على وقع المعارك الضارية في حلب، تزداد حدة موقف أنقرة الرافض للتدخل الروسي في سوريا، الذي مالت كفته لصالح النظام السوري، مما أضعف المعارضة المسلحة ومن خلفها تركيا على أرض المعارك. ولم تكن عبارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو خلال مؤتمر المانحين في لندن: «عقلي ليس في لندن بل في الحدود السورية التركية»، إلا رسالة من عشرات الرسائل التي ترسلها أنقرة إلى المجتمع الدولي ضد التدخل الروسي الذي يلحق الضرر مباشرة بتركيا، كما تقول الحكومة، ويخلق عدة أزمات منها موجات اللجوء. ومن على الحدود السورية التركية وصف النائب في البرلمان التركي فوزي شانبيردي مؤتمر المانحين في لندن وغيره من المؤتمرات الدولية لدعم السوريين، بأنها مجرد كلام لا أفعال، مستشهدًا بعدم تطبيق أي من القرارات الدولية فيما يخص الأزمة السورية، لا من حيث الحل السياسي ولا من ناحية مشكلة اللاجئين. وقال شانبيردي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك نحو سبعين ألف سوري ينتظرون الدخول إلى تركيا بعد القصف الروسي العنيف وتقدم قوات النظام السوري في حلب، معربًا عن قلقه بخصوص كيفية تأمين المسكن والمأكل لهذا العدد الكبير من اللاجئين في وقت قصير، مشيرًا إلى أنه يحاول برفقة المسؤولين حل الأزمة في أسرع وقت. الخبير بالشأن التركي الدكتور سعيد الحاج، لم يستثنِ الأزمة الروسية التركية في سرده لأسباب ضراوة التدخل الروسي في حلب، مشيرًا إلى أن موسكو تحاول «تغريم أنقرة الثمن» بعد إسقاط الطائرة الروسية واندلاع الأزمة بين البلدين العام الماضي. وأكد الحاج أن تركيا مجبرة على فتح حدودها أمام هذا العدد الهائل من اللاجئين، خصوصًا أن عددًا كبيرًا منهم من أصول تركمانية. وشدد الحاج على ضرورة تجاوز ما وصفها بـ«الخطوط الأميركية الحمراء»، في دعم المعارضة السورية حتى تصمد أمام ضراوة الهجمة الروسية المتبوعة بقوات النظام السوري والفصائل الموالية له، مؤكدا أن سقوط حلب بالكامل بيد النظام السوري يعني تكبد أنقرة وحلفائها في سوريا، ما وصفها بـ«الخسارة الاستراتيجية»، فضلا عن فصل قوات المعارضة جغرافيا عن تركيا. الخبير السياسي المختص بالشأن التركي مصطفى إسماعيل، لم يستبعد في حديث لـ«الشرق الأوسط» تدخلا عسكريا تركيا في سوريا «ينثر أوراق اللعب من جديد، ويقطع الطريق على أكثر ما تخشاه أنقرة، وهو إعلان دولة كردية متاخمة لحدودها الجنوبية، ويصفع حلف موسكو الأسد في شمال سوريا ويخفف من ضغط أزمة اللجوء على الأقل في مناطق جنوب تركيا». وأشار مصطفى إلى أن بوادر هذا التدخل بدأت باستعداد أنقرة لتنظيف بعض المناطق القريبة من الحدود السورية من الألغام، مؤكدا أن اجتماعات أنقرة المكثفة مع حلفائها، لم تخل من إشارة إلى تدخل بري يميل بالكفة لصالح أنقرة وحلفائها وأبرزهم الرياض، بحسب تعبيره.
مشاركة :