بري يتمسّك بالحوار مع السعودية رغم رفضها فرنجية

  • 3/5/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال الآفاق مسدودة في لبنان أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما تقارب الكتل السياسية الاستحقاق من زاويا مختلفة، رغم أن البلاد تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث، وهو ما يتطلب حرصاً على استعادة عمل المؤسسات والمباشرة من دون تأخير بالإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها المجتمع الدولي. ارتفع منسوب التوتر السياسي إلى أعلى درجاته، بعد أن حمّل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الصراعات المارونية مسؤولية الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو ما ردّت عليه القوى السياسية المسيحية باتهام «الثنائي الشيعي» الذي يجمع حركة أمل، التي يتزعمها بري، و«حزب الله»، بالسعي لفرض مرشحه للرئاسة من دون إقامة أي اعتبار للقوى الأخرى. ووسط انسداد كامل في أفق البحث عن تسوية أو عن اتفاق، حاولت «الجريدة» استمزاج آراء الكتل المختلفة حول رؤيتها للمرحلة المقبلة، وإمكانية تجنّب المزيد من التصعيد، وما هي رؤية هذه الكتل للخروج من الأزمة. «القوات» مسيحياً، يعتبر حزب «القوات اللبنانية» وفق ما تقول مصادره، أن بري و«حزب الله» يعرقلان الاستحقاق الرئاسي بانتظار موافقة الجميع على الخضوع لإرادتهما، وتضيف هذه المصادر أن المسيحيين لن يقبلوا بذلك، وأنه لا يمكن تهميش موقفهم، خصوصاً أن سليمان فرنجية (مرشح الثنائي الشيعي) يمثّل أقلية مسيحية، ولا يمكنه أن يؤمّن شرط الميثاقية إذا كانت كل القوى المسيحية ترفضه. وتؤكد هذه المصادر أن حزب «القوات» سيعمل لتعطيل نصاب أي جلسة انتخابية يمكن أن تؤدي إلى انتخاب حليف حزب الله رئيساً للجمهورية، مضيفة أن الحزب الذي يتزعمه سمير جعجع، لا يريد تلبية حوار يعيد تعويم الطبقة السياسية من دون الحصول على ضمانة بالوصول إلى نتائج مُرضية. «التيار الوطني» على الضفة المسيحية المقابلة، لا يزال رئيس «التيار الوطني الحرّ»، جبران باسيل، يرفض انتخاب فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون، وهو مصرّ على الاجتماع في بكركي للبحث عن مرشح ثالث. ويشدد باسيل على ضرورة حوار مسيحي يكون موقفاً يشكّل ميزاناً أساسياً في لعبة الانتخابات، فلا يكون أي طرف قادراً على تجاوز إرادة المسيحيين. ويسعى باسيل إلى عقد تفاهم مع «القوات» من خلال البطريركية المارونية، وهو ما يرفضه «القوات» على أساس أن التجربة أظهرت له أن باسيل لا يلتزم باتفاقاته. وكان حزب «القوات» قد رفض المشاركة في اجتماع موسع لكل النواب المسيحيين في بكركي مادام لن يخرج بقرار واضح يتبنى مرشحاً محدداً لخوض معركة الرئاسة، لأنه في حال عدم الاتفاق، فإن وجهة نظر بري بأن الفراغ الرئاسي سببه الصراع الماروني سيتحقق. «حزب الله» وبرّي على ضفة القوى الإسلامية، فإن «حزب الله» لا يزال يلتزم الصمت، هو يدعم ترشيح فرنجية، لكن لا يريد خوض معركته علناً، كي لا يتحول فرنجية إلى مرشح مباشر له. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فقد ذهب بعيداً في موقفه من خلال إعلانه ترشيح فرنجية والتمسك به مقابل قطع الطريق على قائد الجيش. تقول مصادر رئيس المجلس إنه اضطر للذهاب إلى هذا الموقف بنتيجة تعنّت القوى السياسية، وخصوصاً المسيحية، في رفض الذهاب إلى الحوار وتعطيل كل المؤسسات، بما فيها الجلسات التشريعية لمجلس النواب، ولذلك وجد نفسه مضطراً للتصعيد. لكن في المقابل، تقول مصادر قريبة من بري إنه لا يزال مستعداً للحوار، سواء مع أفرقاء الداخل أو الخارج، خصوصاً أنه لا يريد الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية لا توافق عليه السعودية، التي يبدو أنه حريص على التحاور معها لأجل الوصول إلى تسوية. وفي الأيام الماضية، تسرّبت أجواء واضحة من مسؤولين سعوديين برفضهم انتخاب فرنجية، على قاعدة حاجة لبنان إلى انتخاب شخصية جديدة غير محسوبة على طرف سياسي ولا تتسبب في أي انقسام أو تمنح الغلبة لطرف على حساب الآخر. لكن بري لا يزال مصراً على التحاور وينتظر زيارة يمكن أن يجريها له السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. جنبلاط وسط هذا المشهد المعقّد، تقول مصادر قريبة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إنه جمّد مبادرته حالياً بانتظار التهدئة، هو يركز على ضرورة البحث عن مرشح ثالث غير فرنجية المرفوض من خصوم حزب الله، وغير قائد الجيش المرفوض من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر. ويسعى جنبلاط إلى تحقيق خرق في جدار الأزمة، من خلال إقناع الأفرقاء بضرورة الحوار، لأن البديل عنه سيكون المزيد من التدهور والانهيار، وهو يبدو قلقاً جداً من استمرار هذا التعقيد الذي قد ينفجر بأشكال مختلفة. وبناء عليه، فإن لبنان سيكون في سباق مع الوقت بين إمكانية الوصول إلى تسوية بمساعدة خارجية، أو الذهاب إلى المزيد من الانهيارات التي ستؤدي إلى تحلّل الدولة وتفككها.

مشاركة :