لا انتخابات في سورية حتى ٢٠١٨ والأمم المتحدة قد تكتفي بدور المراقب

  • 2/4/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتسم خطة المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا لمراقبة مراجعة الدستور وإقراره، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في سورية، بالشمولية والقوّة كتصور تقني للعامين المقبلين، لكنها من الناحية السياسية مفرطة في خفض التوقعات بالنسبة إلى إمكان تطبيق خريطة طريق فيينا لجهة موعد إجراء الانتخابات «رئاسية كانت أم برلمانية». ويكرر دي ميستورا في الخطة المصنّفة «سرية» في فقرات عدة، أن الإطار الزمني الذي وضعته مجموعة الدعم الدولية لسورية «مفرط في التفاؤل» حيال موعد الانتخابات، موضحاً بالنص الحرفي أنها «لن تُنجز بحلول كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨». وتبيّن الخطة المعنونة «سري - للنقاش: ورقة إطار للانتخابات في سورية» أن المبعوث الدولي أعدّ نفسه سلفاً لفترات بطء وتعطيل ستواجه مهمته عندما تبدأ المفاوضات «الفعلية»، أي الجانب السياسي من المحادثات، التي لم تصل بعد إلى مرحلة «عتبة الباب في الانتقال السياسي»، وفق وصف مواكبين لعمله. وتعدّ عملية مراجعة الدستور «وإقراره شعبياً»، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أساسه، واحدة من المراحل الأساسية في عملية الانتقال السياسي، وهو ما حرص فريق عمل دي ميستورا على التحذير من الإفراط في التفاؤل بالنسبة إلى الإطار الزمني الذي ستستغرقه. وتتضمن الخطة تصوّراً للعملية الانتخابية بكامل متطلباتها السياسية والتقنية واللوجستية، متوقعاً أنها تستلزم «١٣٠ ألف موظف في يوم الاقتراع وحده» وأن الأمم المتحدة ستحتاج إلى «أكثر من ٥٠٠ موظف» في بعثتها مع كل ما يعني ذلك من تحضيرات سياسية وأمنية ومالية لمواكبتها. الانتخابات وينطلق دي ميستورا في تصوّره من منهجية ثابتة طبعت أداءه تقوم على الارتكاز على غطاء سياسي من مجلس الأمن مدعّم بإطار دولي - إقليمي أوسع، بحيث يورّط القوى النافذة في اتخاذ القرار ليمتطي هو صهوة التنفيذ. ويشترط تصوّر الانتخابات السورية الحصول أولاً على تفويض من مجلس الأمن في قرار قوي «ولكن مرن» لبعثة أممية مرتبطة بمكتب دي ميستورا، تتدرج سيناريوات عملها من إمكان «إشراف كامل مع تحمّل المسؤولية السياسية عن نتائج الانتخابات» وصولاً إلى مجرد «مراقبة» الانتخابات من دون مسؤولية سياسية. ويقر دي ميستورا بأن «السوريين لن يقبلوا إعطاء الأمم المتحدة المسؤولية السياسية الكاملة على العملية الانتقالية»، من دون أن يحدد مَن من السوريين يقصد بذلك، على رغم مركزية «الاعتماد الكبير على الأمم المتحدة في الجانب التقني والتوجيه السياسي، أو للحصول على المساعدة في منح الشرعية لعملية الانتخابات». ويقول في مقدمة «الورقة - الإطار» إن «الإطار الزمني الموضوع حالياً لمراجعة الدستور والمصادقة عليه والانتخابات متفائل للغاية» في إشارة إلى خريطة طريق فيينا. ويضيف أن بياني فيينا «وضعا في يد الأمم المتحدة دوراً مهماً في إجراء الانتخابات تحت إشرافها، كما أنها ستطالبُ بتقديم المساعدة في الحصول على المصادقة الشعبية (الاستفتاء) على الدستور الجديد». ويضع دي ميستورا ٤ احتمالات لولاية بعثة الأمم المتحدة المعنية بالانتخابات: تبدأ من أعلاها أي «انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة (إشراف) وتتحمل هي المسؤولية السياسية عنها»، نزولاً إلى «انتخابات يجريها السوريون مع إشراف الأمم المتحدة على صدقيتها»، وصولاً إلى ولاية تكتفي فيها الأمم المتحدة بتقديم «مساعدة تقنية لانتخابات يتحمّل السوريون مسؤوليتها السياسية»، والمستوى الأدنى هو مجرد «مراقبة» دولية.   الإشراف ويعرّف تصوّر دي ميستورا مصطلح «الإشراف» على الانتخابات بأنه «إجراء كان شائعاً في فترة تصفية الاستعمار، لكنه أصبح نادراً جداً مذاك، وآخر مرة اعتمدته الأمم المتحدة كان في ناميبيا عام ١٩٨٩». ويوضح أن تطبيق «الإشراف» يمكن أن تكون له «تبعات سياسية وعملانية بالنسبة إلى الأمم المتحدة» بحيث تتضمن مسؤوليتها عن العملية الانتخابية «تحمّل المسؤولية الكاملة أو الجزئية على إجراء الاقتراع مع مساعدة تقنية» و «إقرار العملية ونتائجها» و «إعطاء الأمم المتحدة دوراً أساسياً في اتخاذ القرارات الانتخابية كالقوانين وقرارات السلطات الانتخابية، واختيار أعضاء الهيئات الانتخابية، بما في ذلك أعضاء دوليون، واحتمال وجود الإعلام في اللجان، وآليات حل الخلافات». ويوضح أن الإشراف، على رغم تفسيره الواسع النطاق، «لا يعني أن موظفي الأمم المتحدة سيقومون بكل المهمات بأنفسهم أو لوحدهم لأن ذلك لن يكون جيّداً من الناحية السياسية وغير ممكن من الناحية العملية». ويضيف أن «يوم الاقتراع وحده قد يتطلب ١٣٠ ألف موظف أو أكثر، مع الأخذ في الاعتبار أن موظفي الأمم المتحدة محدودو الأمن، وهذا سيتطلب قدرات تقنية كبيرة حين نأخذ في الاعتبار مشاركة اللاجئين السوريين في الاقتراع». ويستند رقم ١٣٠ ألف موظف إلى تقدير عدد ناخبي سورية بنحو ١٤ مليون ناخب وفق أرقام وزارة الداخلية السورية لآخر انتخابات أجريت عام ٢٠١٢. ويصرّ المبعوث الخاص على أن «اللغة التي سيقرها مجلس الأمن في قراره يجب أن تسمح للأمم المتحدة بمرونة تحديد المعايير لعملها» على رغم أن «الإطار العام لأي ولاية للأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات يجب أن تؤمن الإشراف على العملية، وسلطة كافية، وقدرات ووسائل تضمن صدقية الأمم المتحدة وتضمن الحصول على جهود دولية منسقة للمساعدة في إجراء الانتخابات».   تحديات التحديات الأساسية في أي ولاية للأمم المتحدة وفق هذا التصور تتفاوت بين ما هو سياسي وما هو تقني - أمني. ويضع المبعوث الخاص السياسي قبل الأمني - التقني في هذه التحديات وأولها «تحديد مدى مسؤولية الأمم المتحدة وإدماج ذلك مع «عملية يملكها ويقودها السوريون». أما في الجانب العملي، فيكمن التحدي في أن الانتخابات «تتطلب قدرات معقّدة ومتقدمة في الجانب العملاني، والتزاماً قوياً من موظفي الأمم المتحدة وموارد مالية كبيرة، إضافة إلى تحدي الأمن والقدرة على تغطية أكبر مساحة ممكنة من سورية، وتعقيدات قيام عمليات مشتركة بين سورية والأمم المتحدة في بلدان عدة في أماكن اللجوء، فضلاً عن تحدي عامل الوقت، ودعم الأمم المتحدة للحصول على الموافقة الشعبية» للدستور الجديد.   مرحلتان يفترض التصور أن الانتخاب سيتم على مرحلتين، وهما، وفق نص الورقة الإطار، «مدرجان ضمن إطار زمني مفرط في التفاؤل». وتتمثل المرحلة الأولى بإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، «وهو ما حدده بيان فيينا بأنه سيتم خلال ٦ أشهر ابتداء من انطلاق المفاوضات السياسية الرسمية». ويوضح ذلك بأن «عملية مراجعة الدستور - وليس التصويت عليه - يجب أن تبدأ بحلول حزيران (يونيو) ٢٠١٦»، منوّهاً أن التحضير للاستفتاء «يتطلب أن يبدأ قبل وقت من ذلك». أما المرحلة الثانية فهي الانتخابات «رئاسية كانت أم برلمانية» التي «يُتوقع أن تجرى بعد ١٨ شهراً من المرحلة الأولية، وهو ما يضع موعد الانتخابات بعد كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨». ويوصي المبعوث الخاص إلى سورية بضرورة أن يسبق أي تطبيق لتصور إجراء الانتخابات «مرحلة سياسية تحضيرية يتم خلالها وضع الأطر القانونية والمؤسساتية، تتلوها مرحلة العملية الانتخابية التي تجرى فيها الانتخابات». ويؤكد ضرورة وجود «شروط مسبقة قبل الانتخابات»، مشدداً على أنه «لا يمكن في عملية وضع الأطر الزمنية تجاهل أن التحضيرات العملانية لا يمكن أن تبدأ قبل تلبية شروط مسبقة سياسية ثلاثة للانتخابات وهي: إنشاء إطار إدارة الانتخابات بشقيها العملي والإشرافي، ويكون للأمم المتحدة دور فيها، ويجب أن تصدر بقانون» داخل سورية. ويتمثّل الشرط الثاني بوجود «اتفاق على الإطار القانوني للانتخابات بما في ذلك النظام الانتخابي وقضايا جوهرية أخرى» والاتفاق على «الإطار الزمني، وتأمين الموازنة لإجراء الانتخابات والإشراف عليها». ويتوقّع تصوّر دي ميستورا سلفاً أنه «من الصعب جداً توقّع المدة التي سيستغرقها الاتفاق على الشروط السياسية المسبقة قبل الانتخابات، ما يعني ضرورة بدء هذه المفاوضات حول هذه القضايا في أقرب وقت». ويشير إلى وجود مصاعب من نوع آخر منها «النظام الانتخابي والمؤسسات الانتخابية، معايير شرعية المرشحين، آليات حل الخلافات الانتخابية، أي دول ستشارك في استضافة الانتخابات للاجئين، وأي مناطق داخل سورية ستشارك» في الانتخابات و «عوامل أخرى تتضمن تسجيل الناخبين، ومن خلال أي هيئات ولوائح» انتخابية.   الموظفون ويشدد تصوّر الأمم المتحدة على أن الموظفين «يجب أن يكونوا من السوريين والدوليين موزعين على خمس فئات هي: خبراء اقتراع دوليون، متطوعون مع الأمم المتحدة وهم يشكلون الغالبية، موظفو حماية، وموظفون محليون، ومستشارون محليون ودوليون». ويقدّر أن الأمم المتحدة «ستحتاج إلى أكثر من ٥٠٠ موظف، مع الحاجة إلى نشر موظفين في مراحل مبكرة، وهو يطرح تحديات أمنية ولوجستية». ويشير إلى أن هذه الأرقام ترتكز على تقدير لعدد سكان سورية بـ٢٢ مليون نسمة وفق معلومات البنك الدولي، بينهم ٤.٣ مليون لاجئ مسجل، و٦.٥ مليون نازح.

مشاركة :