طهران - أصدر القضاء الإيراني اليوم الاثنين قرارا بالإفراج عن 82 ألف شخص من بينهم 22 ألف متظاهر اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد نهاية العام الماضي، في وقت تسعى فيه طهران إلى طيّ صفحة أعنف حراك احتجاجي تشهده الجمهورية الإسلامية التي تلتصق بها اتهامات داخلية ودولية بقمع المظاهرات واحتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص دون تهم واضحة، ما جلب لها عقوبات غربية عمّقت عزلتها وفاقمت أزماتها الاقتصادية والاجتماعية. وقال رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي في كلمة أمام اجتماع لمجلس القضاء الأعلى إن "هذا القرار تم إثر مرسوم أصدره المرشد الأعلى علي خامنئي في فبراير/شباط الماضي"، مضيفا أن العفو شمل المحتجين الذين لم يرتكبوا جرائم سرقة أو عنف ومن لم تصدر أحكام قانونية والذين اعتقلوا في الاحتجاجات المناهضة للنظام التي اجتاحت البلاد إثر وفاة الشابة مهسا أميني أثناء توقيفها من طرف شرطة الأخلاق المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء. وبدأت الاحتجاجات برفع شعارات مناهضة لإلزامية ارتداء الحجاب ورفض ممارسات أفراد شرطة الأخلاق، قبل أن تتسع وتتطور إلى حد المطالبة بإسقاط النظام السياسي الحالي برمّته. وتحدث المسؤول عن العفو عمّا مجموعه 82 ألفا و656 سجينا، في حين لم يشمل المدانين بالتجسس لحساب وكالات أجنبية، أو الانتماء إلى جماعات معادية لإيران. وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية قد أشارت في وقت سابق إلى أن خامنئي "يمكنه العفو عن الكثير من المحتجين الذين شاركوا في التظاهرات وذلك قبل حلول شهر رمضان المبارك". واعترفت إيران في فبراير/شباط الماضي باحتجاز عشرات الآلاف في الاحتجاجات، كما أصدر المرشد الأعلى أول قرارات العفو، فيما تباينت مواقف المسؤولين الإيرانيين في وقت سابق حول طريقة التعامل مع الاحتجاجات وسط انقسام بين شقين، يدفع الأول إلى اعتماد القمع لإخمادها نهائيا، بينما يحث الثاني على توخي سياسية التهدئة والاستجابة لعدد من مطالب المحتجين. وسبق للسلطات الإيرانية أن أعلنت عن شروط العفو عن موقوفي الاحتجاجات ومن بينها "عدم ارتكاب التجسس لصالح الأجانب، عدم الاتصال المباشر بعملاء المخابرات الأجنبية، عدم ارتكاب القتل والإيذاء المتعمد، عدم التدمير وإحراق المرافق الحكومية والعسكرية والعامة وعدم وجود مدع خاص". وأكدت أن العفو سيستثني من اتُهموا بما وصفته بـ"الفساد في الأرض" وهي جريمة قاسية العقوبة كما لا يشمل مزدوجي الجنسية الذين تحتجزهم إيران في إطار إستراتيجية "دبلوماسية الرهائن" ووجهت للعديد منهم تهما تتعلق بالجوسسة. ويتزامن عفو النظام الإيراني على الآلاف من المعتقلين مع تصاعد الغضب الشعبي إزاء قضية هجمات التسميم التي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني، فيما لا تزال السلطات عاجزة عن تفكيك لغزها ولجأت إلى حملة إيقافات في خطوة لخفض حدة الاحتقان. كما يأتي هذا القرار في خضم التوتر بين طهران والغرب وتتالي العقوبات المسلطة على إيران والتي ردت عليها بالمثل، بالإضافة إلى تعثر مباحثات إحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 ومطالبة قوى دولية برد قوي بعد المعطيات الأخيرة التي تشير إلى اقتراب الجمهورية الإسلامية من صنع القنبلة الذرية. وكانت جماعة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النرويج قد أطلقت في وقت سابق نداء أكدت من خلاله أن نحو مئة من المحتجين المعتقلين على الأقل ربما يواجهون عقوبة الإعدام، في حين وجهت منظمة العفو الدولية انتقادا للسلطات الإيرانية بسبب ما وصفته بـ"محاكمات صورية لترهيب المشاركين في انتفاضة شعبية هزت إيران".
مشاركة :