الشطرنج رياضة ذهنية تعمل على تطوير العقل وتركيز الذهن، وتقوي الذاكرة وتَقي ممارسها من الإصابة بمرض الزهايمر، فاللاعب يعوّد دماغهُ على تخزين الحركات السابقة واللاحقة للقطع التي أمامه، ما يعلمه مهارات التحكم في الأعصاب وتعوده على الصبر والتروي، وتدربه على التحدي والمثابرة للوصول إلى الهدف، فضلاً عن تحفيز القدرات الذهنية للإبداع والابتكار واستخدام أساليب الحيلة وسبل المراوغة. رياضة الشطرنج تعتبر إحدى أهم الرياضات الذهنية التي تعمل على تطوير العقل وتركيز الذهن عند الصغار والكبار، واللعبة تعتمد على لوحة مُقسمة إلى 64 مربعاً يتداخل فيها اللونان الأبيض والأسود، ويتنافسُ في اللعبة شخصان، لكل منهما 16 قطعة، بأشكالٍ مختلفة، يحَركاها بمختلف الاتجاهات ضمن قوانين اللعبة. وهذه القطع مقسمة إلى 8 جنود (بيادق)، وحصانين، وفيلين، وقلعتين (رخين)، ووزير، وملك واحد لكل منهما، ويتصارعُ الفريقان لتحقيق الهدف، وهو إسقاط وتهديد الملك وحصاره بحيث يعجز عن الهروب، وهنا تنتهي اللعبة. واهتمت الشارقة بتلك الرياضة الذهنية، وأولتها اهتمامها، وسعت إلى نشرها بين أبنائها لجعلها ثقافة مجتمعية بين أفراد المجتمع لما لها من فوائد، فأنشأت نادي الثقافة والشطرنج للفتيات، في منطقة الدراري. وعن التعريف بالنادي والهدف ومنه والخدمات التي يقدمها، تقول كريمة حسن المعيني، رئيس مجلس إدارة نادي الثقافة والشطرنج للفتيات بالشارقة: النادي تأسس في مارس عام 1980م، وهو مخصص للمواطنات بين عمر 5 و35 عاماً، لتبني الموهوبات، ونهدف من خلاله جعل لعبة الشطرنج ثقافة مجتمعية سائدة تنمي العقول وتزكّي النفوس، من خلال المشاركة في الفعاليات ذات العلاقة للوصول إلى الريادة، وتعزيز الهوية الوطنية، ونشر اللعبة بين أفراد المجتمع وتوطيد وتطوير العلاقات الدولية باللعبة. وتضيف: ينظم النادي دورات تدريبية لجميع المستويات على أيدي مدربين محترفين، كما نعمل في النادي على تنظيم رحلات ترفيهية دورية للاعبات لكسر الروتين وتعريف العضوات ببعضهم. وعن أهم الإنجازات والجوائز التي حصلت عليها لاعبات النادي، تقول المعيني: حصلنا على المركز الأول في بطولة الدوري العام لفرق السيدات لعام 2016، والعام الماضي، حصلت اللاعبة فاطمة سيف آل علي، على المركز الثاني لفئة 10 سنوات في بطولة العرب الفردية في المملكة المغربية، كما حصلت اللاعبة خلود عيسى الزرعوني على المركز الأول في بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للسيدات. وفي بطولة الإمارات الفردية للفئات السنية، حصلت اللاعبة مريم محمد المعيني على المركز الثالث لفئة 8 سنوات، وفازت حنان خليل الحوسني بالمركز الأول لفئة 10 سنوات، وحصدت فاطمة سيف آل علي، على المركز الثالث لفئة 10 سنوات، كما فازت مريم حسين الحمادي على المركز الثاني لفئة 12 سنة. وتضيف المعيني: الشطرنج رياضة ذهنية تطوّر العقل، وتقيه من الإصابة بالأمراض المختلفة، كالزهايمر، مستقبلاً، وتعلمه مهارات التحكم في الأعصاب وتعوده الصبر والتروي، وتدربه على التحدي والمثابرة للوصول إلى الهدف، تحفز القدرات الذهنية على الإبداع والابتكار واستخدام أساليب الحيلة وسبل المراوغة نتيجة التركيز على استخدام النصف الأيمن من الدماغ، ما يفيد الشباب والأطفال في زيادة التحصيل الدراسي والتفوق العقلي على زملائهم. وتشير إلى أن الدراسات أكدت أن لعبة الشطرنج تعمل على تنشيط عمل الدماغ بجزأيه الأيمن والأيسر، فضلاً عن تحسين قدرة العقل الباطن على التركيز، فهي رياضة التركيز الأولى في العالم، كما تزيد من قدرة اللاعب على الاستيعاب، وتعمل على تطوير تقنيات حل المشكلات الحياتية الصعبة، وتزيد من معدل الذكاء الحسي لدى اللاعبين بغض النظر عن أعمارهم، وفق ما تقوله المعيني. عبير علي محمد (19 سنة)، تتحدث عن التحاقها بالنادي بعد أن اكتشفت معلمتها ذكاءها وتفوقها، ونصحتها بتنميته بالالتحاق برياضة ذهنية تساعدها على زيادة التركيز، قائلة: التحقت بنادي الشطرنج والثقافة للفتيات بالشارقة وأنا عمري 9 سنوات، وأحببت اللعبة كثيراً على الرغم من الصعوبات التي واجهتها في بداية التدريب، وبعد ذلك نصحت أقاربي بالالتحاق بالنادي لأنها رياضة مناسبة للفتيات وتنمي قدراتهن الذهنية. ومن أهم الإنجازات التي حققتها، كانت الحصول على الميدالية البرونزية في المغرب، وكانت أول بطولة تشارك فيها، إلى جانب أنها المرة الأولى التي تسافر فيها للعب، فكانت تعتبر بالنسبة لها تحدياً كبيراً. وتعدد عدة عوامل ساعدتها في الحصول على المراكز المتقدمة في البطولات، منها التركيز وتجنب تشتت الانتباه قبل البطولة وصفاء الذهن وعدم الانشغال بالهاتف، كما تعتمد الشطرنج على الرياضيات والحسابات والاحتمالات، فلكل خطوة حساباتها المختلفة. كانت والدة خلود الزرعوني، تبحث لابنتها عن رياضة تهذب الروح والعقل، فلم تجد أفضل من الشطرنج بديلاً. وتقول خلود: رحلتي مع اللعبة بدأت بعد ما بدأت والدتي بالبحث عن رياضة مناسبة للفتيات تنمي مهاراتها، لذلك ألحقتني بنادي الشطرنج والثقافة للفتيات بالشارقة منذ كان عمري 7 سنوات، وفي البداية كان مجرد تسلية وترفيه ولا يوجد هدف أمامي أو طموح أسعى إليه، إلا أنني وجدت اللعبة مناسبة لشخصيتي وطباعي فهي مثلي رياضة هادئة، وبمرور الوقت وجدت صديقاتي يحصلن على ألقاب وجوائز، ومن هنا بدأت أتحمس وأركز بشكل أكبر في اللعبة، وأتدرب بشكل مكثف لأحصل على لقب كأس صاحب السمو رئيس الدولة 2014 و2015. أصغر مواطنة تحقق ذهبية بطولة العرب نورة محمد (27 عاماً)، إحدى منتسبات نادي الشطرنج والثقافة بالشارقة، حصلت على لقب أصغر لاعبة إماراتية تحصد ذهبية بطولة العرب، كما تحمل لقب أستاذ اتحاد دولي. تقول: نشأت في أسرة يهتم أفرادها بلعبة الشطرنج بشكل كبير، فكان كل إخوتي يمارسونها، لذا بدأت في لعبها منذ كان عمري 6 سنوات، وتوقفت لفترة، ثم عدت مرة أخرى، وانضممت للمنتخب. وكانت بطولة العرب، أول بطولة لي في سن 13 عاماً، وحصلت على المركز الثالث تحت 14 سنة، وشاركت فيها في العام التالي لأفوز بالمركز الأول. عن تأثير اللعبة في شخصيتها، تقول: تأثرت بها بشكل كبير، فتعلمت منها الصبر وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، فضلاً عن قوة التركيز وعدم التأثر بالجو المحيط، وأفادني ذلك في دراستي كثيراً ومكنني من التركيز في الدراسة، حتى وإن كان الجو من حولي غير هادئ، ما انعكس على تفوقي في الدراسة. وقابلت صعوبات أثناء فترة الدراسة الجامعية بالتوفيق بين ساعات التدريب والمذاكرة، نظراً لضغط المواد في قسم المحاسبة بجامعة الشارقة، وقلة البطولات الخارجية المخصصة لما فوق 20 عاماً، إلا أنني أستعد حالياً للمشاركة في بطولة آسيا في أبوظبي وأطمح في الحصول على مركز متقدم.
مشاركة :