قصر الحصن رمز لنشأة أبوظبي ومثال للشموخ والأصالة فيها

  • 2/4/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل مبنى قصر الحصن رمزاً لنشأة أبوظبي ومثالاً للشموخ والأصالة فيها، وهو أول مبنى يشيد في الإمارة، ليصبح بعد ذلك مقراً لإقامة أجيال متعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة. نشأ قصر الحصن في ستينات القرن السابع عشر برجا للمراقبة شيده شيخ قبيلة بني ياس الشيخ ذياب بن عيسى المتوفى عام 1793، من الحجر المرجاني البحري. وبموقعه المتميز المطل على البحر، حمى المستوطنة التي نمت حول مصادر المياه التي اكتشفت في الجزيرة. ومع اكتمال بناء برج المراقبة، استقطبت هذه المنطقة أعداداً كبيرة من السكان الجدد، لدوره في توفير الأمان وإضفاء أجواء الاستقرار والطمأنينة. كما انتقلت قبيلة بني ياس إلى منطقة الساحل، وقرر الشيخ شخبوط بن ذياب حاكم أبوظبي (1795 - 1816)، تحويل برج المراقبة إلى حصن منيع. بني الحصن من الأحجار البحرية والمرجانية، وغطيت جدرانه بخليط مصنوع من الكلس والرمال المحلية والأصداف البحرية المطحونة. وبفضل ميزة انعكاس الإضاءة التي تتميز بها الأصداف، فقد كانت جدران الحصن تتلألأ تحت أشعة الشمس، ليصبح علامة شاطئية مميزة ترحب بالتجار القادمين إلى المنطقة. وقد اختير خشب أشجار القرم (المانغروف) لتغطية الأرضيات وبناء السقوف لما يتمتع به من صلابة وقدرة على التحمل والدوام لمدة زمنية طويلة. وفي بداية القرن التاسع عشر، قام الشيخ طحنون بن شخبوط حاكم أبوظبي (1818 - 1833) بتوسيع الحصن، لتتحول القرية الصغيرة التي تكونت من عدد قليل من الأكواخ المصنوعة من سعف النخيل إلى بلدة كبيرة يقطنها أكثر من خمسة آلاف شخص. ليأتي بعد ذلك الشيخ سعيد بن طحنون حاكم أبوظبي (1845- 1855) ليتولى تنفيذ توسعة أخرى إلى الحصن وإضافة مزيد من التحسينات والتطويرات في خمسينات القرن التاسع عشر. وبعد فترة من الظروف القاسية التي شهدتها المنطقة بسبب الانحدار والتراجع الذي تعرضت له تجارة اللؤلؤ، عاد الحصن ليتوسع من جديد خلال فترة التنقيب عن النفط واكتشافه بين عامي 1939 و1950. وقد اعتمد الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي (1928 - 1966) على عائدات النفط لبناء القصر المهيب الذي أحاط بالحصن القديم. قرر بعد ذلك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، إجراء أعمال تجديد شاملة على مبنى قصر الحصن، ليحوله بذلك من مقر إقامة للأسرة الحاكمة إلى متحف ومعرض للكثير من القطع والمجموعات الأثرية التي ترتبط بتاريخ أبوظبي ومنطقة الخليج. ولعل أحد الجوانب الأكثر براعة في هيكل القلعة هو نظام التهوية التقليدي البارجيل - وهو من أقدم نظم تكييف الهواء. فالفتحات الغائرة في جدران البارجيل توجه نسيم البحر إلى الغرف الداخلية عبر الممرات الهوائية الضيقة. وتوفر الجولات التي ستتوفر للزوار معلومات هامة حول بناء القصر والبرج، وبالنظر إلى عمر القلعة وأهميتها نسبةً لتاريخ أبوظبي، يحرص فريق الترميم على اتخاذ كل تدابير الحيطة والحذر لتفادي إلحاق أي ضرر بالنسيج الأصيل للهيكل الأساسي. خاصة في التدخلات الجارية على برج المراقبة القديم، الأمر الذي يعد أكبر تحدٍ يواجهه المهندسون المعماريون وفريق الترميم بسبب بقاء الكثير من أعمالها الحجرية الأصلية. المجلس الوطني الاستشاري تم بناء المجلس الوطني الاستشاري من 1968 إلى 1970، بحسب التحليلات التي أجريت على العديد من الصور الجوية التاريخية لأبوظبي. وتم بناء هذا المبنى ليكون المكان الذي سيتم فيه توحيد الإمارات المتصالحة. ولقد شهد المكان الكثير من القرارات التاريخية الحاسمة واستضاف المناقشات الوطنية والاتحادية حتى أواخر التسعينات. أصبح المبنى في وقت لاحق مقراً للمجلس الوطني الاستشاري والمجلس الوطني الاتحادي. وعلى المستويين المحلي والوطني فقد شهد هذا المقر تطوير نظام حكم حديث له جذوره المرتبطة بالمفاهيم التقليدية للمجلس والشورى. وكان لبناء مقر المجلس خارج أسوار قصر الحصن دلالة أن القصر مازال يمثل نبض الحياة السياسية والاجتماعية والإدارة الحكيمة في أبوظبي وفي دولة الإمارات. ويتيح المهرجان لزوراه التمتع بتجربة مباشرة من خلال زيارة الغرفة من الداخل ورؤية كيف توقف الزمن فيها، والاستماع إلى مقاطع صوتية حول القرارات الحاسمة التي تم اتخاذها والاجتماعات التي عقدت داخل المجلس. ويعرض المجلس المقتنيات الأصلية التي كانت موجودة فيها بما فيها أجهزة التسجيل التي لا تزال في مكانها وعلب المحارم الورقية التي تم استخدامها في الاجتماعات التي عقدت في تسعينات القرن الماضي. وكذلك رؤية كيف تم توسيع البناء في ثمانينيات القرن الماضي كجزء من أعمال الترميم التي أجريت في تلك الحقبة. وتمت إضافة بناء للمطبخ والمرحاض في الجزء الخلفي من المبنى، ما جعل الهيكل أقرب إلى جدران القصر. مبنى المجمع الثقافي يقع المجمع الثقافي في منطقة قصر الحصن ويحتوي على أول مركز ثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما كان يُستخدم كمكتبة وطنية، ومسرح للعروض، ومركز للمعارض. صممت المجمُع في السبعينات شركة ذي آركيتكتز كولابوراتيف التابعة لوالتر غروبيوس وتم بناؤه استجابة لرغبة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان في تشجيع وتغذية الوعي الثقافي لكل مواطني دولة الإمارات. كان المبنى يعبر عن استشراف جوهري جديد لدور الثقافة وكانت الحاجة إلى مثل تلك المؤسسة ايذانا بولادة مرحلة جديدة للإمارات العربية المتحدة. تتمثل الأهمية السياسية والرمزية للمبنى في الفلسفة الحديثة التي كانت تحكم المجمع داخليا لعرض وتسهيل الوصول إلى التراث والفن من خلال الاحتفاء بالثقافة المحلية وإبراز تأثيرها وتبادلاتها عالميا، فيما وراء القيمة الظاهرة للرموز التراثية التي أعيد بناؤها. وتم الاعتراف بالمجمُع الثقافي اقليميا وعالميا مركزا ثقافيا مهما للمنطقة. ويعد المجمع الثقافي واحدا من الأمثلة الأكثر نجاحا في أبوظبي على المزج الماهر والمدروس بين العمارة الحديثة والإسلامية، سواء من حيث مبادئ التصميم الأساسية أو التفاصيل الجمالية. وتتضمن الخاصية الانغلاقية للمبنى عناصر من العمارة المحلية بشكل مباشر وتعكس عمارة قصر الحصن من خلال استخدام الخرسانة الخارجية العادية والمكشوفة، والتدريج المنخفض، والخطوط الطولية، والتفاصيل المعمارية. كما أن المهارة في إدماج العناصر البرمجية الثلاثة وهي: التعلم (المكتبة)، وفنون الأداء (المسرح)، والفنون البصرية (قاعة المعرض وغرف الاجتماعات) لصنع مساحة عامة مفتوحة للجمهور (مساحة المعرض) تبرز الكيفية التي يجسد بها التصميم المفاهيم المعمارية الحديثة والإسلامية للتركيز على الوظيفة والهندسة وليس على تماثل التصميم. يبرز ذلك من خلال التصميم الداخلي الشبكي للمبنى، والارتباط بين الأنماط الهندسية، وتكرار العناصر والتي تكرس جميعها المفهوم الحديث الخاص بالمساحة الشاملة حيث تترابط الأشكال والمساحات عضويا وبشكل انسيابي داخل بعضها البعض من خلال الخاصية التوصيلية المسامية للضوء والظل، والانتقال من مكان لآخر عبر مساحات مفتوحة، والقدرة على الرؤية والوصول إلى الأماكن. ونظراً لأهميته التاريخية، والاجتماعية، والمعمارية، والرمزية، والحضارية، فقد سجل المجمع الثقافي نفسه كأحد الانجازات الرئيسية لدولة الإمارات الناشئة، وأحد العناصر المهمة المكونة لذاكرة أبوظبي الحية، ومرحلة جوهرية لتتويج الجهود المستمرة نحو نمو أبوظبي ثقافياً.

مشاركة :