البلاد ـ رفحاء تزخر منطقة الحدود الشمالية بالعديد من القرى والأماكن والمواقع التاريخية والأثرية التي يعود عُمر بعضها إلى آلاف السنين، مشكلةً إِرْثاً تارِيخِيّاً عَرَّيقاً وَمَلْمَحاً بارِزاً لا تزال أطلالها القديمة باقيةً حتى الآن، ومن هذه المواقع “أم عمارة” -95 كلم شرق محافظة رفحاء- وسميت “أم عمارة” نسبةً إلى آثار العمران والبيوت الأثرية التي بنيت بها من الحجر، وهي من المستوطنات السكنية الإسلامية التي تعود إلى العصور القديمة. وتنتشر وحدات “أم عمارة” المعمارية على مساحة تقدر بنحو 60,000م2، وتوجد بها أطلال لمبانٍ صغيرة، وعدة آبار مبطن بعضها بالأحجار، وكان المستشرق “ألويس موزيل” قد زار الموقع عام 1915م، وتحدث عنه بإيجاز، وربط آثار أم عمارة بأطلال الجلعودية على امتداد طريق الحج من العراق، ويحيط بموقع أم عمارة العديد من الرياض الجميلة التي تزدان جمالاً في فصل الربيع، بالإضافة إلى العديد من الصخور التي نحتت بأشكال مختلفة، والمنازل والمخازن التي تساقط أكثرها بفعل عوامل الزمن والظروف الجوية، وتُعدُّ نقطة جذب سياحي في المنطقة. وأوضح المرشد السياحي وأحد المهتمين بالآثار والتراث والمتخصص بالتاريخ خلف الشمري، أن أم عمارة تقع شمال قرية إعيوج لينة، ويوجد بها آثار ومبانٍ قديمة، وأحجار متساقطة مربعة الشكل ومتساوية الأحجام، مبيناً أن بقايا قصر أم عمارة تدل على أن موقع البناء يعدُّ مركزَ مراقبة؛ لوقوعه على تل مرتفع، واستعملت في بنائه الحجارة المحلية ومادة النورة “مادة بناء تستخدم لربط الطوب أو الطابوق أو الحجر ولملء الفراغات بينها” التي تصنع محليًّا بحرق أحجار النورة ثم طحنها، حتى تصبح ناعمة مثل الإسمنت، لافِتاً الانتباه إلى أنها تتميز بصلابتها ولونها الأبيض اللاَّمع، وهذا يدل على جودة البناء وتقدم الإعمار كما في بناء جدران برك درب زبيدة الشهير التي بنيت بنفس المواد، ودرب زبيدة تقع غرب أم عمارة بمسافة تقدر تقريباً بـ 70 كيلومِتْراً.
مشاركة :