أكدت القوات المسلحة السودانية، التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية، والتقيد بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري، الذي يفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية وقيام حكومة بقيادة مدنية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية لحين قيام الانتخابات. وقال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، أمس، إن «مزايدة البعض بمواقف القوات المسلحة محاولات مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف وعرقلة مسيرة الانتقال، لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب ووعي ثوار وثائرات وشباب بلادنا، حراس ثورة الشعب ثورة ديسمبر المجيدة، ومن هذا المنطلق نؤكد لشعبنا أن قواته المسلحة ستبقى أملاً مستداماً ومرتجى، ورفيقاً وفياً لاستكمال مسيرة الثورة». إلى ذلك، انطلق في الخرطوم، أمس، مؤتمر «العدالة والعدالة الانتقالية»، في إطار المرحلة النهائية للعملية السياسية بالبلاد. وينظم المؤتمر بشراكة بين الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، واللجنة العليا للعدالة والعدالة الانتقالية «تتشكل من المجتمع المدني، خبراء، الموقعين على الاتفاق الإطاري». وفي كلمة خلال المؤتمر، قال وزير العدل السوداني السابق، نصر الدين عبد الباري، إن «الهدف من المؤتمر هو كيفية تنفيذ العدالة الانتقالية». وأضاف، أن «هذا التنفيذ يقودنا للحديث عن الاستراتيجيات التي تتبع أحياناً للحديث عن العدالة الانتقالية». وأردف: «أي عملية لمعالجة انتهاكات الماضي ينبغي أن تكون عملية شاملة تشمل الأطر المختلفة للعدالة الانتقالية وذلك يشمل المحاكمات الجنائية ولجان الحقيقة والمصالحة والمؤسسات التي تؤسس لجبر الخواطر والضرر والإصلاحات المؤسسية والقانونية». و«العدالة والعدالة الانتقالية»، هي من قضايا الاتفاق النهائي التي اتفقت عليها الأطراف المدنية والعسكرية بالسودان، وتشمل أيضا 4 قضايا أخرى هي: «السلام، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة وتفكيك نظام 30 يونيو 1989 (نظام الرئيس المعزول عمر البشير)، قضية شرق السودان». وأكد خبراء سودانيون لـ«الاتحاد»، أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن السودان وضع إطاراً زمنياً لإنهاء العقوبات المفروضة على السودان منذ عام 2004. وقال الدكتور محمد خليفة صديق أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية، إن القرار رغم ظاهره المؤيد للعقوبات إلا أنه يعتبر قراراً تاريخياً؛ لأنه يضع إطاراً زمنياً لإنهاء العقوبات، أو ما يعرف بـ«بند الانقضاء»، لتدابير نظام العقوبات الذي فرضه المجلس على السودان منذ عام 2004. وأوضح صديق، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القرار وجد ترحيباً من ممثلي دول لها علاقة بالشأن السوداني، حيث أكدوا أن العقوبات التي فرضت بسبب النزاع المسلح في دارفور لم تعد تلائم واقع الحال في دارفور اليوم. وأضاف: «من الواضح أن الهدف من إضافة (بند الانقضاء)، من أجل تغيير صيغة العقوبات من (نظام مفتوح بلا نهاية)، وهو ما أدى سابقاً إلى عدم قيام المجلس بتعديل أو مراجعة تدابير العقوبات منذ التسعينيات من القرن الماضي، إلى صيغة محددة زمنياً، تتطلب من المجلس الآن، ولأول مرة منذ ما يقارب الـ18 عاماً، مراجعة تدابير العقوبات في سبتمبر 2024. وأكد صديق أنه ينبغي على الحكومة السودانية من أجل إنهاء هذا الوضع والوصول لنهايات مقبولة أن تسرع في تنفيذ اتفاقيات السلام، ومنها اتفاقية جوبا للسلام، ووقف إطلاق النار بالإقليم وتطبيق الخطة الوطنية لحماية المدنيين وإجراء السلم والمصالحات الأهلية، وتنفيذ العدالة الانتقالية. من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي السوداني الهندي عز الدين، أن العقوبات المفروضة على السودان متعلقة بدارفور بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1591، ولكن لا أثر لها على الأرض، حيث إنها تفرض حظراً على الجيش السوداني في وصول السلاح الثقيل لدارفور، كما أنها فرضت عقوبات على 4 شخصيات عسكرية وقبلية تقاعدت منذ سنوات. وقال عز الدين، في تصريح لـ«الاتحاد»: «حالياً لا توجد حرب في دارفور، بل نزاعات قبلية محدودة ومتقطعة، كما أنه حتى في وقت القرار واشتعال الحرب لم يكن هناك تقيد من الحكومة بتقييد حركة وتسليح الجيش في دارفور، لكنها عقوبات معنوية، وقد تم الاتفاق على أن تستمر حتى أغسطس 2024 مع إمكانية إلغاء العقوبات أو تخفيضها خلال هذه الفترة». وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني الدكتور محمد تورشين لـ«الاتحاد»، إن قرار مجلس الأمن يجدد دورياً، لكنه خضع هذه المرة لتصويت من قبل أعضاء مجلس الأمن الذين صوتوا لصالح هذا القرار. وأضاف تورشين أن «الغرض من هذه القرارات اتخاذ تدابير تسهم بشكل أو بآخر في تحقيق الأمن والاستقرار في السودان، وهي ليست عقوبات جديدة ولكن تدابير روتينية اتخذت منذ اندلاع الحرب في دارفور، ولكن الأمر المؤسف أن آليات الأمم المتحدة ومجلس الأمن لفرض الأمن على أمر الواقع تواجه العديد من التحديات، منها عدم قدرتها على تنفيذ ذلك إلا من خلال تعاون الدول، التي غالباً ما لا تستجيب للقرارات الدولية أو تكون استجابتها محدودة، مما يجعل القرارات الأممية حبراً على ورق، ويفاقم الأوضاع الإنسانية للمواطنين العزل الذين هم ضحايا هذه الصراعات».
مشاركة :