تغنى الشعراء العرب بالخيل منذ قديم الزمن، واعتبرت الخيل رمز الشجاعة والإقدام والجمال والكرم كذلك منذ ذبح حاتم الطائي فرسه وقدم لحمها لضيوفه العابرين مفازة الصحراء حين لم يجد شيئاً آخر يقدمه لهم، وتحدثت العرب بهذا حتى زماننا هذا حيث ضحّى الحائلي - كما ذكرت روايات في التاريخ- بأعز ما يملك. وها هو ذا المتنبي العظيم ينشد - الخيل والليل والبيداء تعرفني- حيث تعد الخيل صديقة الإنسان ورفيقة دربه في رحلة الحياة الوعرة آنذاك. وذكرت في مواضع كثيرة في القرآن الكريم حتى إن الله عز وجل ذكرها ضمن أثمن ما يملكه الإنسان ويحب اقتناءه فهي من متاع الحياة. وحيث إن الحصان العربي من أعرق سلالات الخيول في العالم لأن العرب اعتنوا بها على مر الزمن فقد توارث العرب التباهي والاعتناء به بطرق شتى فهو إرث قديم يتجدد، والمملكة التي تعيش أزهى أيامها وعصر رؤيتها فيقام بها سنوياً أغلى سباق للخيل في العالم في ميدان الملك عبدالعزيز للفروسية في الجنادرية وقد كنت محظوظة في نسخته الأولى بالحضور والكتابة عنه والحديث عن هذا الحدث العظيم الذي يرسخ انتماء العرب لموروث قديم، وقد واكب رؤية البلاد في اعتزازها بموروثها وأصبحت الرياض سنوياً وجهة عالمية لعشاق الخيل ومدربيها واستطاع المهرجان أن تكون له صبغة مختلفة عما سبقه من مهرجانات، فمن إبداعاته حضور النساء والرجال بالزي التقليدي المتوارث وقد أبدع الحاضرون في الالتزام بهذا الأمر حتى غدا المهرجان ماراثوناً عالمياً لتقديم أزياء المناطق المتعددة والمختلفة في المملكة؛ وما أغنى من هذه الأرض الطيبة عراقة وأصالة. قصص نجاح أسطورية ومشاركات عالمية تهافتت على الجائزة الأغلى في العالم، وكما يقول سمو وزير الثقافة السعودي بدر الفرحان: الثقافة تعد جزءاً أساسياً من التحول الوطني الطموح للمملكة، وتنص رؤية المملكة أنها من مقومات جودة الحياة» فقد اتخذ المهرجان صبغة ثقافية وكان مناسبة للتعريف بثقافة المملكة وأصالتها. بفخر ننظر إلى هذا الحدث العالمي الذي يرعاه ويحضره عراب الرؤية صانع المعجزات، الأمير محمد بن سلمان، والذي منح حضوره الحدث ألقاً مبهراً، وتشرف على كأس السعودية هيئة الفروسية بعناية من رئيسها الفارس بندر بن خالد الفيصل وتتحد مؤسسات عظيمة في الدولة لتنظيمه ورعايته وتقديمه للعالم . المملكة تبدأ من حيث انتهى الآخرون لتختصر الوقت وكي تستفيد من عصارة تجارب ثمينة، ثم تصنع التميز بمهارة وثقة لتعطيه صبغة سعودية بامتياز يبقى أثرها وتظل ثقافتها وارفة الظلال تحتضن كل مبهر.
مشاركة :