اسرائيل تُرحّل مهاجرين أفارقة إلى «دولة ثالثة»

  • 2/5/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت اسرائيل ترحيل أكثر من 45 ألف لاجئ أفريقي معظمهم إرتيريون وسودانيون، إلى «بلد ثالث» قد يكون أوغندا أو رواندا عن طريق إقناعهم أنها ستكون «الملاذ» الأكثر أمناً واستقراراً، لكن في الحقيقة فإنها تسعى للتخلص منهم بوصمهم بـ«المتسللين» عن طريق إغرائهم بآلاف الدولارات، حسبما كشف تحقيق لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) التي توفرت لديها أدلة على أن الأمر بدأ باتفاق سري ربما قد يكون فيه «انتهاك» جديد ضمن مسلسل انتهاكاتها للقانون الدولي في عدد من القضايا. وكانت سلطات الهجرة الإسرائيلية قالت في تشرين الأول (أكتوبر) إن 3000 طالب لجوء غادروا البلاد إلى بلد ثالث «طواعية»، لكن التحقيق كشف أن سبعة مهاجرين أرتيريين سجلوا أسماءهم فعلياً مع «المفوضية العليا للاجئين» في رواندا، وأن ثمانية فقط معظمهم سودانيون موجودون في أوغندا التي نفت الأمر قائلة أنها تحقق في كيفية دخول الأشخاص الذين ادعوا أن إسرائيل أرسلتهم إليها، فيما لم تؤكد رواندا وجود مثل هذا الاتفاق. واعتبر التحقيق أن هذه السياسة تتضمن خرقاً لـ«اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين» الموقعة في العام 1954 وتنص في أحد بنودها على أنه «لا ينبغي إعادة أي شخص إلى البلد الذي جاء منه بالقوة». ولم تقبل اسرائيل منح اللجوء إلا بما نسبته واحداً في المئة فقط من طالبي اللجوء منذ وقعت على هذه الاتفاقية قبل 60 عاماً، ولم تمنح أي شخص سوداني حق اللجوء. تقول سيغال روزين العاملة في جماعة «الخط الساخن للاجئين والمهاجرين»، إن«عدم ضمان اسرائيل لأمن المهاجرين في كل من رواندا وأوغندا، يعني بطريقة غير مباشرة إجبارهم على المخاطرة بحياتهم في مكان آخر». ويُشاركها الرأي محامون معارضون لسياسة «البلد الثالث» نظراً لانتهاك القانون الدولي. في المقابل يقول الناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية إيمانويل ناشون إن «بلاده تلتزم القانون ولا تنتهك اتفاق اللجوء» المذكور سالفاً، واصفاً اللاجئين بـ«المتسللين» الذين «يهددون هوية وأمن اسرائيل باعتبارها دولة يهودية»، لذا يتم تفصيل طلبات لجوئهم ورفض معظمها على هذا الأساس. وذكر التحقيق أن اسرائيل تودع معظم المهاجرين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرينيات والثلاثينيات في مراكز اعتقال تسمى «مراكز الإقامة المفتوحة» التي تديرها مصلحة السجون الاسرائيلية، والتي تخضع إلى قوانين صارمة جدا من بينها حظر التجول ليلاً. وتغري الحكومة من يوافق منهم على ترك إسرائيل إلى بلد آخر طواعية بتسليمهم وثائق إقامة قانونية عند وصولهم، إضافة إلى منحهم 3500 دولار نقدا عند بوابة المغادرة في مطار «تل أبيب»، لكن التحقيق كشف أن شخصين من ضمن المُرحلين تُركا فوراً بعد هبوطهما من الطائرة وخطف المهربون أحدهما، فيما تُرك الاخر لإعالة نفسه من دون وثائق أو مال. يروي آدم البالغ من العمر 18 عاماً قصة لجوئه إلى اسرائيل حين هرب من دارفور بعدما أحرق متمردون منزله ضمن عمليات الإبادة الجماعية في العام 2011. وكان آدم أمضى آدم سنوات مراهقته في مخيم لاجئين تابع إلى الأمم المتحدة في منطقة آمنة من بلاده. ومع انحسار آفاق السلام وإنهاء الصراع في دارفور شق طريقه شمالاً عبر صمر وتحديداً شبه جزيرة سيناء ومنها إلى اسرائيل التي بدورها رفضت طلبه لجوئه، وعندما ذهب لتجديد تصريحه الموقت للسماح له بالبقاء فيها، استُدعي إلى أحد مراكز الاعتقال المفتوحة المعروف بمركز «حولوت» بالعبرية في عمق صحراء النقب جنوب اسرائيل، وهناك كان امامه ثلاث خيارات: أما العودة إلى اليودان، أو البقاء في اسرائيل من دون أوراق ثبوتية أو الرحيل إلى بلد ثالث. أما الأرتيري تسفاي فتم نقله «جوا إلى رواندا في آذار (مارس) 2015، ولم يحصل على أي وثائق وأصبح ضحية لمهربي البشر، وإن أوراق هويته وسفره صودرت منه في مطار (كيغالي) في رواندا»، حسبما قال. وروى مهاجر آخر قصة ترحيله بأنه تم حشره ضمن آخرين في حافلة صغيرة وطُلب من كل منهم دفع مبلغ 150 دولاراً أجرة الرحلة التي استغرقت 6 ساعات إلى أن وصلوا الحدود الأوغندية، ثم تُركوا لإكمال الرحلة سيراً على الأقدام، وهناك أدرك جون أن الرحلة تتم «تهريباً» إلى دولة أخرى وتم إلقاء القبض على عدد منهم بصفته «غير شرعي». وبحسب أرقام صادرة عن الأمم المتحدة وعن «مكتب السكان والهجرة الإسرائيلية» يوجد في إسرائيل حوالى 53 ألف لاجىء وطالب لجوء سياسي غير شرعي دخل اسرائيل عبر صحراء سيناء المصرية، غالبيتهم من إريتريا والسودان، وغالبية المهاجرين غير المعتقلين يقيمون في مناطق فقيرة جنوب تل أبيب حيث جرت في الأعوام الأخيرة تظاهرات عدة احتجاجا على وجودهم. وكانت اسرائيل رحلت في الـ 25 من آب (أغسطس) الماضي حوالى 750 مهاجراً من مركز «حولوت» فيما ينتظر 1178 مهاجرا آخرين الإفراج عنهم في الأيام المقبلة. قضية البحث عن بلد ثالث ليست جديدة ففي حزيران (يونيو) 2013 أعلن ممثل الحكومة الاسرائيلية أمام المحكمة العليا أنه تم التوصل إلى اتفاق مع بلد ثالث مستعد لاستقبال المهاجرين الأفارقة من دون الكشف عن اسم البلد.

مشاركة :