في ظل سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050، تبرز السيارات الكهربائية باعتبارها خياراً استراتيجياً لخفض الانبعاثات في قطاع النقل الذي يشهد تغيرات تكنولوجية كبيرة. وتشهد السوق المحلية تحولاً سريعاً نحو السيارات الكهربائية، حيث تم إطلاق حزمة كبيرة من السيارات الكهربائية مطلع العام الحالي، بالتزامن مع تطور البنية التحتية الخاصة بشبكة محطات الشحن لهذا النوع من السيارات وانفراجة الأزمة العالمية المتعلقة بتوافر أشباه الموصلات. وتأتي عمليات التحول المتسارعة نحو السيارات الكهربائية مقرونة بالجهود المتضافرة لإزالة الكربون من شبكة الكهرباء من خلال تنفيذ مشاريع إنتاج الطاقة الصديقة للبيئة. ووفق دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بعنوان «نظرة على التنقل المستقبلي»، فإن عدد سيارات الركاب قيد الاستخدام في جميع أنحاء العالم بلغ أكثر من مليار مركبة استهلكت ما يقرب من 400 مليار جالون من الوقود. وولدت المركبات الخفيفة أكثر من 3 مليارات طن متري من ثاني أكسيد الكربون في السنة، وهو ما يمثل ما يقرب من 40 % من إجمالي انبعاثات قطاع النقل. ويبلغ الإنفاق العالمي على السيارات الصناعة حوالي تريليوني دولار، ولا يشمل هذا الرقم الكبير النفقات العامة اللازمة لدعم الطرق الشبكات والبنية التحتية الأخرى المتعلقة بالمركبات. وأفادت الدراسة أن السيارات الكهربائية من شأنها الحد من مصدر الانبعاثات الكربونية التي تسهم في رداءة نوعية الهواء في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان. صديقة للبيئة وتعد السيارات الكهربائية صديقة للبيئة أكثر من أي موديل سيارة تعمل بالبنزين أو الديزل، حيث أظهرت العديد من الأبحاث أن السيارات الكهربائية أكثر كفاءة، وبالتالي فهي تنتج انبعاثات أقل ضرراً، حتى وإن أضفنا إلى ذلك الانبعاثات الناتجة عن محطات توليد الكهرباء. وأظهرت هذه الأبحاث أن السيارات الكهربائية أكثر كفاءة، وبالتالي فهي صديقة للبيئة، وحتى لو تمت عملية شحن السيارة الكهربائية باستخدام الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري، فإن كفاءة استهلاك الوقود في السيارة الكهربائية أعلى بنسبة 4% من كفاءة سيارة البنزين، وستكون السيارة الكهربائية قادرة على قطع مسافة مساوية لسيارة تعمل بالبنزين، بينما تستهلك فقط ثلثي الطاقة. ولا تحتوي السيارة الكهربائية على أي انبعاثات تتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري لأنها تعتمد على بطارية لتشغيل محركها ولا تحرق أي وقود داخلياً، كما أنها تتطلب كميات أقل من السوائل الأكثر تلويثاً مثل زيت المحرك والسوائل المبردة. وفي الوقت الذي نحتاج فيه إلى تغيير البطاريات في كل من السيارة العادية والكهربائية في الوقت المناسب، فإن التخلص من بطارية السيارة الكهربائية أقل تلويثاً من السيارة العادية. وسوف تتم عملية شحن بطارية السيارة الكهربائية على الشبكة الكهربائية في كل منطقة مما يعني أنه إذا كانت الشبكة نظيفة، فستعمل السيارة بشكل أساسي على الطاقة النظيفة. ومن منظور أوسع، فإن السيارات الكهربائية لن تساعد فحسب في تحقيق الأهداف الوطنية لخفض الانبعاثات الدفيئة، ولكنها ستعمل أيضاً على تحسين جودة الهواء للجميع. الكفاءة الاقتصادية ومن منظور الكفاءة الاقتصادية على المستوى الشخصي، فإن قيادة السيارة الكهربائية سوف تساعد المستخدم على توفير المزيد من تكاليف الوقود. وعلاوة على فواتير الوقود السنوية، يجب أيضاً مراعاة أن السيارات الكهربائية لا تحتاج إلى نفس القدر من الصيانة السنوية، وذلك بفضل وجود عدد أقل من الأجزاء المتحركة، حيث لا يوجد سوى جزء متحرك واحد. ونظراً لأن العديد من مصنعي السيارات يقدمون ضمانات طويلة للغاية على البطاريات، فيمكن القيادة بأمان لسنوات قبل أن تحتاج إلى الاستثمار في الصيانة لإبقاء السيارة على الطريق. وفي المقابل يشير تحليل التكلفة أن متوسط فارق تكلفة التصنيع بين السيارة الكهربائية سيبلغ حالياً نحو 5 آلاف دولار أعلى، مقارنة بتصنيع سيارة الاحتراق الداخلي المماثلة في الحجم، وذلك بحلول 2030. ومن المتوقع أن تستمر تكلفة التصنيع التفاضلية بين السيارات الكهربائية والتقليدية إلى ما بعد عام 2030، إلا أن تكاليف التشغيل المنخفضة تسهم في تعويض ارتفاع سعر شراء السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية. إقبال متزايد وتشهد السيارات الكهربائية إقبالاً متزايداً في ظل المبادرات الحكومية المحفزة على امتلاك هذا النوع من السيارات، كما ساهم تطور البنية التحتية للسيارات الكهربائية وانتشار شبكات الشحن في زيادة هذا الإقبال. ووضع التعميم رقم 1/ 2016 الصادر من المجلس الأعلى للطاقة هدفاً للهيئات الحكومية، يتمثل في ضم السيارات الهجينة والكهربائية لمجموع أسطولها، بما لا يقل عن 10% من مجموع المشتريات الجديدة، ابتداءً من عام 2016 وحتى عام 2020، بحيث تصل نسبة السيارات الهجينة والكهربائية في دبي إلى 2% بحلول عام 2020، ثم 10% بحلول عام 2030. وفي مسح أسترالي حديث، وجد أن 54.1% سيختارون الكهرباء لأسباب بيئية، بينما صوت البقية لسهولة الاستخدام والتكلفة الإجمالية الأرخص. وتوقعت مؤسسة «بلومبرج نيو إنرجي فاينانس»، أن تمثل السيارات الكهربائية نحو 33% من إجمالي أسطول السيارات العالمي، و55% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة بحلول عام 2040. أخبار ذات صلة حاكم الفجيرة: الإمارات تواصل الوفاء بالتزاماتها الإنسانية التوطين يدخل مرحلة جديدة.. و«نافس» يرفع التحدي مبادرات حكومية قال بلال نصر، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة «نيو أوتو» للسيارات، إن السيارات الكهربائية في الإمارات تشهد إقبالاً واسعاً من المستخدمين في الوقت الراهن، انسجاماً مع المبادرات الحكومية المحفزة على نشر استخدام هذا النوع من السيارات. وأشار نصر إلى تضافر مجموعة من العوامل الأخرى التي أدت إلى زيادة الإقبال على هذا النوع من السيارات، أهمها الوفرات التي تحققها على صعيد تكلفة الشحن مقارنة بتكلفة التزود بالوقود، فضلاً عن توفير 60% على صعيد الصيانة الدورية. وأضاف نصر أنه من بين أهم العوامل التي أسهمت في زيادة انتشار السيارات الكهربائية في الإمارات خلال عام 2022، طرح مجموعة من الوكلاء والمستوردين حزمة جديدة من الموديلات المتنوعة ضمن باقات سعرية جاذبة تضمنت الضمان على البطارية وهيكل السيارة، لافتاً إلى أن مدة الضمان على البطارية تصل إلى 8 سنوات. وأضاف أن السوق الإماراتية شهدت ارتفاعاً في الطلب على السيارات الكهربائية بشكل ملحوظ، موضحاً أن نقاط شحن السيارات الكهربائية في الإمارات في تزايد مستمر في المواقف العامة والمتنزهات ومواقف البنايات في جميع أنحاء الدولة، وهو الأمر الذي تتلاشى معه مخاوف المستهلكين على هذا الصعيد. البنية التحتية قال أكسل دراير، مدير عام شركة «كلداري للسيارات» الموزع الحصري لسيارات «مازدا» في الإمارات، إنه مع زيادة أسعار الوقود عالمياً يرفع الطلب على السيارات الكهربائية ويصل إلى آفاق جديدة. وأضاف أن السيارات الكهربائية والهجينة ذات الأسعار المعقولة تشهد طلباً قوياً وستحافظ على وتيرة نمو واعدة خلال الفترة المقبلة، ما يعني زيادة الحصة السوقية لتلك السيارات في السنوات القادمة. بدوره، قال الدكتور حميد حقبراوار، المدير الإداري لمجموعة بي إم دبليو في الشرق الأوسط: إنه مع تقدم البنية التحتية بالإمارات الرائدة إقليمياً في هذا المجال أصبح تزويد المركبات بمحطات للشحن أكثر سهولة، الأمر الذي يسهم في استقطاب المزيد من الطلبات من العملاء للتنقل الكهربائي. وأضاف: نشهد في الوقت الراهن موقفاً إيجابياً للعملاء تجاه السيارات الكهربائية، معرباً عن اعتقاده بأن عام 2022 كان سيشهد المزيد من طرازات السيارات الكهربائية على الطرقات، لولا مشاكل التوريد في صناعة السيارات. وتوقع تزايد نسبة العملاء الذين يختارون المركبات الكهربائية بشكل كبير مع عودة تسليم المركبات إلى الفترة الزمنية العادية. وأوضح: نشهد أيضاً استمرار تطوير البنية التحتية المطلوبة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، تماشياً مع تزايد السيارات الكهربائية في الأسواق، كما ستجعل الحوافز الحكومية التنقل الكهربائي أكثر جاذبية للعملاء مع استمرار توسع طرازات السيارات الكهربائية بشكل ملحوظ. وأشار إلى أن مبيعات طرازات السيارات الكهربائية من بي إم دبليو شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 120% خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 في الدولة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ولفت إلى أن المجموعة تتبنى نهج التكنولوجيا المفتوحة للمضي قدماً نحو التنقل المستدام في المنطقة، وتحرص على توسيع نطاق أسطول المركبات الخالية من الانبعاثات. طلب متزايد قال محمد خضر رئيس «شركة الماجد للسيارات - كيا»: إن أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة على موعد مع إطلاق حزمة من السيارات الكهربائية مطلع 2023 لتلبية الطلب المتزايد على هذا النوع من السيارات. وأضاف خضر: إن التوسع الكبير في شبكة شحن السيارات الكهربائية أسهم في زيادة التقبل العام لاقتنائها مع فتح المجال لزيادة هذه السيارات على الطرقات. وأشار إلى أن المجموعة تعتزم طرح سيارات كهربائية العام الحالي في ظل توقعات بإقبال كبير على شرائها، لاسيما مع الانفراجة التدريجية لأزمة أشباه الموصلات العالمية.
مشاركة :