هوس الشراء.. مرض العصر الحديث

  • 2/5/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الإنسان بطبعه يحب التفاخر والمباهاة، وهناك أشياء تشبع لديه هذا الشعور، منها الشراء والتسوق. وتشير معظم النساء إلى أن الذهاب للأسواق واقتناء السلع والمنتجات يغير حالتهم المزاجية إلى الأفضل، ويخلصهم من التوتر والاكتئاب، إلا أنه يمكن أن يصل إلى حد المرض لدى البعض، فيشتري أشياء لمجرد أنها أعجبته، حتى وإن لم يكن في حاجة لها، ولكن لمجرد تقليد المشاهير. ويرجع المتخصصون في علم النفس، هوس شراء أشياء لا تستخدم، إلى عدة أسباب منها ما يتعلق بالتفكير الاجتماعي وأخرى بالتنشئة، كما وضعوا حلولاً عملية للتخلص من هذه الحالة التي يعتبرها البعض مَرضية إلى حد ما. أشتري ما لا يلزم أكثر من شراء ما يلزم، هكذا تبدأ رزان أبودقة، ربة بيت، قصة عشقها للتسوق. تقول: المرأة بطبعها تحب الذهاب للأسواق والاطلاع على جديد الموضة، والتنزيلات، وفي كثير من الأوقات تعجبني ملابس وعليها تخفيضات كبيرة، فاشتريها على الرغم من أنني لست في حاجة لها في الوقت الحالي، ومن الممكن أن تظل في دولاب الملابس لمدة سنة أو أكثر من دون ارتداء، ولكن وجودها أشبع رغبة بداخلي. وتضيف: في بعض الأحيان ينتابني شعور بالندم على شراء أشياء كثيرة لست في حاجة إليها، إلا أنني لا أتعلم من أخطائي وأكرر نفس الموقف مرات عدة، بحجة أنها فرصة شرائية لا تعوض وربما استخدمها في المستقبل، ويمكن القول إنها أصبحت عادة لدي، فضلاً عن أن التسوق يخرج المرأة من الحالة المزاجية السيئة ويجعلها تنسى الواقع الذي تعيش فيه إذا كانت تمر بمشاكل، ولا أعتقد أن هناك امرأة تستطيع السيطرة على عملية الشراء، وإن وجدت أتمنى أن توجه نصائحها لنستفيد منها. ترتبط عملية اقتناء السلع والكماليات لدى علي سعيد، مدير عام بمجموعة برايم الطبية، بالحالة المادية لديه فهو ضد عملية شراء كل ما يعجبه ويراه مناسباً. يقول: عملية عرض السلع والمنتجات لا نهائية، وتعمل الشركات والمحال التجارية جاهدة لعرض المنتجات بشكل جاذب للزبائن بشكل كبير، لذلك أحدد ما أحتاجه أولاً وأشتريه، فالله سبحانه وتعالى، نهانا عن التبذير والنظر بعين الاعتبار إلى الفقراء ووضعهم في الحسبان، كما أنني أعمل على تلبية احتياجات أسرتي وتوفير لهم الكماليات والرفاهيات ولكن على قدر استطاعتي. وتأتي مصروفات مدارس الأبناء والإجازات السنوية، على رأس أولويات أمل حامد، ربة المنزل، ثم تأتي بعدها الكماليات. تقول: هناك التزامات كثيرة يجب توفيرها في المقام الأول مثل مصروفات مدارس الأبناء والإجازات السنوية وغيرها، وأضع هذه الأساسيات في مقدمة أولوياتي، ولكن هذا لا يمنع أنه في بعض الأوقات وبدون تفكير صائب ونظراً للتخفيضات والعروض التي تقيمها المحال التجارية بشكل دائم، ولأن معظم الخروجات داخل المراكز التجارية التي توفر جميع الخدمات، تجد نفسك من دون أن تشعر تدخل المحال وتتسوق وربما تنفق الأموال في أشياء لا حاجة لك بها. وترى بدرية غانم، سيدة أعمال، أن إيقاع الحياة اختلف عن ذي قبل، وأصبح سريعاً بشكل كبير، وأصبحت المظاهر والتفاخر والمباهاة تحتل مكانة كبيرة في حياة كثيرين. وتقول: هناك كثير من السيدات يذهبن لشراء مستحضرات التجميل باهظة الثمن لمجرد التقليد، نظراً لأنها شاهدت إحدى عارضات الأزياء الشهيرات، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، يستخدمن ماركة عالمية معينة لتتفاخر بين أصدقائها أنها اقتنت ما استخدمته تلك العارضة المشهورة، وهذا التقليد الأعمى يرضي غرورها. وتضيف: كثيرات يسرن وفق مبدأ (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، بل إني أرى في بعض الأحيان نساء يقترضن لشراء أشياء ليست أساسية لكي تتباهى وتتفاخر بها، ففكرة الرفاهية أصبحت مهمة لدى الكثير، وفي بعض الأوقات تكون ذات أهمية أكبر عن الأساسيات. ولا يقتصر ذلك على النساء فقط بل أصبح الرجال أيضاً يفضلون التسوق وحب المظاهر والمغالاة في شراء المقتنيات، وأصبح الادخار والإنفاق فيما يلزم فقط مفهوماً غائباً عن الأذهان، وحل مكانهما التفكير بشكل وقتي وعدم التحسب للمستقبل، لذلك يجب على الأهل أن يزرعوا في أبنائهم ترتيب الأوليات وصفة الادخار. يحاول محمود محمود، مشرف مساعد بإحدى المجموعات التجارية، أن يوازن بين احتياجاته والتزاماته ودخله المادي. ويقول: نظراً لظروف الحياة، فإن هناك التزامات مادية مفروضة علي بشكل شهري، وأحاول وضع أولويات أعمل على شرائها، والكماليات تأتي لاحقاً، ومن الممكن أن أطلع على المنتجات والأسعار وأضعها في الحسبان وعندما تتوافر الأموال أشتري، ولكن هناك أشياء أفضلها ولا أستطيع تأجيلها وإذا توفر منها ما يناسبني لا أتردد في الشراء حتى وإن كان لدي منها ما يكفيني، مثل الأحذية فأنا متابع جيد لآخر صيحات الموضة فيها، ولا أستطيع التحكم عندما أرى حذاءً يجذبني، وأبادر بشرائه على الفور من دون تفكير. سمية البلوشي، تؤكد أنها كانت تشتري أغراضاً بلا وعي، فبمجرد أن تعجبها سلعة ما، تشتريها على الفور من دون تفكير فيما إذا كانت تحتاجها أم لا، وتضيف: الآن أصبح لدي مسؤوليات وأعرف قيمة المال وكيف أنفقه فزاد الوعي عندي، ولكن أكثر شيء يجذبني، هي النظارات الشمسية ولا أستطيع أن أسيطر على رغبتي في شرائها بالرغم من أن لدي عدداً كبيراً منها ولا حاجة لي بشراء المزيد. كثير من المتسوقين يقبلون على شراء أشياء لا حاجة لهم بها مجرد وضع لوحات للخصومات، بحسب ما يوضحه يحيى محمد، مسؤول خدمة عملاء وخدمة ما بعد البيع في إحدى الشركات. ويؤكد أن المتسوقين لا يترددون في شراء منتجات غذائية أو ملابس ضمن التخفيضات حتى لو لم يكن لهم حاجة بها ظناً منهم أن يوفروا، ولكن هذا المفهوم خاطئ لأن هناك بعض الأشياء تتلف بمرور الوقت وهنا لا يستفيد الزبون من عملية الشراء. وتؤكد نيرمين كرم، مديرة مبيعات، أنه بمجرد أن توضع لوحات التخفيضات على المحال التجارية تجد الزبائن يهرعون إليها حتى ولو كان التخفيض مجرد درهم أو درهمين ظناً منهم أنهم يوفرون، ولكن هذا يوفر لهم فقط الارتياح النفسي. وتضيف: بالنسبة لي فأنا أخصص جزءاً من الوقت في فترة الاستراحة أثناء العمل لمجرد التمشية في الأسواق وشراء أي منتج حتى وإن لم أكن بحاجة له، وذلك يساعدني من التخلص من ضغط العمل والتوتر النفسي وتكملة باقي اليوم في العمل. أسباب وحلول توضح هند البدواوي، مستشارة نفسية وأسرية بمركز همسة للاستشارات الاجتماعية والنفسية والأسرية، الأسباب التي تؤدي إلى شراء الأشياء التي لا حاجة للإنسان بها، قائلة: يتبع الإنسان سلوكيات معينة لإشباع أشياء محددة، منها أنه يلجأ للشراء بلا هدف من أجل كسر الروتين، وهذه العملية تساعده على التنفيس الانفعالي، والمرأة بشكل عام تشعر بالراحة النفسية بعد الذهاب للتسوق، لتفريغ الشحنات السلبية، والتسوق يزيدها ثقة بالنفس، فتلجأ للتسوق بلا هدف، واقتناء أشياء ليست بحاجة لها، نتيجة بعض الأفكار في البيئة المحيطة مثل التفاخر والتباهي، ولمجرد التقليد لتشعر بأنها ليست دون المستوى، وكل هذه الأفكار تؤدي إلى الشراء غير المقنن، وهذه الأفكار يصدقها العقل وينفذها السلوك، فضلاً عن أن هناك أسباباً ترجع للطفولة نتيجة للحرمان غير المبرر أو الزواج من شخص بخيل، وحين تباح الفرصة للشخص في الإنفاق يصبح شخصية انتقامية في الشراء، حتى يعوض النقص الذي عاناه في فترات حياته المختلفة. وتضيف أن الشخصية التي تقتني الأشياء بلا هدف وبلا داع، لم تنضج بعد من الجانب الاقتصادي المالي، وغير قادرة على التخطيط، وترى البدواوي أن الحل في الحد من شره التسوق يكمن في تحديد الدافع من وراء الشراء، وذلك بالاطلاع على أفكار إيجابية، ومن الممكن أن تستغرق عملية الشفاء وتغيير الممارسات والأفكار الخاطئة من 3 إلى 6 أشهر، كما تشير إلى طريقة تسمى كف السلوك تدريجياً، تساعد في التخلص من نهم التسوق، وهي عندما يذهب الشخص للتسوق وتعجبه سلعة فيجب أن يتمهل ويعطي لنفسه فرصة للتفكير ويتركها، ويذهب لمكان آخر فإذا ظلت السلعة عالقة في ذهنه وتشغل تفكيره، فمعنى ذلك أنها ضرورية وأساسية، أما إذا تناساها، ولم يفكر بها فيعني ذلك أنها ليست أساسية، ومن الممكن الاستغناء عنها، كما تنصح بضرورة التركيز على تهذيب السلوك، وإشباع الاحتياجات لدى النشء بالحد الطبيعي من دون المبالغة وتنشئتهم على القناعة والرضا بما يملكون.

مشاركة :