صنعاء: «الشرق الأوسط» اتخذ الحوار الوطني في اليمن مسارا جديدا بعد المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، لحل الخلافات المستمرة داخل المؤتمر بشأن عدد أقاليم الدولة الاتحادية وحل مشكلة الجنوب أو ما تعرف بالقضية الجنوبية، وقد أحال الرئيس اليمني المقترح إلى لجنة خاصة لدراسته وتقديم تقرير بشأنه اليوم. ويقوم المقترح الذي تقدم به بنعمر إلى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني (لجنة 8+8) على أساس قيام دولة اتحادية ديمقراطية، دولة الحق والقانون، وتشكيل هيئة مستقلة لدراسة خيارات تقسيم الدولة الاتحادية إلى أقاليم بعد عدم التوصل في الفريق إلى اتفاق نهائي، حيث يصر الجنوبيون وبعض القوى الأخرى على تقسيم البلاد إلى إقليمين، شمال وجنوبي، في حين يصر الشماليون وقوى أخرى، أيضا، على تقسيم البلاد إلى خمسة أو ستة أقاليم، ويؤكد المقترح، الذي يفترض بالفريق المصغر للقضية الجنوبية تبنيه وإعلانه، على التزام كل الأطراف والمكونات السياسية اليمنية بـ«حل القضية الجنوبية حلا عادلا في إطار دولة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وذلك عبر وضع هيكل وعقد اجتماعي جديدين يرسيان وحدة الدولة الاتحادية الجديدة وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها»، كما يؤكد المقترح أن الدولة الاتحادية الجديدة سوف تمثل «قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكم في الثروة»، مع «اعتراف كامل بالأخطاء المؤلمة والمظالم التي ارتكبت في الجنوب». ويتطرق مشروع المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر إلى جملة من القضايا التفصيلية المتعلقة بالدولة الاتحادية وإنشاء الولايات والأقاليم وتقسيم السلطة والثروة وينص على أنه بعد أول دورة انتخابية في ضوء الدستور الجديد الذي سيصاغ لاحقا، يكون من حق الجنوبيين المشاركة في السلطة والثروة مناصفة مع الشماليين وإعطاء الجنوبيين الأولوية في التوظيف والتأهيل والتدريب، وإلى ما سمي «جبر الضرر»، وإعطاء الأولوية للجنوبيين في التعويضات عما لحق بهم خلال العقدين الماضيين، إضافة إلى أن المقترح يغوص في شرح مفصل بشأن الأقاليم وصلاحياتها وصلاحيات الولايات والمركز الاتحادي، ويشدد على ضرورة عدم فرض التقسيم من الأعلى وترك الموضوع للتصويت من قبل أبناء المناطق التي ستقام فيها الأقاليم عبر ممثليهم في المجالس المنتخبة، حيث ينص على أن يجري تشكيل الأقاليم «بطريقة تضمن توزيعا للصلاحيات (السلطات) والمسؤوليات (المهام) بين الدولة الاتحادية الجديدة وأقاليمها استنادا إلى الدستور، تحقق الانتقال إلى دولة اتحادية بشكل منظم وضمن فترة زمنية قصيرة من دون تكاليف غير مبررة وإرباك اقتصاد البلاد واستقرارها وأمنها، تتجنب فرض أقاليم بطريقة فوقية، عبر احترام إرادة المجتمعات المحلية في اختيار الموافقة على توصيات حول احتمال تضمينهم في إقليم جديد أو رفض ذلك». من جانبه، أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح عدم موافقته على مقترح المبعوث الأممي، في الوقت الذي شكل فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي لجنة من عدد من القيادات السياسية في مؤتمر الحوار الوطني لدراسة المقترح وتقديم تقرير بشأنه في غضون أربع وعشرين ساعة. وفي السياق ذاته، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مطلعة بأن اجتماعا حاسما سيعقد اليوم (الاثنين) في مؤتمر الحوار يتعلق بتسوية موضوع الأقاليم، وتوقعت هذه المصادر أن يجري التصويت على موضوع عدد الأقاليم وترك التفاصيل للجنة مختصة، وأكدت هذه المصادر أن هناك اتصالات تجري على مستوى عال لحسم موضوع الأقاليم وترك المسائل الفنية للجان المختصة، في ظل الأنباء عن التوجه لاختتام مؤتمر الحوار الوطني الشامل نهاية الأسبوع الحالي. وتأتي هذه المعلومات في وقت رأس فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل، اجتماعا استثنائيا لهيئة رئاسة مؤتمر الحوار والفريق المصغر للقضية الجنوبية، وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع تطرق إلى ما جرى التوصل إليه من اتفاق بشأن جملة من القضايا التي جرى التصويت عليها والتي رفعت إلى لجنة التوفيق والأخرى التي رفعت إلى الرئاسة بعد الاختلاف بشأنها، ومحاولة الخروج بقرارات حاسمة واختتام مؤتمر الحوار الوطني والانتقال إلى المرحلة اللاحقة وهي تشكيل لجنة خاصة بصياغة مشروع الدستور وتشكيل مؤسسات الدولة التي تتطلبها المرحلة المقبلة.
مشاركة :