طورت العديد من شركات الطاقة مشاريع للنفط والغاز في إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي في السنوات الأخيرة مع تحولها إلى التركيز على النفط منخفض الكربون وتثبيت عملياتها في المستقبل. مع تزايد الضغط لإزالة الكربون، ابتعدت العديد من شركات النفط والغاز الكبرى عن مواقع التشغيل القديمة والكثيفة الكربون لصالح تطوير مشاريع جديدة في مناطق النفط غير التقليدية. وفي الوقت نفسه، فإن البلدان الإفريقية مصممة على المطالبة بجزء من فطيرة الطاقة العالمية، غير راغبة في التخلي عن الموارد الطبيعية القيمة دون المشاركة في العمليات. لذا، مع استمرار العديد من الدول في جميع أنحاء إفريقيا في تطوير صناعاتها النفطية، ما هو المتوقع لعام 2023. مع استمرار الطلب على النفط والغاز الطبيعي في الارتفاع في فترة ما بعد الوباء، رأينا الحكومات تلجأ إلى قوى النفط البديلة لإمدادها، حيث فرضت دول في جميع أنحاء العالم عقوبات على النفط الروسي، بالإضافة إلى زيادة إنتاج النفط من المواقع التقليدية، بدأت العديد من البلدان في تعزيز العلاقات مع قوى نفطية جديدة، على أمل ضمان إمدادات نفط منخفضة الكربون. بينما يظل الطلب العالمي على الوقود الأحفوري مرتفعًا، يتم تطوير معظم هذه العمليات منخفضة الكربون في مناطق ذات اكتشافات حديثة لاحتياطيات ضخمة، مثل منطقة البحر الكاريبي وإفريقيا، حيث تستخدم شركات النفط الكبرى طرق إنتاج منخفضة الكربون وتكنولوجيا التقاط الكربون لضمان أن يكون الناتج الخام أقل ضررًا بالبيئة. في قمة المناخ كوب 27، التي عقدت في نوفمبر، في مصر، أوضح ممثلو الحكومات الإفريقية أنه يجب السماح للبلدان في جميع أنحاء إفريقيا بتطوير موارد الوقود الأحفوري للمساعدة في انتشال شعوبها من الفقر. عندما أصبح الطلب العالمي القوي على النفط والغاز واضحًا بعد أن ابتعدت الولايات المتحدة وأوروبا عن الطاقة الروسية، اكتشف القادة الأفارقة الفرصة لتعزيز تطوير النفط منخفض الكربون في جميع أنحاء القارة، وصرح مفوض البترول في ناميبيا، ماجي شينو، "هناك الكثير من شركات النفط والغاز موجودة في القمة السابقة للمناخ لأن إفريقيا تريد إرسال رسالة مفادها أننا سنطور جميع موارد الطاقة لدينا لصالح شعبنا لأن قضيتنا هي فقر الطاقة"، وقد ساعد ذلك في تحفيز تطوير صناعة النفط والغاز، حيث تم التخطيط للعديد من المشاريع للقارة في عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، سيعقد أسبوع النفط الإفريقي السنوي مرة أخرى في أكتوبر، لتعزيز الفرص في صناعة النفط في القارة. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أكثر من 70 مشروعًا للنفط والغاز بحلول عام 2025، والتي يمكن أن توفر ما يصل إلى 2.3 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وفقًا لمحللين، وأعلنت شركة توتال إنيرجي أنها ستستثمر في حقل بيجونيا في أنجولا، مما يضيف إلى مشاريعها الأخرى في المنطقة. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة إنتاجها في المنطقة بمقدار 30 ألف برميل يوميًا، من المتوقع أن تبدأ العمليات في نهاية عام 2024، بعد استثمار 850 مليون دولار. تمتلك نيجيريا، أحد أكبر منتجي النفط في إفريقيا، خططًا كبيرة لتنويع عملياتها النفطية من خلال تطوير مشاريع جديدة خارج دلتا النيجر في شمال البلاد، بعد سنوات من التأخير، تواصل شل مشروعها بونجا نورث هذا العام، ليتبعه حقل بونجا ساوث ويست بتكلفة 10 مليارات دولار في عام 2024. يُعتقد أن حقل بونجا نورث يحتوي على ما يصل إلى 525 مليون برميل من النفط الخام، والتي يمكن أن تدعم هدف نيجيريا المتمثل في زيادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الوباء، بعد أن فشلت مرارًا وتكرارًا في تحقيق حصص أوبك في الأشهر الأخيرة. أوغندا لديها خطط لمواصلة توسيع صناعتها النفطية من خلال شركة توتال إنيرجي للتنمية بحيرة ألبرت. وقد شهد المشروع استثمارًا بقيمة 10 مليارات دولار حتى الآن، لدى أوغندا خطط رئيسة لتطوير مشروعي تيلنجا وكينج فيشر للنفط، وبناء خط أنابيب النفط الخام لشرق إفريقيا الذي طال انتظاره بطول 1500 كيلومتر، والذي شهد سنوات من التأخير، إذا اكتمل، يمكن أن تشهد أوغندا إنتاجًا قدره 230 ألف برميل يوميًا من بحيرة ألبرت. وتركز غانا على إنتاجها المحلي، الذي تأمل أن يتضاعف بحلول نهاية العام، من أقل من 200 ألف برميل يوميا إلى نحو 420 ألف برميل يوميا، اجتذبت الاكتشافات الأخيرة استثمارات أجنبية أكبر في المنطقة، مع تشغيل مشاريع شركة شركة أكر للطاقة النرويجية. وتظهر قوى نفطية جديدة في إفريقيا، حيث أعلنت شركة أفريكا أويل كورب عن عقدين لتقاسم الإنتاج مع جمهورية غينيا الاستوائية في فبراير. من المتوقع أن تمتلك شركة أكو 80 في المئة من حصص التشغيل في قطاعين بحريين إذا تم الحصول على موافقة الحكومة، مع امتلاك شركة جيباترول المملوكة للدولة النسبة المتبقية البالغة 20 في المئة، تخطط الشركات لإنفاق 7 مليارات دولار في فترة الاستكشاف الأولية، تتوقع شركة أكو أن تقدم التطورات "فرصًا لتطوير الغاز منخفضة التكلفة ومنخفضة المخاطر." بعد تحديد مساحة واضحة لإفريقيا في الساحة النفطية الدولية، وذلك بفضل الطلب العالمي القوي على النفط والغاز منخفض الكربون، تعمل البلدان في جميع أنحاء القارة بسرعة لضمان مقعدها على الطاولة، بينما تعمل القوى النفطية الراسخة، مثل نيجيريا، على توسيع صناعاتها، يشجع الوافدون الجدد، مثل غانا وغينيا الاستوائية، على مزيد من الاستكشاف لتطوير مشاريع جديدة يمكن أن توفر النفط والغاز منخفض الكربون لسد الفجوة في التحول الأخضر. كانت المملكة العربية السعودية قد تنبأت بثورة النفط والغاز الإفريقية وسارعت بتدشين خط ملاحي جديد يربط المملكة مع دول شرق إفريقيا، وتحديداً يربط موانئ المملكة الغربية على البحر الأحمر، بما فيها الآن ميناء الملك فهد الصناعي في ينبع الصناعية، وميناء جدة، ولاحقا ميناء جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، مع شرق قارة إفريقيا، في نقلة وصفتها غرفة الطاقة الإفريقية بالإستراتيجية إذ يربط الخط الملاحي بلاد أمن الطاقة العالمي، المملكة العربية السعودية مع دول شرق إفريقيا الوجهة الأقوى انفتاحا ونفاذاً لأهم أسواق العالم لأوروبا الغربية والأميركيتين الشمالية والجنوبية، وهو ما يعني زيادة الربط بين الموانئ السعودية والولايات المتحدة والبحر المتوسط والموانئ الرئيسة في أوروبا وكينيا والصومال. وقالت غرفة الطاقة الإفريقية، إن هدف إفريقيا هو رؤية إطلاق العنان لقطاع خاص ديناميكي عالمي سريع للإمكانيات الاستثنائية للقارة، وذلك بعد ما يقرب من قرن من التنقيب عن النفط وإنتاجه ولم تقترب من استنفاد موارد هذا الحد الأقصى من الهيدروكربونات المتبقية، وأضافت "أن الفرصة واسعة حيث تمتلك إفريقيا نحو 7 في المئة من احتياطي النفط الخام والغاز الطبيعي في العالم في وقت يشهد العالم تحولا كبيرا في صناعة الطاقة العالمية، حيث تصدر الولايات المتحدة ثورتها الصخرية، فيما تعطل النزاعات التجارية سلاسل التوريد العالمية الراسخة"، ولفتت إلى إن التحدي التكنولوجي والاقتصادي المتمثل في تأمين مستقبل منخفض الكربون مستمر، فيما تشهد إفريقيا ضرورة متزايدة لضمان أن الموارد الطبيعية تحقق التنمية التحويلية للبلدان المضيفة والمجتمعات المحلية.
مشاركة :