بكين - أعلنت إيران والسعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية التي شهدت قطيعة منذ عام 2016 إثر مفاوضات استضافتها الصين، وفق بيان مشترك نقلته اليوم الجمعة وسائل إعلام رسمية في البلدين، في خطوة من شأنها طي صفحة التوتر بين القوتين الإقليميتين، كما يأتي هذا التطور في وقت تمر فيه العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة بمرحلة حساسة بسبب ملفات عديدة من بينها ما يتعلق بسياسة المملكة النفطية. وذكر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية أنه إثر "مباحثات تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران". واتفقتا كذلك أن يعقد وزيرا خارجيتهما اجتماعا لتنفيذ الاتفاق وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة. وانقطعت العلاقات بين الرياض وطهران في العام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيا معارضا يُدعى نمر النمر، في حين خفضت دول خليجية أخرى علاقاتها مع طهران بعد الحادثة، لكن في سبتمبر/أيلول الماضي رحّبت الجمهورية الإسلامية بعودة السفير الإماراتي بعد غياب دام ست سنوات، فيما أعلنت إيران إن الكويت أرسلت أول سفير لها إلى إيران منذ سبعة أعوام. وأجرى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني الإثنين محادثات مكثفة مع نظيره السعودي في الصين من أجل حل المشكلات بين طهران والرياض بشكل نهائي، وفق وكالة "إرنا". وفي بيانهما المشترك، شكرت إيران والسعودية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 و2022، كما أعرب الجانبان عن "تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة الصين على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها". بدورها رحبت الخارجية العراقية بالاتفاق بين السعودية وإيران، معتبرة أن العلاقات بين البلدين ستدخل مرحلة جديدة، كما قالت وزارة الخارجية بسلطنة عمان في بيان اليوم الجمعة إن البلاد ترحب بالبيان الثلاثي بين الرياض وطهران والصين بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد رحب الخميس في دمشق بانفتاح دول عربية على سوريا بعد الزلزال الدامي الذي ضربها بشكل متزامن مع تركيا. وأكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض اليوم الجمعة أن الولايات المتحدة على علم بالتقارير التي تفيد باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، قائلا "بوجه عام، نرحب بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. يعد خفض التصعيد والدبلوماسية جنبا إلى جنب مع الردع من الركائز الأساسية للسياسة التي حددها الرئيس جو بايدن خلال زيارته للمنطقة العام الماضي". ولئن انقطعت العلاقات بين الرياض وطهران منذ حوالي سبع سنوات فإن البلدين اللذين يقفان على طرفي نقيض في العديد من الملفات الإقليمية الحساسة أجريا خلال العام 2021 أربعة لقاءات حوارية أمنية في العراق بهدف تحسين العلاقات. ويتصدّر النزاع في اليمن قضايا الخلاف بين السعودية التي تقود التحالف العسكري الداعم للحكومة الشرعية في مواجهة الحوثيين المتمردين، فيما تبدي الرياض قلقها من تغلغل النفوذ الإيراني في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان كما تتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية. وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد رحّب في العام 2022 بتصريحات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن علاقات الجوار بين المملكة وإيران، معتبرا أنها تظهر رغبة الرياض في استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
مشاركة :