على غرار محمد البوعزيزي، الذي أحرق نفسه احتجاجاً على مضايقات الشرطة المحلية عام 2010، تصرف رضا اليحياوي باندفاع، مما أدى إلى وفاته في السادس عشر من يناير الماضي. وبحسب التقارير هدد الرجل بالانتحار، ولمس أسلاك الكهرباء، وتعرض لصدمة كهربائية، وذلك بعد حرمانه من فرصة عمل في الحكومة في مدينة القصرين. موت البوعزيزي أشعل مظاهرات أتت على دكتاتورية زين الدين بن علي، وأوحى بالربيع العربي. ويعد اليحياوي تذكيراً بأنه لاتزال أمام الديمقراطية الكثير كي تحل مشكلات تونس. الحكومة عانت للدفع بالاقتصاد قدماً، ولاتزال تعاني من انتهاكات الماضي وتواصل الفساد. المتمردون في الغرب والكثير من الهجمات الإرهابية الكبيرة أضيفت إلى مشكلاتها خلال العام الماضي. وقد عانى حزب نداء تونس، وهو الحزب السياسي السائد من الانقسامات. ندرة الوظائف إلا أن الافتقار إلى الوظائف يعتبر السبب الرئيسي في عودة آلاف التونسيين إلى الشوارع. معدل البطالة فوق 15% وأسوأ من حالة ما قبل الثورة. ونحو ثلث الشباب لا يجد عملًا. وفي مناطق ريفية مثل القصرين تندر الوظائف إلى حد كبير. وتدخلت الحكومة باعتبارها المشغل الذي يمثل الملاذ الأخير. عشرات آلاف العاملين التحقوا بالقطاع العام منذ عام 2010، رافعين بذلك عدد الذين توظفهم الحكومة إلى أكثر من 600 ألف وإلى 180 ألفاً أو ما نحو ذلك بالنسبة للشركات العامة، التي شهدت بدورها وفرة في التوظيف. ولاسترضاء النقابات القوية رفعت الحكومات الرواتب، وتضاعفت الأجور في القطاع العام تقريباً بين عامي 2010 و 2014. وتصل اليوم إلى أكثر من 13% من الناتج المحلي الإجمالي. القطاع العام القطاع العام التونسي ليس كبيراً فحسب، وإنما هو يدار بشكل سيئ. ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن:العلاقة التي تربط بين أداء الموظفة العمومية والتقييم والتعويض والترقية ضعيفة لا سيما منذ الثورة. جرحى الثورة هم المحظوظون بالحصول على الوظائف، ومن هنا فإنهم يقودون بعض التونسيين في كراهية العمل في القطاع الخاص. وفي هذه الأثناء فإن الشركات العامة تعتبر نماذج لعدم الكفاءة. المجموعة الكيماوية التونسية، التي وردت في التقرير رفعت عدد العاملين فيها من 5000 شخص عام 2010 إلى 16 ألفاً عام 2012 بينما انخفض الإنتاج من 8 ملايين طن إلى 2.5 مليون طن. وعلى الرغم من فاتورة الأجور، إلا أن الحكومة تتوقع أن العجز في الميزانية سينزل إلى 3.9% هذا العام. وهذا تقدير متفائل. وكالة التصنيف الائتماني موديز، خفضت، أخيراً، من توقعات النمو في تونس لتصل إلى 1.5% وتتوقع أن يقترب العجز من 5%. المانحون الدوليون يريدون من تونس تقليم القطاع العام وإنفاق ماله بشكل أكثر حكمة. ولتهدئة المتظاهرين، أعلنت الحكومة في العشرين من يناير الماضي أنها ستعين خمسة آلاف شاب في القصرين، على الرغم من أنها توفر فرص التدريب على العمل فقط. ويقول رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد إننا لا نملك عصاً سحرية لمنح وظيفة لكل شخص. وهذه الحقيقة القاسية لم يتم تقبلها بشكل جيد في تونس. اضطرابات عدم الاستقرار زاد الأمر سوءاً في تونس. وألغى ثلاثة مشغلين للسياحة حجوزاتهم في تونس. السياحة التي تشكل (بشكل مباشر وغير مباشر) نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي و14% من الوظائف كلها انخفضت بفعل هجمتين مميتتين على السياح الأجانب. وأغلقت عشرات الفنادق بسبب نقص النزلاء.
مشاركة :