غياب وتعطيل الأنظمة الأساسية خطر يهدد الكرة السعودية

  • 2/4/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تلعب الجمعيات العمومية في اتحادات كرة القدم في جميع دول العالم المتقدمة رياضياً دوراً بارزاً في رسم سياسات الاتحاد الذي يعد المسؤول الأول عن شؤون كرة القدم في البلاد، وهو الأمر الذي لايُعمل به في الكرة السعودية. ففي حالة اتحاد كرة القدم وجمعيته العمومية، يظن البعض أن دور الجمعيات العمومية يقتصر على حجب الثقة وإسقاط الاتحاد تماماً مثلما حدث في الصراع الذي دار بين اتحاد الكرة من جهة، وبعض أعضاء الجمعية من جهة أخرى، وهو المفهوم الضيق الذي لايخدم كرة القدم ورياضة الوطن. وبالعودة إلى النظام الاساسي لاتحاد كرة القدم السعودي، نجد أن مفهوم الجمعية يبدو أشمل مما يعتقد كثيرون، إذ تحدد المادة () هوية أعضاء الجمعية التي تشترط أن تضم أعضاء يمثلون مجالس الإدارة الحالية في أندية الدرجة الممتازة (دوري المحترفين) بجانب ممثلين عن الأندية العشرة الأوائل في دوري الدرجة الأولى في الموسم الذي يسبق اجتماع الجمعية، وتسعة أعضاء يمثلون الأندية التسعة الأوائل، بجلنب ثمانية أعضاء يمثلون الفرق الثمانية المتأهلة لتصفيات المملكة النهائية المؤهلة لدوري الدرجة الثانية، وممثلي الروابط والمنظمات المرتبطة بالاتحاد كرابطة دوري المحترفين واللجنة الأولمبية وهو الأمر الذي لم يطبق كما تنص المادة إياها، إذ تضم الجمعية العمومية أعضاء لايحملون عضوية إدارات أنديتهم، والأدهى من ذلك هو عدم مطالبة الجمعية العمومية تلك الأندية بترشيح بدلاء. تملك الجمعية العمومية، طبقاً للمادة () العديد من الصلاحيات الرقابية على المستويات التنظيمية والادارية والقانونية والمالية لكن الجهة التي يمكن وصفها ببرلمان كرة القدم لاتمارس صلاحياتها، وتحصر نفسها في خانة ضيقة لاتتجاوز محاولة تكييف الأنظمة لمصلحة أعضائها والأندية التي يمثلونها وهو ما تؤكده الحملة التي قادها المرشح السابق لرئاسة الاتحاد ضد مجلس الادارة الحالي ورئيسه أحمد عيد. هناك الكثير من القضايا التي يمكن للجمعية العمومية أن تسجل حضوراً مهماً من خلالها، مثل مناقشة أداء اتحاد الكرة ولجانه الفنية والقضائية، وأهم من ذلك الوقوف على أسباب الاخفاقات المتلاحقة للمنتخبات السعودية والتي كان آخرها السقوط المدوي للمنتخب الأولمبي السعودي في الدوحة، وما صاحبه من أحداث تسيء للكرة والرياضة السعودية، ونقصد هنا ردود الفعل وتبعات الخروج من البطولة ومحاولة كل طرف التملص من مسؤولياته ودوره والإلقاء باللائمة على طرف آخر. ولا أسوأ مما يحدث في اتحاد الكرة وجمعيته العمومية أوضاع رابطة دوري المحترفين التي استقال منها رئيسها محمد النويصر بعد اعوام طويلة من العمل ومحاولة تحقيق نجاحات كبيرة تنقل الكرة السعودية عبر مسابقة الدوري إلى قائمة الدول المحترفة، وهو ما حدث بشكل يمكن القول إنه جزئي، إذ لايزال أمامنا الكثير حتى نصل إلى التكامل الاحترافي على مختلف الأصعدة إن التنظيمية أو حتى المالية والقانونية. ويكفي القول إن رابطة دوري المحترفين التي ستكمل عامها الثامن قريبا لا تزال بلا نظام أساسي يوضح حقوق وواجبات الأندية التي تقع تحت مظلة الرابطة وممثليها وحتى إدارة الرابطة وأعضائها، ولعل المشكلات والصدامات المتعددة التي شهدتها أروقة هذه المنظومة شاهد على أن العمل بلا "دستور" يعني المزيد من التشتت والفوضى والانقسامات، ولا أدل من ذلك إلا انقطاع التواصل بين الرابطة وأعضائها لفترة طويلة وعدم عقد اجتماعات تتعلق بمستقبل المنظومة المنبثقة عن اتحاد الكرة، ولا حتى عن مشكلات الأندية المالية وبحث سب حلها وهو أمر يثير الاستغراب. خذوا مثلاً قضية خلاف الأندية الرافضة لطريقة توزيع حقوق النقل التلفزيوني والتي حدثت في الموسم الماضي وطريقة التعامل مع مطالبها والخلافات التي نتج عنها إعلان مسؤولي قرابة نصف أندية "دوري عبداللطيف جميل" مقاطعة اجتماعات الرابطة، الأمر الذي لم يقابل بأية مبادرة لتقريب وجهات النظر، ويكفي القول إن ممثلي الأندية لم يلتقوا على طاولة اجتماعات الرابطة منذ تلك الفترة بسبب تداعيات الاختلاف حول توزيع الحقوق. كل هذا حدث بسبب غياب النظام الأساسي الذي يحدد صلاحيات الرابطة ودور الأندية وممثليها وينظم العلاقة بين الطرفين، ويساعد على تطوير دوري المحترفين السعودي من حيث العلاقة القانونية بين الأندية التي تقدم المُنتج وهو الدوري السعودي والجهة المنظمة والمسوقة لهذا المنتج. أيضاً لابد من الإشارة للمشكلات المالية التي دفعت أندية الاتحاد والنصر والهلال للاقتراض، إذ لا أحد يعلم عن دور الرابطة المسؤولة عن متابعة الموقف المالي لكل فرق الدوري، فلا نعرف إن كان للرابطة رأي يؤيد اللجوء للاقتراض أو يعارضه، إذ كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب وحدها الجهة التي تصدرت المشهد وعملت على تنفيذ مطالب الأندية وضمان حقوق الجهات المانحة للقروض بضمان حقوق النقل التلفزيوني ورعاية الدوري وهي الحقوق المرتبطة بشكل مباشر بالرابطة واتحاد كرة القدم من خلال مرورها على هاتين الجهتين قبل تسليمها للأندية. لا يمكن للفوضى أن تصنع رياضة محترفة قادرة على مقارعة ومنافسة الفرق والمنتخبات المحترفة على مستوى القارة "الصفراء" فضلاً عن المستوى العالمي، إذ لايمكن أن تنطلق كرتنا وتتخلص من حقبة النكسات إلا من خلال العمل باحترافية والذي يبدأ بسن القوانين والأنظمة الجيدة التي تكفل الحقوق وتمنع أي طرف من ممارسة ما هو خارج نطاق صلاحياته، ووجود الأنظمة الأساسية في المنظمات الرياضية وتفعيلها، والعمل بها بشكل كامل من دون انتقائية سيضمن العدالة أولاً وسيحقق الكثير لكرة القدم والرياضة السعودية بشكل عام وهذا أمر يتطلب عملاً جاداً لتحقيقه، في حين أن المماطلة والتسويف، وحتى وضع الأنظمة واللوائح على الرف لن تجلب للكرة السعودية ورياضتنا إلا المزيد من الاخفاقات بل والصراعات التي ستعمق معاناتنا مع الإخفاقات المتكررة.

مشاركة :