غزة / نور أبو عيشة / الأناضول داخل ورشتها الواقعة في منزلها بمدينة غزة، تقطع الشابة رزان البورنو باستخدام منشار كهربائي قطعة من الخشب لاستخدامها في صناعة صندوق جديد طلبه أحد زبائنها. وبآلة حادة ومطرقة تنحت الشابة الفلسطينية (23 عاما) القطعة الخشبية لتشكيل رسومات وزخارف هندسية ونباتية تعطي مظهرا جماليا للصندوق. تحاول البورنو بتركيز شديد وقدرة على العمل تحت الضغط، إنجاز أكبر عدد من المنتجات الخشبية خاصة المرتبطة بشهر رمضان المرتقب لإرضاء زبائنها. واتخذت بعض هذه المنتجات طابعا إسلاميا فحملت أشكال الأهلّة والنجوم وعبارات التهنئة بشهر رمضان. وبهذا العمل تتحدى البورنو عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني، حيث جرت العادة أن يحتكر الرجل مهنة النجارة لما تتطلبه من ظروف عمل صعبة وخطيرة أحيانا. لجأت البورنو، الحاصلة على شهادة جامعية في التكنولوجيا الحيوية، لخوض غمار المهنة بعد أن انقطعت آمالها بالحصول على وظيفة تناسب اختصاصها الجامعي. وتعبّر البورنو عن فخرها بانتمائها لهذه المهنة الشاقة والخطيرة حيث تعدّ من السيدات القلائل اللواتي خضن هذا المعترك في قطاع غزة. وتجد الشابة في يوم المرأة العالمي مناسبة مهمة لتذكير الفلسطينيات بضرورة السعي لتشكيل كيانهن الخاص وخلق فرص عملهن وعدم الاستسلام للواقع مهما كان. وتقول للأناضول: "من الجميل أن نبحث عن شغفنا ونصل إليه ونطوّر مواهبنا ونخلق دوافعنا الخاصة من أجل تحقيق ما نريده". ويحتفل العالم في الثامن من مارس/ آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، وفيه يتم الاحتفال عالميا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. إلا أن معظم الفلسطينيات يعشن واقعا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا صعبا جرّاء الحصار الإسرائيلي المستمر لأكثر من 16 عاما والانقسام السياسي الداخلي. ** تطوير المهارات وتقول البورنو، إنها قررت افتتاح مشروعها الخاص داخل منزلها، بعد أن عجزت عن الحصول على فرصة عمل في مجال تخصصها "التكنولوجيا الحيوية". وتضيف للأناضول، أن "فرص العمل في هذا المجال نادرة جدا في غزة حيث اصطدمت معظم صديقاتي بهذه الندرة بعد التخرج". لذا وجدت في ريادة الأعمال ضالتها وطوّرت مهاراتها واكتسبت خبرات جديدة خاصة في إطار فن النحت والنقش على الخشب الذي يعتمد بشكل كبير على النجارة. بدأت البورنو طريق ريادة الأعمال منذ عام 2019 حينما افتتحت مشروعا خاصا بها مرتبط بصناعة الأشكال الجمالية والتحف الفنية باستخدام الخيطان والمسامير. وتستكمل قائلة: "أهتم كثيرا بالفنون ولدى القدرة على الإبداع في هذا الجانب الذي أطوره بشكل شخصي". وعكفت البورنو على تطوير هذه الهواية، حيث التحقت في سبتمبر/ أيلول 2020 بدورة تدريبية لتعلم فن الحفر والنقش على الخشب لمدة 6 شهور. هذه الدورة وضعت البورنو على أولى عتبات مشروع النجارة وشكلّت لديها حافزا لتحويل هوايتها إلى مشروع ومصدر دخل. وحصلت الشابة في يونيو/ حزيران 2022 على دعم من جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) لافتتاح مشروعها المختص بإنتاج المشغولات الخشبية الفنية. وتقول إن مشروعها "من المشاريع الصديقة للبيئة حيث يعتمد في أغلب عمله على إعادة تدوير الأخشاب الزائدة من المناجر المنتشرة في القطاع، بدلا من حرقها وتلويث الهواء بانبعاثاتها الضارة". ** الصعوبات والتحديات وخلال رحلة عملها في إنتاج المشغولات الخشبية المختلفة "سواء المرتبطة بديكورات المنازل الداخلية أو الهدايا الشخصية"، واجهت البورنو جملةً من التحديات. أولى هذه التحديات مرتبطة بالعمل تحت الضغط حيث تعتمد البورنو على نفسها تماما في كافة متطلبات العمل بدءا من الحصول على القطع الخشبية وصولا إلى التسويق. وتضيف: "في المناسبات أيضا أصل الليل بالنهار من أجل إنتاج عدد من المشغولات يتناسب مع حجم الطلب المتوقع". وتواكب البورنو الحداثة في صناعتها قطعها الخشبية حيث تدمج بعض المواد التي يتم استخدامها في الديكورات المنزلية لإضفاء لمسات جمالية على مشغولاتها. ويرتبط التحدي الثاني بانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ما يؤثر على إنتاجها أحيانا، فتضطر لانتظار موعد وصل الكهرباء لإنتاج المطلوب منها والعمل تحت ضغط الوقت. وأما التحدي الثالث فكان مواجهتها للانتقادات التي كانت تصلها بسبب التحاقها بمهنة النجارة حيث حولتها إلى دافع إيجابي لاستكمال مشروعها والتطور فيه. وتابعت: "أنا كفتاة أعمل في مهنة النجارة ولدي موهبة في الفن كان حافزا لدي لأتميز خاصة في النحت والنقش على الخشب، ودفعني لإنتاج مشغولات نجحت في إظهار موهبتي وشخصيتي فيها وحولتها إلى مصدر دخل ومشروع". وتصف البورنو هذه المهنة بالخطيرة كونها تضطر للتعامل مع الأدوات الحادة بشكل مباشر، إلا أنها وخلال العمل تأخذ حذرها وترتدي الملابس الواقية لضمان عدم تعرضها لأي ضرر. ** المرأة في أرقام قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (رسمي) في بيان نشره الثلاثاء، إن المرأة تمثّل نصف المجتمع الفلسطيني حيث بلغت نسبة الإناث فيه لنحو 49 بالمئة. وأضافت رئيسة الإحصاء الفلسطيني علا عوض، إن مشاركة النساء في القوى العاملة ارتفعت من 17 بالمئة لعام 2021 إلى 19 بالمئة لعام 2022. فيما بلغت نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 71 بالمئة لعام 2021 و69 بالمئة لعام 2022، وفق البيان. في المقابل، فإن معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة وصل لنحو 40 بالمئة مقابل 20 بالمئة بين الرجال لعام 2022، بحسب عوض. وذكرت أن معدل البطالة بين الشباب (19-29 سنة) من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى وصل إلى 48 بالمئة، بواقع 61 بالمئة للإناث مقابل 34 بالمئة للذكور. وبيّنت أن 40 بالمئة من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر والبالغ (1880 شيقلاً)، حيث بلغت النسبة نحو 38 بالمئة للرجال، مقابل 50 بالمئة للنساء. وأشارت إلى أن حوالي 40 بالمئة من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص من النساء يعملن دون عقد عمل، و44 بالمئة يحصلن على مساهمة في تمويل التقاعد (مكافأة نهاية الخدمة). بالمقابل، فإن نحو 46 بالمئة من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر وذلك لعام 2022. وتقول عوض نقلا عن بيانات ديوان الموظفين العام حتى فبراير/ شباط الماضي، فإن نسبة مساهمة النساء في القطاع المدني بلغت حوالي 48 بالمئة من مجموع الموظفين، حيث تبرز الفجوة في نسبة الحاصلات على درجة مدير عام فأعلى التي بلغت 14بالمئة للنساء مقابل 86 بالمئة للرجال. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :