شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وفخامة رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الصديقة، خلال قمة عقداها عبر تقنية الاتصال المرئي، مراسم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والجمهورية التركية. وقع الاتفاقية ممثلاً لدولة الإمارات، معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية. فيما وقعها ممثلاً للجمهورية التركية معالي محمد موش وزير التجارة، ليستهل البلدان الصديقان حقبة جديدة من التعاون الثنائي الذي يسهم في تحفيز التبادل التجاري وزيادة التدفقات الاستثمارية وخلق الفرص المشتركة في القطاعات ذات الأولوية. ورحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في بداية الاتصال المرئي، بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، معرباً عن سعادته بتجدد اللقاء معه وشكره لإتاحة الفرصة من خلال الاتفاقية لوضع خطوة أخرى نحو تعزيز وتعميق العلاقات بين البلدين الصديقين. ورحب سموه بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة. وقال "نهنئ أنفسنا بتوقيع الاتفاقية التي نعتبرها اتفاقية استثنائية مع بلد عزيز وصديق". كما أعرب سموه عن شكره وتقديره للرئيس التركي لحرصه على رعاية توقيع هذه الشراكة المهمة رغم مشاغله الكبيرة في ظل ظروف الزلزال الذي شهدته تركيا. وقال سموه في هذه المناسبة "أدعو الله تعالى أن يحفظ تركيا وشعبها الصديق من كل شر.. وأن يمنحكم العون والقوة لتجاوز هذه المرحلة .. ونحن على ثقة بقدرة الشعب التركي على تجاوز هذه الظروف والانطلاق نحو البناء والتنمية". وجدد سموه تأكيد وقوف دولة الإمارات إلى جانب تركيا معيناً ومساعداً. وقال "هذا هو نهجنا توارثناه عن والدنا المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في مد جسور التعاون والتضامن مع الشعوب الشقيقة والصديقة". وأشار سموه إلى أن "توقيع الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقاتنا خلال الفترة الماضية حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40 % عن عام 2021 و112% عن عام 2020 .. لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات". وأكد سموه أن "الاتفاقية تعبر عن الإرادة المشتركة لانطلاق مرحلة جديدة للعلاقات بين بلدينا في مختلف المجالات. وبإذن الله تعالى، ستسهم في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي.. ودفع مسيرة التنمية في البلدين نحو مستقبلٍ مُشرق". وأوضح صاحب السمو رئيس الدولة أن الاتفاقية لا تستهدف فقط تحفيز التبادل التجاري والاستثماري والنمو الاقتصادي المشترك، بما يعزز جودة حياة الشعبين الصديقين ..لكنها تؤسس أيضاً لشراكة تنموية حقيقية وبناء مصالح مشتركة وتوطيد علاقات استراتيجية أكثر قوة ومتانة بين البلدين. وأكد سموه توجه دولة الإمارات نحو تعزيز الشراكات التنموية في المنطقة.. بما يدعم السلام والتعاون ويحقق تطلعات الشعوب نحو التنمية والاستقرار والازدهار. وشكر سموه، في ختام اللقاء المرئي، "المسؤولين من البلدين الذين أنجزوا هذه الاتفاقية في أقل من عام .. والتي نتطلع أن تحقق الازدهار والنمو المشترك للبلدين". من جانبه، أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن تحياته إلى صاحب السمو رئيس الدولة وسعادته بحضور مراسم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات الجمهورية تركية. وقال بهذه المناسبة "نكتب اليوم معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا"، مشيراً إلى أن "الجهود المشتركة للجانبين من أجل تعزيز علاقاتهما الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخنا المشترك وثقافتنا وقيمنا تسهم أيضاً بشكل كبير في ازدهار ورفاهية واستقرار منطقتنا والعالم". وأضاف أن "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان اليوم والمزايا المهمة التي تضمنتها، مثل تحرير السلع الثنائية والخدمات والتجارة مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتيسير عمل المستثمرين ووضع قواعد لحماية حقوق الملكية الفكرية وفق أعلى المعايير، سيشكل حافزاً لتعزيز التجارة والاستثمارات.. وسنقطف ثمار هذه الاتفاقية في بلدينا ومنطقتنا خلال فترة زمنية قصيرة مما سيحفز على مزيد من التعاون بين مجتمع الأعمال في كلا البلدين". وقال فخامة الرئيس التركي إن "رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان المعروف بحبه لتركيا كانت مرتكزاً مهماً لما حققته علاقات البلدين والمستوى الذي وصلت إليه". كما أشار إلى الزلازل التي شهدتها مناطق واسعة من تركيا والدمار الكبير الذي سببته وتداعياتها على نحو 14 مليون تركي يعيشون في هذه المناطق متطلعاً إلى إعادة إعمار هذه المناطق خلال عام وتشييد مبان عالية الجودة وآمنة لمواجهة تحديات السكن في مناطق الزلزال بأكملها. وأشاد فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بالدعم الذي تقدمه دولة الإمارات إلى تركيا منذ اليوم الأول للزلزال، مثمنا الجهود التي بذلتها فرق البحث والإنقاذ الإماراتية في مناطق الزلزال بجانب الدعم الكبير الذي تقدمه المستشفيات الميدانية التي أقامتها دولة الإمارات وخدماتها في هذه المناطق. وصُممت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا بطريقة تحقق المنفعة المشتركة للطرفين وتعمل على تحفيز النمو الاقتصادي طويل الأمد والمستدام والشامل في كلا البلدين، إذ تلغي الاتفاقية أو تخفض الرسوم الجمركية على 82% من السلع والمنتجات، والتي تمثل ما يفوق 93% من مكونات التجارة البينية غير النفطية، كما تحسن الوصول إلى السوق التركي للمصدرين من دولة الإمارات، بما يشمل القطاعات الرئيسية مثل المقاولات والمعادن ومنتجاتها والبوليمرات والمنتجات التصنيعية الأخرى. كما يتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار أميركي سنوياً في غضون خمسة أعوام، كما تخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%. وتبني اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا على العلاقات التجارية والاستثمارية المزدهرة بين البلدين، وخصوصاً بعد النمو المتصاعد في التجارة البينية غير النفطية، والتي وصلت إلى 18.9 مليار دولار أميركي عام 2022، ونمت بنسبة 40% مقارنة بعام 2021، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات. وبلغت الصادرات غير النفطية إلى تركيا قيمة 5.6 مليار دولار عام 2022، بزيادة 109% مقارنة بعام 2021، بينما نمت قيمة عمليات إعادة التصدير من دولة الإمارات إلى العالم بنسبة 87% لتصل إلى 2.3 مليار دولار عام 2022. يذكر أن الروابط العميقة، التي تجمع البلدين، قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل وتهدف دائماً إلى تعزيز التعاون المُشتركِ في شتى المجالات، خاصة في قِطاعات الاقتصاد والعمل المناخي والثقافة وتمكين الشباب. واليوم، يحتفل البلدان بمرور 50 عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما، تلك العَلاقات التي شَهدت أيضاً زخماً كبيراً خلال الأشهر الثمانية عشر الماضِية والتي تُوّجَت بزيارات متبادلة بين قيادتي البلدين. وشهدت العلاقات الإماراتية-التركية تطورات إيجابية ملموسة خلال العامين الماضيين، مدعومة من الزيارات الرسمية المتبادلة بين قيادتي الدولتين، حيث كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد زار تركيا في 24 نوفمبر 2021 تلبية لدعوة من الرئيس التركي، فيما زار الرئيس رجب طيب أردوغان دولة الإمارات في 14 فبراير 2022. وأعلنت دولة الإمارات، خلال الزيارة الأولى، عن تأسيس صندوق استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في تركيا يركز على قطاعات الخدمات اللوجستية والطاقة والصحة والأغذية. كما جرى، خلال الزيارة الثانية، توقيع 13 اتفاقية تعاون في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك. كما كان الرئيس التركي قد شارك في الدورة العاشرة من القمة العالمية للحكومات 2023 في دبي، حيث ألقى كلمة مسجلة خلال جلسة رئيسية ضمن أعمال اليوم الثاني أكد فيها عمق العلاقات التي تجمع الإمارات وتركيا.
مشاركة :