السليمانية ـ الصباح الجديد: وأنت تسير في أسواق السليمانية مع منتصف شهر شباط ولغاية ليلة نوروز، تجد تزاحم المواطنين لشراء أقمشة الثياب الفلكلورية الشعبية، استعدادا لرأس السنة الكوردية الذي يوافق في الحادي والعشرين من شهر آذار من كل عام، والمعروف عالميا بـ»عيد نوروز»، الذي يفسر معناه باللغة الكوردية بانبعاث فجر الحرية أو «اليوم الجديد». وبرغم تفاقم الغلاء المعيشي، بالتزامن مع ارتفاع أسعار صرف الدولار وانعكاسه على ضعف القدرة على تحمل تكاليف شراء وحياكة الثياب، فإن الأسواق شهدت نشاطا وإقبالا على شراء أقمشة ثياب العيد. ونحن ندخل في سوق الاقمشة الذي يتألف من مجموعة محلات متخصصة ومتداخلة، ومنها سوق القماش الذي يخيل للداخل إليه بأنه في مهرجان للألوان الزاهية ويعج أكثر من غيره بالحركة في هذه الأيام، حيث لا تهدأ أسراب المتسوقين، الأمر الذي اضطر أصحاب المحال إلى تمديد فترات عملهم لتغطية الطلب المتزايد على القماش. «ابو كامران» وهو صاحب إحدى محال بيع الاقمشة في سوق السليمانية تحدث قائلا، إن «أغلب البضاعة الموجودة لدينا مستوردة، حيث تصنع بحسب مواصفات يطلبها من صاحب المعمل الصيني وهي مواصفات تجمع بين الجودة والأسعار المناسبة وهو ما يطلبه المواطن ويقبل على شرائها أكثر من غيره». وبين أن «الأقمشة الصينية يتراوح سعر المتر منها بين عشرة آلاف وخمسة وعشرين ألف دينار بحسب نوعية الخام، وهو سعر يفوق قليلاً مثيلاتها من الأقمشة الهندية والكورية التي تلاقي رواجاً جيدا، ولكن لا يمكن مقارنته بالخامات الصينية». ويشير محمد أمين وهو صاحب محل بيع الأقمشة، إلى أن مبيعاته في هذه الأيام يمكن أن تساوي جزءاً كبيراً من مجمل مبيعات السنة كاملة حيث نادراً ما تجد مواطنا كورديا يستقبل أعياد نوروز من دون شراء أو خياطة ملابس جديدة له ولعائلته، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على عمل أصحاب محال الأقمشة». وتشدد هوراز التي كانت في سوق الاقمشة على أن شراء الأزياء الجاهزة أو خياطتها يعد من الطقوس الثابتة لدى المرأة الكوردية بمختلف الطبقات والمستويات المعيشية وأنها شخصياً تحرص على هذا الأمر منذ طفولتها حيث لا تتذكر أن عيداً من أعياد نوروز مر عليها دون أن تكون قد اشترت أو فصلت زياً جديداً تلبسه أثناء حضور الاحتفالات التي تبدأ في شهر آذار وتصل ذروتها يوم الحادي والعشرين منه حين تتجمع العوائل في المناطق المفتوحة وسفوح الجبال للاحتفال بأداء الأغاني والرقصات والدبكات الكردية حتى أن شراء الملابس الفلكلورية تحول لطقس ربيعي». أما اقمشة الرجال فلم تكن بعيدة عن طقوس الاستعداد لأعياد نوروز فيقول كاك عبدالله وهو أحد بائعي الأقمشة الرجالية، إن «شراء أقمشة الزي الفلكلوري الكوردي يزداد الإقبال عليه مع بداية الأسبوع الثالث من شهر شباط ويكون هناك زخما في الأسواق ويتدرج على العكس من سوق الملابس الذي تصل ذروته في نهاية الأسبوع الثالث من شهر آذار وذلك لأن من يشتري الاقمشة يحتاج لوقت لخياطتها». يقول مالك إحدى محل للأقمشة، أبو محمد هوزين، كما فضل تسميته، إن «سعر المتر الواحد منها باهظ الثمن، وقد يصل إلى سقف الـ50 دولارا». وأضاف هوزين أن «كل امرأة تحتاج إلى 6 أمتار وأحيانا 7 أمتار من القماش، مع تكلفة الخياطة والحذاء والإكسسوارات الخاصة بالثياب من القبعة المطرزة بالألوان أو المصنوعة من المعدن الذهبي والحزام الذهبي البراق، تصل إلى 600 دولار «.
مشاركة :