دعم غربي لمبادرة باتيلي يضاعف الضغوط على مجلسي النواب والدولة في ليبيا

  • 3/4/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا صراحة عن دعمهما لمبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، في موقف من شأنه أن يضاعف الضغوط على المعترضين في ليبيا على المبادرة لاسيما مجلسي النواب والأعلى للدولة. طرابلس - لم تمض ساعات على إعلان الولايات المتحدة عن دعمها لمبادرة أممية تمهد الطريق لإجراء انتخابات في ليبيا، حتى سارعت بريطانيا لإبداء تأييدها هي الأخرى للمبادرة، وحث الفرقاء الليبيين على ضرورة التعاطي معها بروح إيجابية. ويعكس الموقفان الأميركي والبريطاني وجود غطاء دولي صلب لمبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، وهو ما يجعل مجلسي النواب والأعلى للدولة خصوصا في موقف صعب، ويضيق هامش المناورة لديهما. وينظر المجلسان إلى هذه المبادرة الأممية على أنها تشكل تهديدا لنفوذهما، وأنها تسحب منهما البساط في احتكار صياغة نص تشريعي يهيّئ المجال لإجراء الانتخابات. وأعلنت بريطانيا الجمعة عن دعمها لدعوة المبعوث الأممي قادة البلاد إلى الاتفاق على إجراء الانتخابات.‏ وقالت سفارة بريطانيا لدى طرابلس في تغريدة إن “المملكة المتحدة تدعم خطة باتيلي لدعوة الأطراف الليبية إلى الاتفاق على الخطوات التالية لإجراء الانتخابات”. وأضافت السفارة البريطانية أن “الليبيين يستحقون اليقين والإيمان بمؤسساتهم، ويجب على القادة الليبيين أن يحترموا ضرورة أن يتفق الجميع على شروط الانتخابات واحترام النتائج”. وكانت السفارة الأميركية في طرابلس حثت القادة الليبيين على التعاطي بإيجابية مع المقترح الأممي الجديد. وأضافت في سلسلة تغريدات أن المقترح الأممي “سيُبنى على التقدم الذي أحرزه مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل إلى قاعدة قانونية للانتخابات”. وجاء الموقفان الأميركي والبريطاني عقب إعلان المجلس الأعلى للدولة عن المصادقة على تعديل للإعلان الدستوري، الذي سبق أن أقره مجلس النواب الشهر الماضي، وجاءت مصادقة المجلس الأعلى على ما يبدو لخلط أوراق باتيلي. وإذ يسعى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) لإبقاء كرة إدارة العملية السياسية في ملعبهما، فإن باتيلي وبدعم أميركي ودولي قرر سحب الكرة منهما، في ظل شعور متعاظم بعدم جدية كليهما في تعبيد الطريق للانتخابات، ومحاولتهما خلق حجج وعراقيل للإبقاء على الوضع الراهن. وفي إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي بنيويورك في السابع والعشرين من فبراير الماضي لم يمنح باتيلي مزيدا من الوقت لمجلس النواب من أجل الاستمرار في المناورة السياسية، وكان موقفه واضحا وصريحا وصارما، منفذا تلويحه في السابع عشر من ديسمبر الماضي بوضع “آلية بديلة”. وشدد باتيلي على أن “أغلب مؤسسات الدولة فقدت شرعيتها منذ أعوام”، في إشارة إلى تصريح رئيس مجلس النواب بأن مجلسه يمثل “السلطة التشريعية الوحيدة” في البلاد. وأشار المبعوث الأممي إلى أنه “وإلى اليوم، لم ينجح مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات”، ما يعكس أن الأمم المتحدة فقدت الأمل في إمكانية حصول توافق قريب بين الطرفين، رغم أن صالح نفى ذلك، والمشري حاول إثبات وجود توافق، رغم مقاطعة 54 عضوا لجلسة التصويت على تعديل الإعلان الدستوري. وجاء قرار المبعوث الأممي بتجاوز مجلسي النواب والدولة وتشكيل “لجنة تسيير” بعد اجتماع بواشنطن في الثالث والعشرين من فبراير شارك فيه باتيلي رفقة ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا ومصر وقطر والإمارات، لمناقشة مسار الانتخابات في ليبيا. خالد المشري يسعى إلى إبقاء كرة إدارة العملية السياسية في ملعبه خالد المشري يسعى إلى إبقاء كرة إدارة العملية السياسية في ملعبه وهذا القرار الخطير لم يكن باتيلي ليتخذه بكل هذه الثقة لو لم يحظ بدعم من واشنطن وحلفائها، وتجلى ذلك ضمنيا في تصريح مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليت الذي طالب بضرورة “الاصطفاف خلف باتيلي لتسهيل إجراءات الانتخابات”، قبل أن تعلن السفارة الأميركية بشكل واضح دعمها للمسار الذي خطه المبعوث الأممي. وعندما تحدث باتيلي لأول مرة عن الآلية البديلة كان أمامه خياران؛ إما المراهنة على المجلس الرئاسي لحل مجلسي النواب والدولة، وتولي مهامهما التشريعية في إعداد القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، أو العودة إلى تجربة ملتقى الحوار السياسي الذي تولت المبعوثة الأممية بالنيابة السابقة ستيفاني ويليامز الإشراف عليه. لكن باتيلي وبدعم أميركي اختار التوجه نحو نموذج قريب من ملتقى الحوار السياسي الذي حدد تاريخ الانتخابات في الرابع والعشرين ديسمبر 2021، واختار حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي في انتخابات صوت فيها معظم أعضائه الـ75 قبل أن يصل إلى طريق مسدود بسبب شروط الترشح. ولم يحدد المبعوث الأممي بعد طبيعة هذه الآلية البديلة والتي سماها “لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات في ليبيا”، لكنه قدم ملامح عن تشكيلتها ومهامها، حيث قال إنها ستعمل على الجمع بين “ممثلي المؤسسات السياسية، وأبرز الشخصيات السياسية، وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلين عن النساء والشباب”. كما حدد لهذه اللجنة مهمة “تيسير اعتماد إطار قانوني، وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023”، وكذلك الدفع قدما “بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين”. استمرار الاعتراض على المبادرة وعدم التجاوب معها قد ينتهي بتسليط عقوبات أميركية على مجلسي النواب والدولة ويرى مراقبون أن الدعم الأميركي والغربي للمبادرة من شأنه أن يضع مجلسي النواب والدولة في موقف صعب، وأن استمرار الاعتراض على المبادرة وعدم التجاوب معها، قد ينتهي بهما إلى عقوبات أميركية. وكانت رئاسة مجلس النواب سارعت إلى الرد على مبادرة المبعوث الأممي في نفس اليوم الذي قدم فيه إحاطته، حيث شددت في بيان لها على “الملكية الليبية للعملية السياسية”، وأن الاتفاق السياسي برأيها حصر الدعوة في انعقاد لجنة الحوار في مجلسي النواب والدولة. وعبر مجلس النواب أيضا عن استغرابه مما وصفه بـ”مغالطات” بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية، ومناقضتها لفقرات في ذات الإحاطة تقر بصدور التعديل الدستوري. وبرر خطوته بنشر التعديل الدستوري في الجريدة الرسمية قبل اعتماده من مجلس الدولة، بتصريحات المشري المؤيدة للتعديل، ومحاولات أطراف عرقلة انعقاد جلسة. ولم يدل المشري بتصريح واضح بشأن مبادرة باتيلي، لكن خطوته بالمصادقة على تعديل الإعلان الدستوري تعكس رفضه للمبادرة الأممية. في المقابل رحب المجلس الرئاسي الليبي بالمبادرة الأممية، وكذلك العديد من الناشطين السياسيين الذين يئسوا من إمكانية توصل مجلسي النواب والدولة إلى توافق بشأن شروط الترشح، بما يسمح بإجراء الانتخابات.

مشاركة :