الأزمة المالية الخانقة تدفع الليبيين للهجرة هربا من الجوع

  • 3/10/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

طرابلس - عاشت ليبيا على امتداد 12 عاما كاملة، أزمات أمنية وسياسية واقتصادية صعبة، إلا أن أزمتها الأخيرة جعلت شباب البلاد يهربون نحو الخارج. هذا ما عبرت عنه دراسة أوروبية حديثة كشفت بالأرقام أعداد الليبيين طالبي اللجوء بالاتحاد الأوروبي. الدراسة نشرتها في الثاني والعشرين من فبراير الماضي “وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء”، المتخصصة في النظر في طلبات اللجوء لأوروبا. كشفت الدراسة أنه تمت الموافقة على 36 في المئة من إجمالي طلبات اللجوء التي تقدم بها ليبيون في 2022، والبالغة 2450 طلبا. في دولة نفطية تتأخر الرواتب لشهرين ، وحتى حينما تُصرف، لن يتمكن المواطن من الحصول عليها بسبب الأزمة المالية وأشارت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء إلى أنها أبقت 1433 ملفا معلقا لأسباب لم تذكرها. ووفق المنحى البياني للدراسة، فإن طلبات لجوء الليبيين لإحدى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، عادت إلى الارتفاع بعد انخفاضها إلى أدنى مستوى لها في 2020. وارتفع عدد طلبات لجوء الليبيين إلى 2450 في عام 2022، بعدما سجلت 2071 طلب لجوء في عام 2021. بينما كان 2020، أدنى عام تم فيه تسجيل طلبات لجوء الليبيين في دول الاتحاد الأوروبي، بواقع 1992 طلبا، منها 1812 لأول مرة. وتزامن عام 2020 مع انسحاب قوات خليفة حفتر، قائد قوات الشرق الليبي من ضواحي العاصمة طرابلس، بعد هجوم عنيف شنته عليها في 2019، ثم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الثالث والعشرين من أكتوبر 2020، ما جدد الآمال في عودة السلام إلى البلاد. الدراسة التي تمتد بين عامي 2014 و2022، سجلت ذروة طلبات لجوء الليبيين عام 2015، عندما وصلت إلى سقف 4 آلاف و990 طلبا، صعودا من 3 آلاف و393 طلبا في 2014. لكن طلبات اللجوء تراجعت بشكل حاد ما بين 2018 و2020، عندما تراجعت من 4 آلاف و660 طلبا إلى 1992 طلبا، على التوالي. إلا أنها عادت إلى الصعود في عامي 2021 و2022. “الوضع أصبح بالمقلوب”، بحسب الباحث الاجتماعي الليبي محمد السعيطي، الذي علق في حديث مع الأناضول، على ارتفاع هجرة شباب بلاده إلى الخارج. السعيطي قال “بعدما كانت ليبيا وجهة الشباب العربي والأفريقي كافة، والذين كانوا يطلبونها لعدة أسباب، منها دينارها القوي أمام العملات الأجنبية، وخيراتها الكثيرة، إضافة إلى كبر حجم سوق العمل فيها، أصبح اليوم عكس ذلك، حيث إن الليبيين هم من يهربون منها إلى الخارج”. وعن أسباب ذلك، أشار إلى “أننا في مارس، والليبيون لم يحصلوا بعد على رواتبهم لشهري يناير وفبراير”. واعتبر أن بالنظر إلى هذا المثال “سيكون فهم السبب أيسر”. رحلة البحث عن الأمان والهروب من الفقر مستمرة رحلة البحث عن الأمان والهروب من الفقر مستمرة وتابع “في دولة نفطية تتأخر الرواتب لشهرين كاملين، وحتى حينما تُصرف، لن يتمكن المواطن من الحصول عليها بسبب الأزمة المالية الخانقة، فالمصارف لا أموال لديها لتعطيها للمواطن”. ولفت السعيطي إلى أن قبل 12 عاما “كان النظام الليبي (بزعامة معمر القذافي) يحارب الرأسمالية، فكان المواطنون سواسية، لا غني ولا فقير، الجميع ينتمي إلى الطبقة المتوسطة”. وأضاف “البلاد لم تكن فيها طبقة البروليتاريا (الطبقة العمالية) إلا القليل، بفضل نظام شركاء لا أجراء، كما لم تكن هناك طبقة البرجوازية، وذلك بفضل نظام من أين لك هذا؟ الذي كان مطبقا آنذاك”. أما اليوم، بحسب السعيطي، فقد أصبحت البلاد “دولة رأسمالية، بمفهومها ومظهرها المخيف جدا”. كل ذلك “يجعل الليبيين يبحثون عن دول أخرى تشبع جوعهم”، في ظل الصراعات المستمرة على السلطة في البلاد، وفق الباحث الاجتماعي. وفي الوقت الذي يرى السعيطي أن سبب هجرة الليبيين الأول هو “البحث عن لقمة العيش”، تعتقد مواطنته نور عبدالسلام، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، أن البحث عن الأمان يأتي أولا. وقالت عبدالسلام في حديثها للأناضول إن “البحث عن الأمان هو ما يدفع الليبيين إلى مغادرة البلاد”. قبل 12 عاما كان النظام الليبي (بزعامة معمر القذافي) يحارب الرأسمالية فكان المواطنون سواسية لا غني ولا فقير الجميع ينتمي إلى الطبقة المتوسطة وتابعت “إذا ما نظرنا إلى وضع البلاد المزري، وعدد الشباب الذين قتلوا جراء الحروب، سواء بالمشاركة مع أحد الأطراف أو بسبب انفجار القذائف وتطاير الرصاص بشكل يومي، سنجد أن الأمن هو المفقود”. ولفتت الناشطة الحقوقية إلى أن “التعليم والصحة لا يزالان مجانيين.. أي أن الوضع المعيشي ليس كالموجود بباقي الدول الأفريقية”. واعتبرت وفق ذلك أن الجوع ليس سبب الهجرة “بل فقدان الليبيين للأمن والأمان”. وقالت “إذا فرضنا أن الدافع هو الوضع الاقتصادي، فأوروبا وضعها الاقتصادي أيضا متأزم جدا، فكيف يهرب الليبيون من وضع اقتصادي سيء إلى وضع ربما أسوأ”. ولفتت نور عبدالسلام أيضا إلى أن أوروبا أكثر جدية في عدم استقبال المهاجرين. وترى أن بلادها تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لا تهتم بدراسة أسباب هجرة أبنائها إلى الخارج، رغم خطورة الأمر. وقالت “الأمر لا يتوقف فقط عند الهجرة الرسمية التي تمر عبر إجراءات مقننة، بل إن الأمر تعدى ذلك”. وأضافت “الليبيون أصبحوا يهاجرون بطرق غير نظامية عبر مراكب الهجرة المنطلقة من شواطئ غرب البلاد نحو أوروبا، وهو أمر لم يسجل إلا في السنوات الأخيرة”.

مشاركة :