وصف سفير فيتنام لدى البلاد لي توان ثانغ العلاقات بين بلاده والكويت بأنها فريدة، مشددا على أن فيتنام «سعيدة بمساعدة الكويت في أي أزمة أمن غذائي محتملة بالمستقبل». وفي حوار مع «الجريدة»، قال لي، الذي تعتبر الكويت أول مهمة رسمية له كسفير، «نحن والكويتيون نشترك في القيم الآسيوية نفسها»، واصفاً الشعب الكويتي بأنه منفتح جدا ومحب. وحضّ ثانغ الكويتيين على الاستثمار في بلاده، التي وصفها بأنها همزة وصل مع دول عدة، داعيا إياهم ألا ينظروا فقط إلى الغرب، بل يلتفتوا أيضا إلى أقصى الشرق، وأكد أن الاستثمار في بلاده «آمن جدا»، والسفارة مستعدة لتقديم كل مساعدة ممكنة لتسهيل أعمال أي مستثمر كويتي في بلاده، وفيما يلي نص الحوار: كيف تقيّم العلاقات بين بلدكم والكويت؟ - تأسست العلاقة بين فيتنام والكويت في يناير 1976، بعد حرب فيتنام مباشرة، والعلاقة بين البلدين فريدة تماما، والكويت هي الدولة الأولى في دول مجلس التعاون الخليجي التي اعترفت باستقلال فيتنام، كما أنها تمول الكثير من المشاريع لدعمنا، ونحن ممتنون جدا للحكومة الكويتية على الدعم الكامل للتنمية الاقتصادية في فيتنام، وفي الوقت الحاضر يتمتع البلدان بعلاقات تعاون ودية واقتصادية جيدة جدا في جميع المجالات لاسيما التجارة، وهناك زيارة مرتقبة لوفد فيتنامي للكويت الأسبوع المقبل، يلتقي خلالها مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار، لمناقشة سبل تعزيز التعاون وجذب المزيد من الاستثمارات الكويتية لفيتنام. • وماذا عن التعاون التجاري بين البلدين؟ - في العام الماضي، سجلت الدولتان أكثر من 5.5 مليارات دولار، الغالبية العظمى من هذا المبلغ من المنتجات النفطية والكيماوية التي تستوردها فيتنام بشكل رئيسي من الكويت، في حين صادرات فيتنام إلى سوق الكويت بـ500 مليون دولار، معظمها من الفاكهة، والتوابل، والقهوة، والمأكولات البحرية، وأواني السيراميك، كما أن معظم الربيان المجمد الذي نجده بالكويت يأتي غالبا من فيتنام، والشيء المهم هو أن الكويتيين يستوردون الكثير، لذلك من السهل التعامل معهم، لأن%90 من المنتج هنا مستورد. أضف إلى ذلك، أن التبادل بين الناس يعتبر أمرا مهما جدا حتى نتمكن من رعاية علاقتنا وتعزيزها، ومن خلال السياحة والتجارة، يمكننا تعميق هذه العلاقة، وأنا محظوظ جدا كون أول مهمة لي كسفير، كانت هنا في الكويت. سعداء بالمساعدة في أي أزمة تتعلق بالأمن الغذائي ولدينا إمكانات هائلة لإنتاج الغذاء ونحن والكويتيون نشترك في القيم الآسيوية نفسها، والشعب الكويتي منفتح جدا وودود جدا، وأكثر ما أحببته هنا هو الديوانية، لذا من الجيد التواصل مع الناس والتحدث إليهم، ومعظم الأشخاص الذين قابلتهم، أظهروا لي كم هم مهتمون بالاستثمار في فيتنام، ولهذا السبب أنا سعيد جدا، وأعتقد أن مهمتي هي بناء الجسر والتقريب بين البلدين من خلال التجارة والاستثمار والسياحة، وأشكر وسائل الإعلام المحلية التي تساعدني في السعي إلى تحقيق هذا الهدف. • لاحظنا في الآونة الأخيرة وجود كميات غير قليلة من المواد الغذائية الفيتنامية في الجمعيات... ما سر ذلك؟ - عندما وصلت إلى هنا منذ عامين، ذهبت إلى الجمعيات، ولم أجد الكثير من المنتجات الفيتنامية، فقمت بإجراء دراسة ميدانية على الأسواق، واليوم نجد الكثير من المنتجات الغذائية ذات الجودة العالية في الكويت. وإضافة إلى الطعام، زاد الطلب على الأرز الفيتنامي في الفترة الأخيرة، وهناك شركة في الكويت تستورد كل أسبوعين حاوية واحدة من أرز الياسمين، وأعتقد أن لدينا إمكانات هائلة لإنتاج الغذاء، وسنكون سعداء للمساعدة في أي أزمة مستقبلية تتعلق بالأمن الغذائي في الكويت... بمعنى آخر، يمكننا توفير كل ما يمكننا أن نأكله. • لماذا برأيك فيتنام لم تكن الخيار الرئيسي للشركات الغذائية الكويتية؟ - أعتقد أن أكبر عائق في رأيي هو البعد الجغرافي، فكوننا بعيدين كثيرا عن الكويت ولا توجد رحلات مباشرة بين البلدين، فإن هذين الأمرين يؤديان إلى رفع تكلفة نقل البضائع، ولكن الآن، ومع سهولة حركة النقل في البحر، لا توجد مشكلة، وآمل أنه عندما يزور الكويتيون فيتنام ويتذوقون طعامنا، سيكون لدينا سبب لتصدير المزيد من منتجاتنا إلى الكويت. • حدثنا عن استثمارات القطاع الخاص الكويتي في بلادك. - لست سعيداً بها كثيراً، لأنه لا يوجد لدينا سوى استثمار واحد من القطاع الخاص الكويتي في جنوب البلاد، ممثل في شركة «كيربي ستيل» للحديد، والذي يصنّع أجود أنواع الحديد بنحو 300 مليون دولار سنويا. وكما سبق أن ذكرت، فإنه بسبب الجغرافيا والتاريخ، فإن الكويت ودول مجلس التعاون دائما ما ينظرون إلى الغرب للاستثمار، لذلك آمل أن يتطلعوا إلى أقصى الشرق في المستقبل مع المزيد من المشاريع، وهذا هو السبب الذي من أجله أتى إلى الكويت، الأسبوع الماضي، 8 من أكبر الشركات الفيتنامية، وكانت لهم لقاءات مع غرفة التجارة والصناعة ومع هيئة الاستثمار الكويتية لاستكشاف فرص الاستثمار في فيتنام، التي تعتبر همزة وصل بين دول عدة كالصين واليابان كثيرا. لذلك، أكرر دعوتي للكويتيين بألا ينظروا فقط إلى الغرب، ولكن أيضا إلى أقصى الشرق ليس فقط فيتنام، ولكن اليابان والصين وكوريا وإندونيسيا، لاغتنام الفرصة، ولأن السكان هناك من الشباب، كما أن الاقتصاد آخذ في الازدهار، وهناك الكثير من الفرص للديناميكية وبجودة جيدة. • ما حوافز دعوة الكويتي لزيارة فيتنام، وهل هي آمنة؟ - إذا كان الكويتيون من محبي البحر، فلدينا شاطئ بطول 3000 كيلومتر، ولدينا منتجعات فاخرة جدا ولدينا الجبال، أما بالنسبة للعائلات والأطفال فلدينا رحلات السفاري الجميلة والحدائق المائية، كما تتمتع بلادنا بمواسم مختلفة، لذلك يمكن لمحبي السفر أن يزوروا فيتنام على مدار العام، والأهم من كل ذلك لدينا تاريخنا وحضارتنا. أما بالنسبة للأمان ففيتنام مكان آمن جدا، ونحن بلد ذو ثقافة متنوعة ومتسامح، ويتقبل الجميع الأديان والأعراق من دون أي تمييز، والفيتناميون يتمتعون بروح الضيافة ومنفتحون جدا على الآخرين، وفيما يتعلق بالطعام بات لدينا الآن الكثير من المطاعم الحلال. ولدينا نحو 100 ألف مسلم في فيتنام، كما توجد لدينا مساجد في جميع أنحاء البلاد، وعندما نستضيف مؤتمرات دولية فإننا على دراية بإعداد غرف الصلاة للرجال والنساء، كل على حدة، لذا أعتقد أن فيتنام ستكون وجهة جيدة للكويتيين. وبالنسبة للنفقات، فإن فيتنام أرخص نسبيا من دول أوروبا، وعندما تذهب إلى فيتنام ستتذوق طعام الشارع المحلي اللذيذ جدا والرخيص جدا، وقد زار العديد من الكويتيين فيتنام أخيرا، والتقيت بهم عند عودتهم وكانوا سعداء جدا من سفرهم. • هل الكويتي بحاجة إلى تأشيرة لدخول فيتنام، وكم يبلغ عدد التأشيرات التي تصدرونها شهريا؟ - نعم، الكويتي يحتاج إلى تأشيرة لدخول فيتنام، وبدءا من بداية العام حتى الآن لدينا كل شهر ما بين 20 و30 تأشيرة نصدرها للكويتيين الراغبين في السياحة وللذين أظهروا اهتماما بشراء البضائع من فيتنام وعقد اتفاقات تجارية مع شركات هناك، ويسعدنا في السفارة التدخل في حال وجود أي تأخير أو أي عوائق تواجه الكويتيين الراغبين في التجارة، مع العلم أن الاستثمار في فيتنام آمن جدا. وقوانيننا تسمح للكويتي بامتلاك شقة وسيارة، لذلك أجدد دعوتي لرجال الأعمال الكويتيين للاستثمار في فيتنام التي حققت العام الماضي استثمارات مباشرة بـ35 مليار دولار من جميع أنحاء العالم، وقبل ذلك بعام، أي في 2021، كان لدينا 20 مليارا، وفي عام 2020، كان لدينا ما يقرب من 20 مليارا، لذلك يمكنني أن أؤكد للكويتيين أنه بإمكانهم أن يثقوا بالاستثمار في بلدي. عودة المنح الدراسية رداً على سؤال عن التعليم والتبادل الثقافي، قال السفير الفيتنامي: «فيما يتعلق بالتعاون التربوي، أبرمت الدولتان اتفاقية تقضي بمنح الحكومة الكويتية كل عام منحة دراسية لتعلم اللغة العربية لعشرة طلاب من فيتنام، وذلك قبل جائحة كورونا، وهؤلاء الطلاب يعتبرون سفراء، لذلك عند عودتهم إلى فيتنام كانوا يتحدثون كثيرا عن الأمور الجيدة في الكويت، لكن هذه المنح متوقفة الآن، وآمل أن يتم استئنافها العام المقبل». وعن عدم وجود أي طالب كويتي يدرس في فيتنام، أضاف: «ليس لدينا في فيتنام الكثير من المدارس والجامعات التي تدرس باللغة الإنكليزية، ولهذا السبب لا يمكننا دعوة أي طالب للدراسة في فيتنام، ولكنني أتطلع إلى أن نتمكن من دعوة طلاب وأساتذة كويتيين لزيارة فيتنام، في محاولة لتوسيع مجال التعاون. دفء الكويتيين... وأفضل طبق عن الحنين إلى وطنه قال لي: «بالطبع أشعر بالحنين إلى الوطن أحيانا، لكن دفء الكويتيين يساعدني على تخطي هذا الشعور». وحول أفضل طبق كويتي، أضاف: «أحب مجبوس الدجاج ومجبوس اللحم، وسأفتقد هذا الطعام عندما أغادر الكويت».
مشاركة :