هل اقترب سيناريو توجيه ضربة عسكرية ضد إيران؟

  • 3/9/2023
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬كان‭ ‬تضخيم‭ ‬الخطر‭ ‬الايراني‭ ‬هو‭ ‬صناعة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬بامتياز،‭ ‬وسيناريو‭ ‬التهديد‭ ‬بضرب‭ ‬إيران‭ ‬حاضر‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬خطابات‭ ‬نتنياهو‭ ‬المكرّرة‭ ‬أثناء‭ ‬فترات‭ ‬حكمه‭. ‬ومع‭ ‬انعدام‭ ‬فرص‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬طيّ‭ ‬النسيان،‭ ‬اجتمعت‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬تجعل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬قابلاً‭ ‬للحدوث‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭:‬ ‭- ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬المتلاحقة‭ ‬حول‭ ‬عثور‭ ‬مفتشي‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬جزيئات‭ ‬من‭ ‬اليوارنيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بنسبة‭ ‬84%‭ ‬وهي‭ ‬درجة‭ ‬قريبة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬التخصيب‭ ‬اللازم‭ ‬لصنع‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ (‬حسب‭ ‬الخبراء‭ ‬باقي‭ ‬6%‭ ‬لتستطيع‭ ‬إيران‭ ‬إنتاج‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭)! ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬سبقت‭ ‬وصول‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لوكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬‮«‬رفائيل‭ ‬جروسي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬للقاء‭ ‬مسؤولين‭ ‬إيرانيين‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭. ‬بالمناسبة‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬جروسي‮»‬‭ ‬تم‭ ‬الترتيب‭ ‬لها‭ ‬مسبقا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الطرف‭ ‬الإيراني‭ ‬أوائل‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭. ‬الصدفة‭ ‬العجيبة‭ ‬أنَ‭ ‬ادّعاءات‭ ‬اكتشاف‭ ‬هذه‭ ‬الجزيئات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مفتشي‭ ‬الوكالة‭ ‬الذرية‭ ‬جاء‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬جروسي‭ !‬ ‭-‬حملة‭ ‬منسّقة‭ ‬ومتصاعدة‭ ‬الحدّة‭ ‬تشنّها‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتدعمها‭ ‬أمريكا‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬مسؤوليها‭. ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أعلن‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬أنّ‭ ‬عملاً‭ ‬عسكرياً‭ ‬ذا‭ ‬مصداقية‭ ‬هو‭ ‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬الدول‭ ‬المارقة‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‮»‬‭.. ‬كما‭ ‬أفاد‭ ‬مسؤول‭ ‬كبير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬الموساد‭ ‬بأنّ‭ ‬إسرائيل‭ ‬أمام‭ ‬مرحلة‭ ‬مصيرية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الملف‭ ‬الإيراني‭.‬ ‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬نيد‭ ‬برايس‮»‬‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لا‭ ‬تمانع‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬تحركات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬عسكرية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭.. ‬ينبغي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.. ‬ونحن‭ ‬نساندهم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أنطوني‭ ‬بلينكن‭ ‬لم‭ ‬ينف‭ ‬أو‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬تصريحات‭ ‬سفيره‭ ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬دعمها‭. ‬ إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التصريح‭ ‬اللافت‭ ‬لمساعد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬كولين‭ ‬كال‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬إيران‭ ‬إنتاج‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬12‭ ‬يوما‭!! ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كال‮»‬‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬كوسيلة‭ ‬للجم‭ ‬المساعي‭ ‬الإيرانية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تقنية‭ ‬صنع‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬،‭ ‬ولذا‭ ‬فهو‭ ‬أعقب‭ ‬كلامه‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بأن‭ ‬بإمكان‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والعودة‭ ‬الى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭.‬ ‭ ‬لكن‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬الشقّ‭ ‬الأول‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬كال‭! ‬هذ‭ ‬التصريحات‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬أعقاب‭ ‬إعلان‭ ‬مساعي‭ ‬إيرانية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الروسية‭ ‬المتطورة‭ (‬اس‭ ‬400‭)‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عامين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لبدء‭ ‬تشغيلها‭.‬ ‭- ‬حركة‭ ‬أمنية‭ ‬واستخباراتية‭ ‬نوعية‭ ‬ومكّوكية‭ ‬بين‭ ‬مسؤولين‭ ‬أمريكان‭ ‬وإسرائيليين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوى،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬زيارة‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬لرئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬الأمريكية‭ ‬المشتركة‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬ميلي‮»‬‭ ‬للقاء‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تعقبها‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬زيارة‭ ‬لوفد‭ ‬أمني‭ ‬إسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن،‭ ‬ثم‭ ‬زيارة‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬وأمريكية‭ ‬نشطة‭ ‬للبلدان‭ ‬المحيطة‭ ‬بالدولة‭ ‬الإيرانية‭.‬ أرست‭ ‬إسرائيل‭ ‬أقرب‭ ‬نقطة‭ ‬رسمية‭ ‬لها‭ ‬تبعد‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬12‭ ‬ميلا‭ ‬فقط‭ ‬بافتتاحها‭ ‬سفارة‭ ‬دائمة‭ (‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬المقر‭ ‬المؤقت‭) ‬في‭ ‬تركمانستان‭ ‬ذات‭ ‬الحدود‭ ‬الطويلة‭ ‬مع‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإيرانية‭.‬ ‭- ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬أجرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬أكبر‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البلدين‭. ‬وهناك‭ ‬معلومات‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬البنتاجون‭ ‬لخطة‭ ‬طوارئ‭ ‬محتملة‭ ‬للحرب‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬الحارس‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬2018‭ ‬و2019‭ ‬ولم‭ ‬يجب‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬تمويل‭ ‬الخطة‭ ‬مستمراً‭.‬ كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬السابقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬أمريكية‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬إيران‭. ‬لكن‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الخبرة‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬تعاطي‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬الإيرانية‭ ‬ومدى‭ ‬استعداد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحمل‭ ‬تبعات‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬لإيران،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬المراوغة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬لأنها‭ ‬بالفعل‭ ‬بدأتها‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭. ‬فإيران‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬واسعة‭ ‬واقتصاد‭ ‬مهترئ‭ ‬تشهد‭ ‬اختراقات‭ ‬أمنية‭ ‬مريبة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬وتتعرض‭ ‬لضربات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬متتالية‭ ‬منتقاة‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬وهجمات‭ ‬سيبرانية‭ ‬لنقاط‭ ‬حساسة‭ ‬ومصانع‭ ‬ذخيرة‭ ‬ومجمعات‭ ‬عسكرية‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭. ‬ فقد‭ ‬تم‭ ‬استهداف‭ ‬أحد‭ ‬مصانع‭ ‬الذخيرة‭ ‬بإيران‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬سبقها‭ ‬هجوم‭ ‬مماثل‭ ‬ضد‭ ‬مجمع‭ ‬عسكري‭ ‬ومحطة‭ ‬للكهرباء‭ ‬ومنشأة‭ ‬لصنع‭ ‬الصواريخ‭ ‬ومركز‭ ‬طبي‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬أعوام‭ ‬2020،‭ ‬و2021‭ ‬و2022‭. ‬ إن‭ ‬اسرائيل‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬التهديد‭ ‬بإعلان‭ ‬حرب‭ ‬لأنه‭ ‬أقل‭ ‬كلفة‭ ‬وأخف‭ ‬ضرراً،‭ ‬فبالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬ما‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جعجعة‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬المعلنة‭ ‬واستفزاز‭ ‬الكبرياء‭ ‬الإيراني‭ ‬وإعادة‭ ‬التفاف‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬حول‭ ‬حكومته‭ ‬ونظامه‭ ‬وربما‭ ‬تعرض‭ ‬الطيارون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬للأسر‭ ‬مادامت‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬والاغتيالات‭ ‬والاختراقات‭ ‬الأمنية‭ ‬تفي‭ ‬بالغرض؟ { كاتبة‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬

مشاركة :