عن أبي هريرة: أن رسول الله مر على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟)، قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني) رواه مسلم. ألفاظ الحديث: (صُبرة طعامٍ): صبرة بضم الصاد وإسكان الباء، قال الأزهري: الصبرة: الكومة المجموعة من الطعام. (صاحب الطعام) أي: بائع الطعام. (أصابته السماء) أي: المطر. من فوائد الحديث: الفائدة الأولى: في الحديث دلالة على تحريم الغش، وأنه من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غش فليس مني). الفائدة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: (فليس مني)، سبق الحديث عن معنى هذه العبارة في الحديث السابق، وأن كثيرًا من السلف لا يخوضون في تأويل مثل هذه الأحاديث؛ لتكون أزجر في قلوب الناس. الفائدة الثالثة: للغش أنواع عديدة، ومن أهمها: أ. الغش في البيوع وغيرها من المعاملات، ومنه حديث الباب. ب. الغش في النصح، والمراد به عدم الإخلاص في النصح. ج. الغش للرعية، ومنه حديث معقل بن يسار المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة). ومن أعظم الغش: الغش في الدين، كما فعل أحبار بني إسرائيل حين كتموا الحق وأظهروا للناس الباطل، يبتغون بذلك عرَضًا من الدنيا، فضلُّوا من قبل وأضلوا كثيرًا، وضلوا عن سواء السبيل، فكتمان الحق، وخاصة في الأزمات، من الغش للأمة، إلا من لم يستطع أن يصدع به.
مشاركة :