بعد اتفاق المعارضة التركية، أمسى كمال كيليتشدار أوغلو، قائد ثاني أكبر الأحزاب بتركيا، المنافس الرئيسي لأردوغان في الانتخابات المقررة في مايو/ أيار، والتي يعتبرها عديدون الأكثر أهمية في تركيا منذ إعلان الجمهورية. بوسع كيليتشدار أوغلو استغلال سنوات من التأزم الاقتصادي وارتفاع التضخم بالإضافة إلى الزلازل من أجل إزاحة أردوغان عن الحكم. في ظل تراجع تأييد الأتراك لأردوغان، وبعد شهور من الجدل الحاد ، أعلن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب في تركيا اتفاقه على اختيار كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني، مرشحا مشتركا لخوض الانتخابات المقبلة في مواجهة الرئيس الإسلامي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقررة في 14 أيار/مايو. وينص الاتفاق الهادف إلى تجنب تشتيت أصوات المعارضة على ترشيح كيليتشدار أوغلو على أمل إنهاء حكم أردوغان المستمر منذ عقدين. وقال كيليتشدار أوغلو أمام حشد كبير من المؤيدين بعد انتهاء محادثات متوترة بين الأحزاب المعارضة استمرت ساعات، "كنا سنقضي على أنفسنا لو انقسمنا". وتابع "سنعمل معا على ترسيخ قوة الأخلاق والعدالة"، مضيفا "نحن، بصفتنا تحالف الأمة، سوف نقود تركيا على أساس التشاور والتسوية". وشدد الزعيم المعارض البالغ 74 عاما والمتحدر من الأقلية العلوية، أن "القانون والعدالة سيسودان". ويخوض أردوغان اختبارا حاسما في الانتخابات، التي يعتبرها عديدون الأكثر أهمية في تركيا منذ إعلان الجمهورية قبل نحو قرن. ويحتاج الرئيس البالغ 68 عاما إلى تجاوز عقبتي الأزمة الاقتصادية والزلزال المدمر في محاولته للبقاء في الحكم بعد أكثر من عشرين عاما في السلطة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن سباق الرئاسة سيكون محتدما. وتعهد تكتل المعارضة بالتراجع عن كثير من سياسات أردوغان في الاقتصاد والحقوق المدنية والشؤون الخارجية من خلال ما يعتبرها الكثيرون الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية الممتد 100 عام. على أمل إنهاء حكم أردوغان المستمر منذ عقدين، المعارضة تتفق على ترشيح كمال كيليتشدار أوغلو مرشحا للرئاسة بهدف تجنب تشتيت أصوات المعارضة. معارضة وشكوك في نجاح كيليتشدار أوغلو أمام أردوغان وبدا قبل الاتفاق أن مهمة أردوغان تيسّرت قليلا مع انسحاب واحدة من القادة الرئيسيين في تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب من محادثات الجمعة. واعتبرت ميرال أكشينار أن كيليتشدار أوغلو يفتقر إلى تأييد الرأي العام لهزم أردوغان في الانتخابات الرئاسية. وحضّت السياسية المعارضة على ترشيح واحد من رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري. والتقى كلاهما أكشينار الاثنين في محاولة لإقناع "حزب الخير القومي" الذي تتزعمه بالتراجع عن موقفه. وقال رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش للصحافيين بعد الاجتماع "أمتنا لا يمكنها تحمل الانقسام". وبدوره، قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو إن الحفاظ على التحالف "مهم خصوصا في الأيام الصعبة التي تمر بها تركيا بعد الزلزال". وكانت آخر مرة اتحدت فيها المعارضة للإطاحة بحلفاء أردوغان في الانتخابات البلدية في العام 2019. وحطمت قدرتها على استعادة رئاسة بلدية أكبر مدينتين في البلاد هالة أردوغان ومهدت الطريق لاحتمال عودة حزب مؤسس الدولة العلمانية مصطفى كمال أتاتورك إلى السلطة. وجادل كيليتشدار أوغلو سابقا بأنه يجب على يافاش وإمام أوغلو البقاء في منصبيهما رئيسين للبلديتين لتجنب إجراء انتخابات جديدة يمكن أن تعيد أيا من المدينتين إلى إدارة حزب أردوغان. واتفق زعماء المعارضة الستة في نصّ منفصل الاثنين على إبقاء الباب مفتوحًا أمام تعيين يافاش أو إمام أوغلو نائبا للرئيس بمجرد اكتمال الانتقال إلى نظام جديد للسلطة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نتائج انتخابات الرئاسية والبرلمان المقررة في غضون شهرين ستكون متقاربة مع تقدم طفيف لكتلة المعارضة على التحالف الحاكم. وبوسع كيليتشدار أوغلو، وهو موظف مدني سابق، استغلال سنوات من التأزم الاقتصادي وارتفاع التضخم بالإضافة إلى الزلازل التي دمرت الجنوب الشهر الماضي، مما أثار انتقادات لطريقة استجابة الدولة للكارثة. كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري (يمين الصورة) مع الرئيس التركي أردوغان خلال زيارة لضريح مصطفى كمال أتاتورك، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 94 لتأسيس الجمهورية التركية (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2017) ويشك البعض في أن الاقتصادي السابق المشاكس الذي تقدم الصفوف باعتباره محاربا للفساد قد يهزم أردوغان الذي حكم تركيا لأطول فترة بين باقي الزعماء والذي ساعدت شخصيته الكاريزمية في حملته الانتخابية في تحقيق أكثر من عشرة انتصارات انتخابية. أردوغان يعترف ويدعو لقبول اعتذاره يأتي ذلك في ظل تراجع تأييد الأتراك لاردوغان بعد أن اعتمد سياسة نقدية مخالفة للنهج الاقتصادي التقليدي في أواخر عام 2021 إذ قضى بخفض معدلات الفائدة بشكل كبير لمحاولة كبح التضخم. وأدت سياسته إلى أزمة نقديّة أتت على مدخرات المواطنين وأوصلت معدل التضخم السنوي إلى 85%. وعقب إعلان المعارضة، ارتفعت أسهم الشركات التركية وسندات يوروبوند على حد سواء وسط تزايد آمال مستثمرين في أن يتمكن المرشح المشترك من التغلب على أردوغان والعودة لتطبيق سياسات نقدية تقليدية بعد سنوات من الاضطرابات. وتعهد كيليتشدار أوغلو بمنح البنك المركزي استقلاليته الكاملة مجددا وحريته في رفع أسعار الفائدة في حال فوزه. ولقيت طريقة تعامل الرئيس التركي مع الغزو الروسي لأوكرانيا إشادة وعززت التأييد له، إلا أن الزلزال الكارثي الذي وقع الشهر الماضي وأودى بحياة أكثر من 45 ألف شخص في تركيا ونحو ستة آلاف في سوريا يهدد بإنهاء مسيرته السياسية. واعترف أردوغان بأن حكومته كانت بطيئة في الاستجابة في الأيام الحاسمة الأولى للأزمة، وطلب من الناخبين قبول اعتذاره عن بعض التأخير في عمليات الإنقاذ. ونفى الرئيس التركي الشائعات حول تأجيل الاقتراع إلى موعد أكثر ملاءمة له من الناحية السياسية. وقال الأسبوع الماضي "نحن لا نختبئ وراء الأعذار". وأكد في اجتماع لمجلس الوزراء الاثنين "لن نرتاح حتى تُستأنف الحياة الطبيعية في منطقة الزلزال". وسيقرر الناخبون ليس فقط من يحكم تركيا لكن كيفية الحكم أيضا والمسار الاقتصادي الذي ستسلكه البلاد ودورها في تخفيف حدة الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط. وتعليقا على ترشيح كيليتشدار أوغلو، قال مدحت سانجار الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد إن الحزب قد يدعمه في الانتخابات الرئاسية بعد "محادثات واضحة وصريحة". وقال سانجار في بث مباشر لقناة خبر ترك الخاصة "إذا تمكنا من الاتفاق على مبادئ أساسية، فقد ندعمه في انتخابات الرئاسة". ص.ش/ع.ج.م (أ ف ب، رويترز)
مشاركة :