أدلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقابلة أُجريت معه مؤخرا ببعض التعليقات الاستفزازية حول مسألة تايوان مرة أخرى، ووصفها بأنها "ليست مسألة داخلية" تقوم على سيادة الصين، وإنما مسألة "تخص العالم بأسره". أثبتت هذه التصريحات مرة أخرى مدى شدة رغبة واشنطن في تقويض مبدأ صين واحدة وتعريف "الوضع الراهن عبر مضيق تايوان" وفقا لإرادتها، كل ذلك من أجل استخدام تايوان لاحتواء الصين والسعي لتحقيق مصالح الهيمنة الخاصة بها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ولكن واشنطن، باعتبارها المخرب الحقيقي للسلام والاستقرار في المنطقة وكاذبا يحاول اتهام الصين بتغيير "الوضع الراهن عبر مضيق تايوان"، ليست في وضع يسمح لها بوضع مثل هذا التعريف. فواشنطن تنتهج منذ وقت طويل "سياسة مزدوجة المسار" تجاه تايوان، إذ تزعم بأنها لا تنتهك سياستها القائمة منذ أمد بعيد بشأن مبدأ صين واحدة فيما تقدم دعما غير مشروع للسلطات التايوانية في انتهاك للمبادئ القانونية والأسس الأخلاقية. ولتأجيج التوترات عبر مضيق تايوان، زادت واشنطن مبيعات الأسلحة لتايوان، وأرسلت مشرعين إلى المنطقة الصينية، وعدلت ما يسمى بـ"صحيفة وقائع العلاقات الأمريكية مع تايوان"، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. كما أصدرت سلسلة من مشاريع القوانين التي تشوه مبدأ صين واحدة وتطمسه وتفرغه من مضمونه تدريجيا، وتعاملت مع تايوان باعتبارها "كيانا سياسيا مستقلا" في محاولة لإضفاء الشرعية على تدخلها في مسألة تايوان. وبدعوى "الحفاظ على الوضع الراهن عبر مضيق تايوان"، تحاول واشنطن الحفاظ على الوضع المتمثل في "عدم توحيد وعدم استقلال" تايوان، وهي خطوة تهدف في جوهرها إلى عرقلة الصين عن حل مسألة تايوان، وترسيخ "الانقسام والتقسيم" عبر مضيق تايوان، وخلق "صينين" أو "صين واحدة وتايوان واحدة" بشكل مُقَنّع. بالإضافة إلى ذلك، فإن رواية واشنطن بشأن مسألة تايوان سخيفة وغير مسؤولة، وليست لها قوة ملزمة على الصين. ولم تقبلها الصين قط. وحقيقة أن جانبي مضيق تايوان لم يتم توحيدهما بعد هي إرث خلفته الحرب الأهلية في الصين. وإن مسألة تايوان هي شأن صيني داخلي لا يمكن حله إلا داخليا دون تدخل قوى أجنبية. وإن تحقيق إعادة التوحيد الوطني، الذي يتعلق بحق الصين المشروع في التنمية، هو قضية عادلة. وتحاول واشنطن، من ناحية أخرى، تغيير طبيعة المسألة، وتحويلها إلى مسألة دولية، وتوفر لنفسها ما يسمى بـ"الأساس القانوني" من خلال تطبيق قواعد القانون الدولي في التعامل مع النزاعات المتعلقة بالأراضي بين الدول على المسألة التي تخص جانبي مضيق تايوان. إن "الوضع الراهن عبر مضيق تايوان" المحدد ذاتيا (من قبل الولايات المتحدة) ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي مثل الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي فضلا عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، ويقوض بشدة سيادة الصين وسلامة أراضيها. إن "الوضع الراهن عبر مضيق تايوان" الحقيقي واضح لا لبس فيه: فجانبا مضيق تايوان ينتميان إلى نفس الصين، وتايوان جزء من الصين، ولم يسبق قط أن قُسمت سيادة الصين وسلامة أراضيها. وعلاوة على ذلك، فإن توقيت وكيفية حل الصين لمسألة تايوان أمران يقعان بالكامل ضمن سيادة الصين ولا علاقة لهما بواشنطن. وعلى الرغم من أن جانبي مضيق تايوان لم يحققا بعد إعادة التوحيد الكاملة، إلا أن الصين لم تتخل قط عن إعادة التوحيد. فلطالما نصت الوثائق الرسمية للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية بالإضافة إلى خطابات قادة الصين على أن مسألة تايوان سيتم حلها وأن إعادة توحيد الصين سيتم تحقيقها. ومع استمرار تحسن القوة الوطنية الشاملة للصين، أصبح الاتجاه العام لإعادة التوحيد عبر المضيق أمرا لا يمكن وقفه. وعلى هذه الخلفية، فإن سياسة التوازنات التي تنتهجها واشنطن في التعامل مع تايوان، والتي تنص على أن "البر الرئيسي لا يسعى إلى إعادة التوحيد وأن تايوان لا تسعى إلى الاستقلال"، من غير الممكن أن تستمر. وفيما يتعلق بمسألة تايوان، أصبحت الصين أكثر تصميما واستعدادا وقدرة على حماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها، من الناحيتين القانونية والأخلاقية. وإذا واصلت واشنطن السير في الطريق الخاطئ، فلا شك أنها ستواجه احتجاجات أقوى وتدابير مضادة أكثر حزما من الشعب الصيني. ملاحظة المحرر: وانغ يينغ جين، أستاذ ومدير مركز بحوث العلاقات عبر المضيق بجامعة رنمين الصينية. الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).
مشاركة :