12 دولة توقع على اتفاقية إنشاء أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم

  • 2/5/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وقَّعت 12 دولة أمس رسميا اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ" في نيوزيلندا والتي تسمح بإقامة أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم، في الوقت الذي ترى فيها واشنطن وسيلة لوضع قواعد التجارة الدولية والتصدي للقوة الصاعدة للصين. وبحسب "الفرنسية"، فإن إبرام هذه الاتفاقية جاء بعد خمس سنوات من المفاوضات الشاقة، حيث تستهدف إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار في دول أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان والمكسيك وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام. وتشكل هذه الدول نحو 40 في المائة من الاقتصاد العالمي، لكن الاتفاقية لا تشمل الصين ثاني اقتصاد في العالم، التي استبعدت من المفاوضات، حيث تريد كل من الولايات المتحدة والصين إقناع تلك الدول برؤيتها الخاصة للتبادل الحر في هذه المنطقة التي تضم عددا كبيرا من السكان والنشيطة اقتصاديا. وفي بيان نشر في واشنطن، أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاتفاق الذي يعزز موقع الاقتصاد الأمريكي مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى، مشيرا إلى أن الاتفاقية تسمح للولايات المتحدة - وليس للصين - بوضع خريطة طريق القرن الـ 21، وهذا أمر مهم في منطقة تتسم بالحيوية مثل منطقة آسيا المحيط الهادئ. وأضاف أوباما أنه اتفاق تجاري من نوع جديد يمنح العالمين الأمريكيين الأولوية، مؤكدا أنه بكل بساطة سيعزز قيادتنا في الخارج وستدعم الوظائف هنا في الولايات المتحدة. ومثل الرئيس الأمريكي، عبَّر شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني الحليف القريب من واشنطن، عن ارتياحه للاتفاقية التي تحدد قواعد اللعبة في المبادلات الدولية، وقال إن اليابان لعبت دورا فعالا من أجل إيجاد قواعد عبر قيامها بدور أساسي في المفاوضات مع الولايات المتحدة. من جهتها، تعمل بكين على إقامة منطقة للتبادل الحر بين آسيا والمحيط الهادئ، كما أطلقت البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية من أجل تمويل مشاريع في آسيا. وعلى الرغم من نفي بكين هذه الفكرة، إلا أن هذا المصرف يشكل هيئة تحقق توازنا مع سيطرة واشنطن على البنك الدولي، وطوكيو على البنك الآسيوي للتنمية، وإن كانت الهيئات المالية الثلاث تؤكد رغبتها في التعاون فيما بينها. وأشار مسؤول في وزارة التجارة الصينية إلى أن بلاده ستواصل المشاركة بفاعلية في اتفاقات للتبادل الحر تتسم بشفافية كبيرة وانفتاح وشمول، موضحا أن بكين تجري تقييما لاتفاقية الشراكة في المحيط الهادئ، معبرا عن أمله في أن تساهم مختلف الاتفاقات المطبقة في تنمية التجارة والاستثمار والاقتصاد في منطقة آسيا - المحيط الهادئ. من جانبه، ذكر مايكل فرومان الممثل الأمريكي للتجارة في حفل توقيع الاتفاق بحضور ممثلي الدول الـ 12 في أوكلاند، أن الاتفاقية الجديدة ليست موجهة ضد أي بلد، مضيفا أنه من المهم وجود علاقة بناءة مع الصين. ولم تنته بعد مسيرة العقبات في طريق الاتفاقية إذ أن برلمان كل بلد يجب أن يصادق على الاتفاقية خلال مهلة سنتين، حيث تواجه معارضة متزايدة في الكونجرس الأمريكي خصوصا في خضم الحمى السياسية المتصاعدة بسبب حملة الانتخابات الرئاسية. وحض أوباما الكونجرس على المصادقة على الاتفاقية في أسرع وقت ممكن ليتمكن الاقتصاد الأمريكي من الاستفادة فورا من عشرات المليارات من الدولارات إلى جانب فرص كبيرة للتصدير. ويأمل مسؤولو التجارة في إدارة أوباما إقناع الكونجرس بالاتفاقية، وأشار فرومان إلى أن قوة دفع تمرير الاتفاقية تتنامى، في ظل تأييد منظمات الأعمال والمزارعين لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ. في المقابل، تعتزم قيادات في الكونجرس تعليق التصويت على الاتفاقية حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال فرومان إن إدارة البيت الأبيض ستعمل مع الكونجرس لتحديد أكثر الطرق يسرا لكنه رفض تحديد تاريخ للتصويت على الاتفاقية، لأنه بمجرد رفع الاتفاقية رسميا إلى الكونجرس، سيبدأ العد التنازلي أمام النواب للتصويت عليها، مضيفا أن المضي قدما أصبح حتميا، مشيرا إلى التكلفة العالية لتأخير التحرك. من جهتها، تريد كندا المجاورة التي تغيرت الحكومة فيها مناقشة الاتفاقية قبل بدء إجراءات المصادقة البرلمانية عليها، أما جون كي رئيس الوزراء النيوزيلندي فقد ذكر خلال توقيع الاتفاق أن بلاده تشجع كل الدول على إنجاز عملية المصادقة في أسرع وقت ممكن معتبرا أن توقيع تلك الاتفاقية يوم مهم ليس لنيوزيلندا وحدها بل للدول الأخرى المستفيدة منها. وأضاف جون كي أن الاتفاق سيسمح بتأمين وصول أفضل للسلع والخدمات لأكثر من 800 مليون شخص في دول الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تمثل 36 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي. ويهدف الاتفاق الواسع إلى تحديد قواعد التجارة والاستثمارات الدولية في القرن الـ 21 ويعول على دفع الصين إلى تكييف قواعدها الخاصة في مجال التجارة والاستثمار والقانون التجاري مع تلك البنود التي تنص عليها الاتفاقية. وتنص الاتفاقية على تخفيض أو إلغاء معظم الرسوم الضريبية على كل المنتجات، من لحوم البقر ومنتجات الألبان، والسكر والأرز والمزروعات والمأكولات البحرية، وصولا إلى المنتجات المصنعة والموارد والطاقة، وتشمل أيضا قطاعات مثل تبادل المعلومات والملكية الفكرية التي لم تكن تشملها الاتفاقات السابقة المتعددة الأطراف. ويؤكد المروجون للاتفاقية أنها ستسمح بتحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة بينما ترى منظمات غير حكومية أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى خلل في الأرباح لمصلحة الشركات المتعددة الأطراف. وتنتقد أصوات عدة آثار الاتفاق التي تضر بحقوق العمال والبيئة والسيادة وحتى الحصول على الأدوية. وفي أوكلاند أغلق المتظاهرون الطرق للاحتجاج على توقيع الاتفاق الذي سيؤدي برأيهم إلى إلغاء وظائف. ويقول معارضو الاتفاق إنه يقوض السيادة المحلية ويبدون قلقهم من أن بنود تسوية النزاعات للدولة المستثمرة في هذا الاتفاق يمكن أن تسمح للشركات بمقاضاة الحكومات إذا أقرت تشريعا يمكن أن يضر بآفاق الاستثمار.

مشاركة :