نجاح الولايات المتحدة، ولكن لا يزال هناك حاجة للكثير من العمل لمعاملة الأمريكيين الآسيويين كأمريكيين. وأضاف أن الكفاح ضد الكلمات والتصرفات العنصرية لبعض الساسة والقادة تجاه الجالية الأمريكية الآسيوية، وكذلك الصور النمطية القائمة منذ فترة طويلة، ما زال قائما على أساس يومي. تشانغ يون هان، صاحب متجر شاي في واشنطن العاصمة، تعرض لهجوم ضد الآسيويين، ويعتقد أن تفاقم جرائم الكراهية في أعقاب كوفيد-19 هو ذروة العنصرية التي ابتليت بها الولايات المتحدة لقرون. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إنها لن تختفى. إنها مشكلة متجذرة بعمق".■
مشاركة :