تعد المصممة المصرية عزة فهمي واحدة من أبرز النساء العربيات اللائي اقتحمن مجال تصميم المجوهرات وإنتاجها بعد استحواذ استمر مئات السنين من قبل الرجال، وتحولت عزة فهمي الى رائدة في هذا المجال ليصل اسمها وابداعها الى العالمية وتضيئ الطريق لمزيد من مصممات المجوهرات العربيات. مصممة المجوهرات عزة فهميوبمناسبة يوم المرأة العالمي نحتفي بمصممات المجوهرات ونعتز بمكانة عزة فهمي الخاصة وما حققته في صناعة المجوهرات، فهي تعد الرائدة والملهمة لكل امرأة عربية ترغب في دخول هذا العالم الساحر.. بدايات مبدعة قلادة من عزة فهمي مستلهمة من المقرنصات المعمارية المملوكيةوُلدت عزة فهمي في مدينة سوهاج بصعيد مصر عام 1945 وتخرجت في قسم التصميم الداخلي بكلية الفنون الجميلة، وبعد حصولها على كتاب يؤرخ تصميم المجوهرات في العصور الوسطى عام 1969 هامت الفتاة الشابة عشقاً بهذا الفن وقررت أن تتوجه الى ورش تصنيع الحُلّي بمنطقة خان الخليلي في القاهرة لتحصل على التدريب اللازم. وفي ورشة الحاج سيد أحد أهم صناع المجوهرات في خان الخليلي آنذاك بدأت عزة فهمي مسيرتها بروح شغوفة ودأب لا ينقطع لتتعلم تقنيات تصنيع المجوهرات والتعامل مع المعادن المختلفة، وفي أجواء هذه المنطقة المفعمة بالتراث والآثار الخالدة إكتشفت عزة فهمي روح الاستلهام التي سترافقها لعقود لاحقة. خاتم كف فاطمة من ابداعات عزة فهميفمن شرفة الورشة تشاهد عزة فهمي على قبة أحد المساجد المملوكية بالمنطقة الأثرية العريقة الكلمات المحفورة باللغة العربية ذات الجمال الساحر، وأضاء ذلك في عقلها فكرة لا تنضب.. وهي استخدام الكتابات المحفورة على المجوهرات على غرار العقد الخاص بالملكة شجرة الدر الموجود بالمتحف الاسلامي بالقاهرة والذي يحمل حفر لعبارة "عز دائم". انطلاقة فنية اسوارة عزة فهمي بتصميم مستوحى من العمارة المملوكيةفي منتصف السبعينات حصلت عزة فهمي من خلال المجلس الثقافي البريطاني على زمالة لدراسة تصميم المجوهرات في كلية السير جون كاس لتتعلم أهم تقنيات صناعة المجوهرات، وبعد عودتها أسَست ورشتها الخاصة الأولى. وانطلقت عزة فهمي الى عالم تصميم المجوهرات بأسلوب متفرد ورح تحتفي بالتراث الأصيل.. فقدمت مجموعتها الأولى للمجوهرات تحت عنوان "منازل النيل" المستوحاة من أسلوب الحياة المصري، واستخدمت الخط العربي لتقدم مجوهرات مزيّنة بالمقولات والأمثال الشعبية والأبيات الشعرية وكلمات الأغاني الشهيرة المحفورة في قلوب المصريين. قلادة عزة فهمي مستلهمة من المجوهرات المغوليةفقد تألقت على مجوهرات عزة فهمي أبيات للرومي وجبران وصلاح جاهين وإبن حزم الأندلسي والخيّام كما برزت كلمات أغاني سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وحافظت عزة فهمي في تصميماتها على توازن مذهل بين التراث والأناقة العصرية، كما إهتمت بالحفاظ على التقنيات التقليدية لصناعة المجوهرات في مصر. نجاح منقطع النظير مجوهرات عزة فهمي من وحي مصر القديمةعقود من النجاح والتألق مهدّت خلالها عزة فهمي الطريق لمصممات المجوهرات العربيات، فقد وصلت تصميماتها الى العالمية وحظيت بإعجاب أشهر الشخصيات مثل الأميرات والملكات العربوالنجمات العالميات مثل ريهانا وناعومي واتس وجوليا روبرتس،كما أقيمت لتصميمات عزة فهمي عشرات المعارض حول العالم. اسوارة عزة فهمي بتصميم فرعوني من الذهب والفضة الاسترلينيةوتوّجت عزة فهمي مسيرتها الفنية بتعاونات فنية دولية حيث تعاونت مع جوليان ماكدونالد في أسبوع الموضة بلندن عام 2006، كما تعاونت مع المتحف البريطاني عام 2012 في معرض "الحج: رحلة الى قلب الاسلام"، وفي عام 2015 جدّدت عزة فهمي التعاون مع المتحف البريطاني في معرض مصر: الايمان بعد الفراعنة، كما قامت عام 2021  بتصميم المجوهرات المستخدمة في احتفال موكب المومياوات الملكية في مصر. خاتم عزة فهمي مستلهم من الجعران الفرعونيوبالتأكيد كان للرموز والحلي الفرعونية نصيباً من ابداعات عزة فهمي التي ابتكرت تصميمات مستوحاة من هذه الرموز وتستحضر قدراتها في الحماية مثل قلادة نخمت وهي النسر الذي يبسط جناحيه لحماية صغاره من الأشرار، وحرصت عزة فهمي خلال تصميم مجموعتها الفرعونية الأولى على الابتكار وليس استنساخ المجوهرات الفرعونية الأثرية. موروث من الفن عزة فهمي وابنتيها فاطمة وأمينةتصف عزة فهمي عملها بالمجوهرات بأنه علاقة حب مجنون فهي لا تقوم بإخراج أي قطعة مجوهرات من ورشتها دون أن تكون قد وقعت في حبها محبة خالصة، لذلك تجد هذه المحبة طريقها الى قلب الجمهور، كما تؤكد على أهمية التركيز على الابداع دون السعي وراء المكاسب المادية لأن تلك اللمسة الابداعية الحقيقية هي ما يضفي الأصالة على تصميماتها،وتحرص عزة فهمي على الرسم بالقلم على الورق حتى الآن والابتعاد عن التصميم باستخدام الحاسوب لكي تتمكن مشاعرها من الخروج بحرية وعفوية. عزة فهمي في ورشتها مع ابنتها أمينةوتتعاون عزة فهمي اليوم مع ابنتيها لادارة علامتها المرموقة للمجوهرات، فقد درست ابنتها أمينة تصميم الحلي لمدة 5 سنوات في انجلترا بالاضافة الى سنتين في ايطاليا وتساهم في اضفاء الجرأة والعصرية على تصميمات دار عزة فهمي، بينما تقوم ابنتها فاطمة بتولي الادارة والتسويق واستطاعت تحقيق توسع كبير للشركة على الصعيد المحلي والعالمي. اقراط غير متماثلة بشكل الهلال والنجوم من ابداعات عزة فهميوقد أضيفت لتصميمات عزة فهمي في السنوات الأخيرة العديد من الابتكارات العصرية التي تلائم أحدث موضات المجوهرات مثل عقود تشوكر الرفيعة وخواتم التكديس الرشيقة وأقراط CUFF والأقراط غير المتماثلة وغيرها. آفاق من النجاح عقد من عزة فهمي بأحجار كابشون من الياقوت الأحمر والأزرق والتورمالين الوردي والأخضر والماس البنيوقد أسست عزة فهمي "ستوديو عزة فهمي للتصميم" عام 2013 بالتعاون مع مدرسة التصميم المعاصر في فلورنسا حيث تقوم بتدريب الطلبة على مهارات الحلي التي تتميز بهاكما تشارك مؤسسة ساويرس ضمن مشروع خيري يهدف الى تطوير الحرف بالمناطق النائية والمحتاجة وتحويلها الى قطع عالية الجودة قابلة للتسويق العالمي. اسوارة عزة فهمي بموتيفات هندسية أمازيغية وغجريةكما نشرت عزة فهمي عدة كتب توثق رحلتها لاستكشاف الجمال الكامن في المجوهرات التقليدية والقديمة، ففي عام 2007 نشرت كتاب مجوهرات مصر المسحورة كما قدمت عام 2015 كتاب المجوهرات التقليدية المصرية. تعاون فني بين عزة فهمي ودار بالمانومن آخر انجازات عزة فهمي التعاون مع دار بالمان، فقد استلهم أوليفييه روستينج المدير الابداعي للدار مجموعة ربيع 2023 من مصر القديمة ، ومن خلال التعاون مع عزة فهمي تم انتاج بوستييه مطلي بالذهب يتخذ شكل عين حورس ليعبر عن تمجيد الحضارة المصرية. وتتمتع القطعة بإستلهام من كنوز توت عنح آمون والأجنحة الحامية للإلهة نخبت بينما يتمتع التصميم من الخلف بوجود سلسلة مع جعران لتمثل التجدّد والعودة الى الحياة. أحلام لا تنتهي عزة فهمي وابنتها أمينة تصممان المجوهراتتقول عزة فهمي بأن أحلامها لا تنتهي فكل أحلامها الناجحة أنتجت أحلام أخرى ناجحة، ولذلك أطلقت على كتاب مذكراتها اسم "أحلام لا تنتهي"، وهي تحلم بعمل أرشيف لكل تصميماتها في متحف بالاضافة الى متحف للحلي المصرية التقليدية ايماناً منها بأهمية هذه الخطوة في حفظ هذا التراث المصري الابداعي.