رسائل اقتصادية وسياسية وراء انسحاب مصر من «اتفاقية الحبوب»

  • 3/11/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أثار إعلان مصر الانسحاب من «اتفاقية تجارة الحبوب» الأممية العديد من التساؤلات حول أسباب اتخاذ تلك الخطوة في التوقيت الحالي، بعدما تقدمت القاهرة بإخطار حول انسحابها اعتبارا من نهاية يونيو/حزيران المقبل من الاتفاقية التابعة للأمم المتحدة. أسباب اقتصادية اقتصر الرد الرسمي المصري في البداية على تصريحات مقتضبة من وزارة الخارجية لوكالة رويترز تؤكد فيها أن القرار اتخذ بعد تقييم قامت به وزارتا التموين والتجارة، وخلص إلى أن عضوية مصر في المجلس لا تنطوي على قيمة مضافة. لكن الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، تحدث لوسائل إعلام مصرية، اليوم السبت، عن أسباب أخرى كانت سببا في ذلك القرار، مشيرا إلى أن مصر انسحبت لأنها وجدت أن تكلفة الاشتراك في الاتفاقية أكبر من الفائدة التي تحصل عليها.     وأضاف مصيلحي: “قررنا الانسحاب من الاتفاق توفيرا للعملة الصعبة”. ووفقا للدكتور نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق، لوسائل إعلام. فإن انسحاب مصر من الاتفاق جاء نتيجة ضعف دور هذه الاتفاقية وعدم قدرتها على ضبط السوق العالمية، أو العمل على تحقيق صالح الطرفين من منتجي الحبوب والمستوردين في نفس الوقت، مشيرا إلى أن الاتفاقية كانت تحقق صالح المنتجين فقط. وأشار في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن دور الاتفاق كان غائبا في أزمات سابقة منها أزمة عام 2010 عندما استخدام الحبوب في إنتاج الوقود الحيوي ما أدى إلى زيادة الأسعار العالمية، وتضرر الدول المستوردة بصورة كبيرة، وكان من بينها مصر فضلا عن أزمة 2008، والتي شهدت ارتفاع الأسعار العالمية دون أي دور مؤثر لهذا الاتفاق. خلفيات سياسية وعلى الرغم من تركيز المختصين على الأسباب الاقتصادية التي تسببت في انسحاب مصر من الاتفاقية، لكن مراقبين للمشهد يرون أن ذلك الانسحاب يحمل أسبابا سياسية، لا سيما أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعدان من أبرز الموقعين على تلك الاتفاقية الدولية. ونقلت وسائل إعلام روسية تصريحات عن مستشار وزير التموين المصري الأسبق، نادر نور الدين، أكَّد فيها أن مصر نادت بأن يلعب أعضاء هذه الاتفاقية الأممية دورا في المساعدة على عدم استغلال الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة بعدم رفع الغرب لأسعار الغذاء بهذه النسب الضخمة، ولكنها لم تجد صدى لذلك وتضرر واقتصادها كثيرا من الأزمة.     ووفقا لتلك الرؤية فإن الأزمة الروسية تسببت في تراجع سيولتها من العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم، كما خلقت أزمة سيولة في العملات الأجنبية أدت إلى تراكم شحنات الحبوب في الموانئ المصرية وتأخير الإفراج عنها. وتأثرت مصر على مدار العام الماضي من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وما نتج عنها من ارتفاع أسعار الحبوب، وتسببت الحرب في زيادة تكاليف واردات مصر من القمح. وتعتمد مصر بشكل أساسي على استيراد القمح لإتاحة الخبز المدعم لأكثر من 70 مليون شخص من سكانها البالغ عددهم 103 ملايين نسمة. اتفاقية بلا جدوى يقول خبراء اقتصاديين في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن القاهرة رأت الاتفاقية غير ذات جدوى اقتصادية في الوقت الحالي، وأن القرار يحررها من هيمنة الدولار. ويأتي انسحاب مصر من (اتفاقية تجارة الحبوب) متعددة الجنسيات، في أعقاب فترة من الاضطرابات في أسواق الحبوب والمخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي العالمي على خلفية السياسة المالية غير المسؤولة لدول الغرب.   ووقعت مصر على الاتفاقية، التي تمثل المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، منذ انطلاقها في العام 1995. وتقدمت في فبراير/شباط الماضي بطلب للانسحاب منها اعتبارا من 30 يونيو/حزيران من العام الجاري. لكن المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب الذي يشرف على الاتفاقية أرنو بيتي صرح قبل يومين أن قرار السلطات المصرية “حدث دون إشارة مسبقة”، مشيرا إلى أن عددا من الأعضاء سيطالبون مصر بإعادة النظر في قرارها. ووفقا لنص المادة 29 من اتفاقية تجارة الحبوب فإنه يجوز لأي عضو الانسحاب من هذه الاتفاقية في نهاية أي سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابي بالانسحاب قبل 90 يوما على الأقل من نهاية السنة المالية. وكانت مصر المستورد الأكبر للقمح الأمريكي حتى عام 2005، لكنها تحولت تدريجيا إلي السوق الروسية، وأصبحت تستورد منه نحو 80% من وارداتها من القمح، بسبب قرب المسافة والتي تقل عن 10 أيام إبحارا بالمقارنة بنحو من 24-28  للقمح الأمريكي والكندي والأرجنتيني، فضلا عن انخفاض أسعار القمح الروسي عن كل من القمح الأمريكي والإسترالي دون وجود فارق في النوعية.

مشاركة :