بعد كل إجرام إرهابي يحدث على أرضنا، كان أوّل سؤال يتبادر إلى ذهني: هل مَن قام به سعوديون؟. وسؤالي هذا.. جاء بحكم أنه لو لم يكن كذلك، فأنا هنا أعلم الأسباب التي أوصلت مرتكبي تلك الجرائم إلى حالة من فقدان التوازن، والاتزان الديني والخُلقي والنفسي.. سواء كان يدين بالإسلام أو غيره. نحن كسعوديين قلبًا وقالبًا نشأنا فوق بقعة مباركة.. لم يظلّها سوى دين الإسلام، ولا دين يحكمنا سواه.. كبرنا عليها، وكلنا ينعم بالأمن بمعناه المطلق والواسع.. الأمن من الحروب، الأمن من الجوع، الأمن على أعراضنا، الأمن في ممارسة شعائرنا الدينية دون قيد أو حسيب أو رقيب إلا الله. نشأنا ونحن ندرك أنه لم يشهد تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث بعد أن وحَّدها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز أيًا من الصراعات أو الحروب، كتلك الدائر رحاها سابقًا ولاحقًا على كثير من الدول حولنا، ولم تعصف بنا خطوب الفتن، ولله الفضل والمنّة، من قبل ومن بعد. * لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.. هكذا علّمنا ديننا، وهكذا رسَّخ الراشدون من قادتنا وأهلونا هذا المبدأ الإلهي في كل تعاملاتنا، والذي وثّق عرى التآخي المبني على ثوابتنا فيما بيننا وبين الآخر، أيًا كانت هويته. إذاً.. كيف سُلِبَتْ منّا عقول أبناؤنا!؟، ومتى غُذِّيّت بفكر التكفير والتفجير!؟، ومَن هُم رعاة ذاك التضليل!؟ كل علامات الاستفهام هذه فتحت في وجهي أبوابًا، كل واحد منها ينفذ بي إلى الآخر.. هل نبدأ بالخبث المتخفِّي -لدى البعض- تحت عباءات المشيخة المستصرخة فوق المنابر، بدعوى جهاد التهييج والتجييش!؟.. يُحِلُّون ويستبيحون تَحوُّل أجساد أبنائنا إلى لغمٍ قابل للانفجار متى ما أُذِنَ لهم بذلك!.. أم هؤلاء الذين يسعون إلى فتح الباب على مصراعيه للنزاعات الطائفية وبث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. أم أولئك الذين خلقوا من كل ذلك مبررًا سافرًا للسعي نحو احتلال البلاد واستعباد العباد، والرمي بكل تراث وثقافة وتاريخ الشعوب في أتون الجهل والرجعية والتخلف.. أم الوالدين.. والأسرة بأكملها.. والتي أخذتهم العاطفة والتساهل أيما مأخذ، حتى وصل الحال بأبنائهم إلى ما آلت إليه اليوم؟!.. ثم، هل كان هذا الغِرّ أثناء لفّ الحزام الناسف حول خصره بكامل وعيه، أم أن وعيه -بشكلٍ أو بآخر- كان مُغيّبًا في ظلمات الانقياد الأعمى!؟. المصيبة أن أغلب مرتكبي الهجمات الإرهابية ضد الوطن والمواطنين ورجال الأمن وفي بيوت الله سعوديون، وسلوكهم المشين ذاك ليس منّا ولسنا منه، ولا يشبهنا في شيء، لا من قريب أو بعيد، فكيف هم سعوديون، وما دوافعهم من كل تلك المهازل.. الصورة أمامي مشوّشة، وملامح شخوصها باهتة. ملابسات أحداث التفجيرات في بيوت الله ليست لغزًا، واختيار بيوت الله لتنفيذ تلك العمليات فيها -أيضًا- ليست لغزًا، وكلنا يُدرك ويعلم الداعم الحقيقي لها، والماكث في مكانه هناك، حيث المجوسية دينا، والدين الإسلامي وسيلة!.. فهل لنا أن نصرح ونقول: إنها ليست إلاّ إيران.. وفتاوى مشايخ الفتنة!؟. fatma.albkely@yahoo.com
مشاركة :