وحده الفيلم الألماني "آل كوايت أون ذي ويسترن فرونت" نجح في إثبات وجوده أمام هذا الفيلم الطويل المفعم بالغرابة، إذ نال العمل المقتبس من رواية عن الحرب العالمية الأولى أربع جوائز أوسكار، بينها أفضل فيلم دولي. ويروي "إفريثينغ إفريوير آل أت وانس" الذي يجمع عناصر الحركة والكوميديا والخيال العلمي، قصة مالكة مغسل تدعى إفلين، تؤدي دورها ميشيل يو، أنهكتها مشكلاتها الإدارية مع سلطات الضرائب، وانغمست فجأة في مجموعة عوالم موازية. وحصد الفيلم معظم الجوائز السينمائية التي وُزعت قبل حفلة الأوسكار، بفضل حبكته التي تقوم على أفكار مؤثرة عن حب العائلة، تولى ترجمتها على الشاشة فريق عمل لامع معظمه أعضائه من الآسيويين. وكان لهيمنة الآسيويين على طاقم عمل الفيلم، رمزية كبيرة في هوليوود التي تواجه منذ سنوات انتقادات على خلفية نقص التنوع فيها. وقالت الماليزية ميشيل يو، بطلة الفيلم وأول امرأة من أصل آسيوي تفوز بأوسكار أفضل ممثلة "شكراً للأكاديمية، نحن نكتب التاريخ". عوالم غريبة وفي الفيلم، تصبح المهاجرة الصينية التي تؤدي دورها ميشيل يو بمنزلة الأمل الأخير للبشرية، إذ تواجه شريرةً خارقة تهدد "الكون المتعدد" برمّته، يتبين أنها الأنا الأخرى لابنتها التي تعاني اكتئاباً. وللتمكّن من ذلك، يتوجب عليها استخدام قوى مختلف حيواتها البديلة، من خلال عوالم غريبة، تكون لبعض البشر فيها مثلاً نقانق "هوت دوغ" بدلاً من الأصابع. وتقاسم مخرجا هذا العمل الغريب، دانيال شينرت ودانيال كوان، جائزة أوسكار أفضل مخرج. وعلى المسرح، شكر الأول والديه على دعمهما لأفكاره المبتكرة. وقال "شكراً لأنكما لم تخنقا إبداعي عندما كنتُ أصنع أفلام رعب مزعجة أو أعمالاً كوميدية منحرفة". وحصد نجما الفيلم الآخران، كي هوي كوان وجيمي لي كورتيس، جائزتي أفضل أداء تمثيلي في دور ثانوي لدى الجنسين. وقد انهار كلاهما بالبكاء على المسرح عقب الفوز. وبالنسبة للممثل المتحدر من أصل فيتنامي والذي يؤدي دور زوج إفلين، يشكل الفوز بالأوسكار رد اعتبار مدوياً، بعدما اضطر كي هوي كوان في تسعينات القرن الماضي إلى تعليق مسيرته التمثيلية في ظل نقص الأدوار في هوليوود للممثلين المتحدرين من أصل آسيوي. وكان جمهور السينما قد تعرّف لأول مرة على هذا الممثل حين كان في سن 12 عاماً في فيلم "إنديانا جونز أند ذي تمبل أوف دوم" ("Indiana Jones and the Temple of Doom"). وقال "لا أصدق أن هذا يحصل لي. هذا الحلم الأميركي". جوائز "الميدان الغربي" وإلى جانب اكتساح "إفريثينغ إفريوير آل أت وانس" الذي نال أيضاً جائزتي أفضل سيناريو أصلي وأفضل توليف، فرض الفيلم الألماني "آل كوايت أون ذي ويسترن فرونت" نفسه من خلال فوزه بأربعة أوسكارات. فقد حصل "آل كوايت أون ذي ويسترن فرونت" ("كل شيء هادئ في الميدان الغربي" بحسب الترجمة المعتمدة من "نتفليكس"، واسمه بالنسخة الأصلية "Im Westen Nichts Neues") على جائزة أفضل فيلم دولي، وعلى مجموعة من المكافآت الفنية في فئات التصوير والديكور والموسيقى الأصلية. وقال إدوارد برغر الذي تولى إخراج هذا الاقتباس الثالث، الأول بلغة غوته، من رواية الألماني إريش ماريا ريمارك الشهيرة عن أهوال الحرب العالمية الأولى "شكراً. هذه الجائزة تعني لنا الكثير". وانتزع برندان فرايرز جائزة أفضل ممثل عن أدائه المؤثر كمدرّس بدين منعزل في منزله في فيلم "ذي وايل"، فيما فاز فيلم "غييرمو ديل توروز بينوكيو" ("Guillermo del Toros Pinocchio")، وهو نسخة قاتمة عن قصة الأطفال الشهيرة "بينوكيو" حول الدمية الحية ووالده نحات الخشب المسن، بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة. الصفعة حضرت وكانت صفعة ويل سميث للفكاهي كريس روك التي عكرت صفو حفلة الأوسكار العام الفائت حاضرة في عدد من دعابات الفكاهي جيمي كيميل الذي تولى تقديم الأمسية. وقال كيميل بلهجة الدعابة "إذا أقدم أيّ كان في هذا المسرح على عمل عنيف في أي وقت خلال الاحتفال، ستفوزون بأوسكار أفضل ممثل وستتمكنون من إلقاء خطاب لمدة 19 دقيقة". وتعرّضت الأكاديمية لانتقادات في العام الفائت لكونها سمحت لسميث بتسلم جائزة أفضل ممثل على المسرح بعد صفعه كريس روك. وصدر بعد ذلك قرار بمنعه من حضور الحفلة لمدة عشر سنوات. ولم تتخلل الحفلة أية مشاكل، وكان بدايتها قوية، إذ حلقت طائرتان مقاتلتان تابعتان لمشاة البحرية الأميركية فوق هوليوود، في إشارة إلى فيلم "توب غَن: مافريك" الجماهيري الذي ساهم أخيراً في إنعاش دور السينما وإعادة المشاهدين إلى الصالات بعد أزمة الجائحة. ومن المحطات البارزة الأخرى خلال الأمسية، وصلتان غنائيتان للنجمتين ليدي غاغا وريهانا، وقد أدت كل منهما الأغنية التي كانت مرشحة عنها. كذلك استمتع الجمهور برقصة على طريقة السينما الهندية على أنغام أغنية "ناتو ناتو" من فيلم "آر آر آر" التي حازت جائزة أوسكار. ويترقب المنظمون إحصاءات المشاهدة التفلزيونية ليعرفوا ما إذا كانت الحفلة نجحت في استقطاب الجمهور مجدداً. ورغم الارتفاع في عدد المشاهدين، بفعل الصفعة الشهيرة خصوصاً، سجلت حفلة الأوسكار العام الماضي ثاني أسوأ نسبة مشاهدة في تاريخ الحدث. وعلى غرار قطاع السينما برمته، يسعى القائمون على هذه المناسبة الأبرز على صعيد المكافآت الهوليوودية، إلى أن يثبتوا أن مكانها لا يزال محفوظاً في عالم ما بعد الجائحة.
مشاركة :