يحكى أن كل كتاب لم يقرأ هو مغامرة مجهولة وصديق محتمل، وفي معرض الشرقية للكتاب ملايين الأصدقاء والمغامرات، الذين سيبقون في كل زمان "خير جليس". لطالما نادى مثقفو وأدباء وقراء المنطقة الشرقية بمعرض للكتاب، وبعد تأسيس هيئة الأدب والنشر والترجمة تحقق الحلم، ونظمت معرضا متكاملا، ضم آخر الإصدارات وعناوين الكتب من 500 ناشر محلي وعربي ودولي، في أكثر من 350 جناحا، وذلك ضمن مهرجان الكتاب والقراء في نسخته الأولى، الذي تنقل "الاقتصادية" أصداءه. الطفل المثقف تحت شعار "معرض - ثقافة - حضارة - فن"، يقام معرض الشرقية في مركز معارض الظهران للمؤتمرات والفعاليات (إكسبو)، يسدل الستار على نسخته الأولى السبت المقبل، ويرافقه برنامج ثقافي ثري يقدمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) باعتباره الشريك الثقافي للمعرض، متضمنا ما يزيد على 120 فعالية متنوعة، تشمل الندوات والجلسات الحوارية، ورش العمل، الأمسيات الشعرية، وحفلة غنائية للقصائد المغناة، تحييها الأوركسترا الوطنية السعودية في آخر أيام المعرض. الدكتور محمد علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة أكد أن معرض الشرقية يشكل نافذة ثقافية تجمع صناع الأدب والنشر والترجمة من مختلف دول العالم، ليقدموا لجمهور الثقافة والمعرفة والمهتمين، أحدث المؤلفات والإصدارات الأدبية والمعرفية والعلمية، ويمنحهم فرصة لقاء الكتاب والأدباء في مكان واحد، مضيفا "المعرض يمثل امتدادا لرؤية السعودية 2030، والاستراتيجية الوطنية للثقافة التي ركزت على الثقافة، لكونها ركيزة أساسية لتحسين جودة الحياة، وإثراء المستوى الثقافي والفكري". وأشار الدكتور علوان لـ"الاقتصادية" إلى أن المعرض في حضوره الأول للمنطقة الشرقية شهد عقد مؤتمر علمي لأدب الطفل، لتعزيز ثقافة القراءة الجيدة لدى الطفل، وإبراز أهمية هذا الأدب في تنشئة الجيل الجديد وتنمية وعيه، إضافة إلى ترسيخ مفهوم "الطفل المثقف"، والارتقاء به إلى فضاءات المعرفة الرحبة. وتطرق إلى مبادرة "معارض الكتاب" الاستراتيجية التي تسعى من خلالها هيئة الأدب والنشر والترجمة إلى التوسع في إقامة معارض الكتاب في مختلف مدن المملكة، بهدف تمكين صناعة الكتب والنشر وتشجيع التبادل الثقافي، كاشفا أن معرض الشرقية للكتاب هو المحطة الأولى للمبادرة لـ2023، على أن تعقبه معارض كتاب أخرى في الرياض وجدة ومدن أخرى، حيث كشفت مصادر لـ"الاقتصادية" أن المعرض المقبل سيكون في رحاب المدينة المنورة، وتتكشف تفاصيله خلال الأيام المقبلة. مجلات الأطفال بين الازدهار والاندثارمن أهم الموضوعات التي ناقشها المعرض "مجلات الأطفال بين الازدهار والاندثار"، وفيها أشارت الإعلامية الإماراتية أسماء الشامسي إلى أنهم يبحثون عن حلول إبداعية لمواجهة التحديات التي تواجه مجلات الأطفال، وقالت "التحديات التي واجهتنا حاليا أغلبها يتمثل في التوجه إلى اللغة الإنجليزية، حيث يحرص الأهل على أن يتقن أبناؤهم الإنجليزية، وهذا لا يعد خطأ، لكنه يأتي على حساب لغتنا الأساسية وهي اللغة العربية"، منوهة بأن من التحديات كذلك توزيع المجلات في الدول العربية، وإيجاد أبواب في مجلات الأطفال يحاولون من خلالها جذب الكبار والصغار إليها. وأرجعت الإعلامية المصرية الدكتورة شهيرة خليل سبب تسمية معظم المجلات الموجودة حاليا على الساحة بأسماء أولاد ذكور، معتقدة أن ذلك يعود إلى الثقافة، وتطرقت إلى خبراتها وعملها في مجلة "سمير" أو مجلة "ميكي"، قائلة "ففي مجلة ميكي كانت الأغلفة تأتي جاهزة من والت ديزني، لوجود عقد مباشر بيننا، حيث نختار من العروض التي تصلنا"، مضيفة "في إحدى المرات اخترت غلافا عليه صورة ميمي فقط، وهو عنصر نسائي، فجاءت رئيستي في العمل وطلبت مني تغيير الغلاف فورا، فسألتها عن السبب، فقالت لي لأن عليه صورة بنت، وفي هذه الحالة الصبيان لن يشتروا المجلة، لكن العكس صحيح، وحاليا نحاول أن نكسر هذه القاعدة". من جانبه، اتفق مؤسس منتدى أدب الطفل ورئيس تحرير مجلة "باسم" سابقا الإعلامي فرج الظفيري مع الدكتور خليل في هذا الرأي، مبينا أن الأسماء الذكورية فعليا مقبولة لدى الجميع، بينما الأنثوية أو النسائية لا تحظى بالقبول لدى الأطفال الذكور، مستطردا "ولذلك في موضوع الأبواب التحريرية إذا كانت للبنات فالأطفال الذكور لا يقرؤونها بينما البنات يقرأن ما يقع تحت أيديهن"، وأكمل "هناك مجلات تحمل اسما أنثويا، لكنها تكون موجهة للبنات، مثل مجلة لونا". العرب يعيدون اكتشاف الفلسفة اليونانية"تأطير الفلسفة بالقيم" كان عنوانا عريضا لندوة حوارية، أشار فيها الدكتور عبدالسلام بن عبدالعالي إلى أن علم الفلسفة نشأ في مجتمع أخذ يفصل شؤون المدينة، حيث نشأ ما يسمى التفكير الأسطوري، ويربط بين شؤون المدينة وما يتجاوز الطبيعة، ويربط بين هذين العنصرين الطبيعي وما يفوق الطبيعة، وأهم صفة لهذا التفكير هو أنه يعطي أجوبة لأسئلة لم تكن. فيما شدد الباحث والمهتم بالتراث الإسلامي والفكر الحديث والفلسفة سليمان الناصر على أنه من أهم تعريفات الفلسفة الشهيرة أنها سؤال، وهذا يعني أن بنية الفلسفة بنية سؤالية، وهي روح الفلسفة، ورد الكاتب المغربي محمد آيت حنا، "العرب قديما عرفت الفلسفة عن طريق ترجمة الفلسفة اليونانية، واليوم يعيدون اكتشافها"، متسائلا، "هل هناك قيم في الفلسفة حتى نقول إنها قيم مخالفة لقيمنا؟"، مجيبا عن سؤاله بقوله، "عندما نتصفح كتب الفلاسفة اليونانيين خاصة الفلسفة كما نشأت مع أرسطو وأفلاطون أو مع غيرهما أتصور أن القيم لها تصور مختلف عما نعتقده اليوم". الصحافي المتخصص كانت الصحافة الثقافية حاضرة في حديث صحافيين ثقافيين ومختصين، جمعهم معرض الشرقية للكتاب في جلسته الحوارية "ماذا تحتاج الصحافة الثقافية لتجديدها؟". وأكد فيها الشاعر والكاتب عبده وازن أن الصحافة الثقافية تفتقد الصحافي المتخصص "فهو مهم جدا للصحافة الثقافية، والتخصص من المعايير الدقيقة التي مع الأسف لا تجدها بكثرة في الصفحات الثقافية"، وتابع "الصحافة الثقافية بمنزلة الجسر بين المبدعين والقراء لكونها تلعب دورا أساسيا في كشف بعض الأسرار والخفايا، ومواجهة معضلات الحياة الثقافية". وزاد "في ظل مواجهة التحديات التي تعانيها الصحافة الثقافية يلجأ البعض منها إلى استقطاب أسماء مشهورة، والمراهنة عليها في جلب القراء، خاصة أنها تفتقر الآن إلى الكتاب النجوم، وفكرة النجومية في الصحافة الثقافية لم تعد موجودة"، داعيا إلى مقاومة صحافة الاستهلاك ومحاربتها، وعدم الاستعانة بمحرك البحث "جوجل"، لكون العمل فيها مع وجود المتخصص أحد أطواق النجاة للصحافة الثقافية. توقف عن الكتابة.. وعمل موجع الأعمال الروائية الشهيرة كانت لها جلسات خاصة، حظيت باهتمام الزوار، من الجلسة التي تحدثت فيها الروائية المصرية الدكتورة ميرال الطحاوي، وكشفت فيها عن توقفها مدة طويلة عن كتابة الرواية، مدة تصل إلى عشرة أعوام، بعد حصولها على جائزة نجيب محفوظ، ولا سيما بعد وصولها إلى القائمة القصيرة للجائزة. وأكدت في جلسة "أيام الشمس المشرقة" أن توقفها كان لأسباب متعلقة بالدراسة، فكل رواية هي محاولة، طبعا كان هناك إرهاب بالفشل بعد التوقف، إذ يشغل ذهنها سؤال ماذا ستكتب، ففي كل مرحلة هناك مخاوف. يعتقد نقاد أن هناك أعمالا تكتب من أجل الجوائز، لتجيب الطحاوي أن الجوائز كثيرة، ووجودها في الثقافة العربية جاء متأخرا، لكن في الثقافة العالمية كانت موجودة منذ الأزل، وأكدت بأن الشيء المفرح عن الجوائز مثل البوكر العالمية أنها أضافت أخيرا أدب العالم أي المترجم من اللغة الأم، فيما تتيح قوائم الجوائز فرصة التركيز على بعض الإبداعات، واكتشفنا مع هذه الجوائز أن هناك أدبا عربيا يكتب، أحيانا قد تعيق الجوائز الكاتب، لكنها في النهاية تثري الحياة الثقافية وتلفت الانتباه لأسماء جديدة ودماء جديدة، وهذا شيء مهم للغاية. أما رواية "أقفاص فارغة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ لـ2022، فرفضت كاتبتها الروائية الدكتورة فاطمة قنديل أن تؤكد بأن الرواية هي سيرتها الشخصية، بل وصفتها بأنها "لا تعدو كونها تحاكي إرهاصات يمر بها أبناء جيل الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الميلادية"، وأكدت خلال جلسة حوارية في معرض الشرقية للكتاب أنها لم تكن تتوقع الفوز بجوائز عن هذه الرواية، ولا سيما أنها ابتعدت عن المجاز للهروب من بعض الحقائق وقللت التأويل.
مشاركة :